المنوعات

شيء عابر لسمر الزعبي.. قسوة الحياة

15 مايو 2018
15 مايو 2018

عمّان ـ «العمانية»: في مجموعتها الثانية «شيء عابر»، تكشف القاصة سمر الزعبي عن قدرتها على الانتقال من مربع إلى آخر في الأسلوب الأدبي وعلى مستوى الموضوعات، دون أن تتخلى عن بصمتها في تحويل الواقعيّ إلى فنّي.

ففي قصص هذه المجموعة، وهي الثانية لها بعد «تنازلات» (2017)، تتجه الزعبي نحو مزيد من التكثيف، والاعتناء بالصور، والتحليق في عالم الخيال، والحرص على التعبيرية في الحوارات، وفي الوقت نفسه نهل المضامين والقضايا من الحياة اليومية بما تشتمل عليه من متناقضات.

وفي كلمتها التي جاءت بمثابة مدخل إلى عوالم المجموعة، تقدم الزعبي عيّنة من تقنيتها القصصية وبصمتها التي ستؤشر عليها لاحقًا، تقول: «قال: (اعدمي بطلَكِ)، فجعلْتُه البطلَ والحكايةَ والرّمزَ والحبكة. لو غابَ شخصُه يجتاحُ عطرُه السّطورَ، تجد ربطةَ عنقه في نَصٍّ ولو لم يرتَدِها، أو أوراقَ قصائده التي لم يكتبها بعدُ، وفي نصٍّ آخر يدوسُ عليها فأُسقِطُ المشهد، قد تجد مفاتيحَ بيته التي أضاعَها منذ الحرف الأوّل، أو سـيارتَه التي تنقلُهُ وأنثاهُ من نصٍّ إلى آخر، قد يتوقّفان عندَ حدوده، لكنّ العجلات ستمضـي حتى النهاية، وإن غابَ هذا كلُّه أو غيره فإنّه حاضـر في شعورها تجاهَه..

ينضُج ويكتمل كيفما اتّفق، فمَن مثله لا يُعدَمُ». ورغم أن الأحداث قد تستغرق في الواقع زمنًا طويلًا، واقعيًا وشعوريًا، إلا أن الكاتبة تختصرها بعبارتها المكثفة، وسردها المتواتر، الذي يجعل الزمنَ أكثر فاعلية، وأكثر وقعًا وتأثيرًا، كما في قصة «رفعت»، إذ إن تحديد الزمن بالساعة والدقيقة يضفي على الأحداث توترًا، يجعل أنفاس القارئ تلهث في ملاحقتها ومتابعة سيرورتها، ومع ذلك فهي لا تروي ظمأ القارئ، إذ تترك الكاتبة نهاية قصتها مفتوحة، دافعة القارئ لمزيد من المتعة في إعادة قراءة الأحداث وتوقّع النتائج.

في هذه المجموعة الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» بعمّان، تريد القاصة أن تقول للقارئ إنّ الأشياء الكبيرة، مثل انتحار فتاة بسبب قصة حب، قد تبدو شيئًا عابرًا لكثيرين في زخم الحياة المتسارع الذي لا يرحم، فكم هي قاسيةٌ هذه الحياة!