1334367
1334367
المنوعات

درب الجبل يكشف وجوها خفيّة لتنوّع لبنان البيئي والثقافي

11 مايو 2018
11 مايو 2018

اهمج، (لبنان)، (أ ف ب)- تسعى جمعية لبنانية من خلال رحلات استكشاف طويلة في الجبال يشارك فيها لبنانيون وأجانب، للتعريف بالطبيعة الخلابة المتنوّعة وأيضا للتنبيه على المخاطر المحدقة بالبيئة في هذا البلد الذي يعاني قدرا كبيرا من التلوث والفوضى العمرانية.

وتنظّم جميعة «درب الجبل» هذه الرحلات مرتين سنويا، في الربيع والخريف، وهي تجوب مسارات جبلية تقطع البلد المتوسطي ذا المناخ المعتدل، من شماله إلى جنوبه.

ويقول سامي بيضون (76 عاما) وهو من المشاركين في رحلة ربيع هذا العام لمراسل وكالة فرانس برس: «أشارك منذ زمن في هذه الرحلات، ما زلت أحافظ على صحتي بفضل المشي».

ويضيف فيما هو يحزم أمتعته استعدادا للانطلاق صباحا مع مجموعته من قرية إهمج الواقعة على ارتفاع 1100 متر على بعد 60 كيلومترا من العاصمة «نعتمد على خرائط وأجهزة تحديد الموقع الجغرافي، نتعرف على جمال الطبيعة في لبنان والتنوع البيئي من الشمال إلى الجنوب».

إضافة إلى اللبنانيين الراغبين في الهرب من ضجيج المدن وتلوّثها، والتعرّف على جوانب مخفيّة من بلدهم الصغير، تجذب هذه الرحلات عشرات المهتمين من أجانب لا تثنيهم أخبار العنف والاضطرابات التي يتداولها الإعلام العالمي عن الشرق الأوسط، عن خوض هذه المغامرة.

ويقول مرشد المجموعة كريستيان أخرس لوكالة فرانس برس: «لدينا هذا العام مشاركون أجانب من أكثر من عشرين جنسية».

ويضيف وهو يعطي الإرشادات الأخيرة لمساعدته قبل الانطلاق في مرحلة جديدة من الرحلة الممتدة على ثلاثين يوما: «لا نواجه أي مشكلة أمنية. حتى في الأوقات التي شهد فيها البلد اضطرابات، كان ذلك لا يحول دون إتمام المسار وكان الأجانب يحجزون للمشاركة مع أن بعض اللبنانيين كانوا يتخوفون من ذلك». ومن المشاركين الأجانب الهولندي إيف وينيك، وهو مسؤول في مؤسسة صحية في الثالثة والستين من العمر، قصد لبنان للمشاركة في هذه المغامرة.

ويقول: «لم أشعر بالخوف للمجيء إلى لبنان، كنت أتساءل فقط ماذا يعني الاقتراب من الحدود السورية وهل سنكون في خطر بسبب ذلك».

لكن أي شعور بالقلق تبدد مع بدء الرحلة، «فالناس هنا كرماء، والتواصل معهم سهل باللغات الأجنبية».

ويضيف: «أمّنت لي هذه الرحلة التعرّف على الطبيعة اللبنانية واللقاء بخلفيات دينية وثقافية واجتماعية متعدّدة» على طول الطريق.

تنتقل مجموعات الرحّالة من منطقة مرجعيون في جنوب لبنان إلى بلدة عندقت في أقصى الشمال، وهي تسلك بذلك أكثر من 400 كيلومتر في طرقات جبليّة متعرّجة، مقسّمة على 27 مرحلة، تضع في ختام كلّ منها رحالها في بيت ضيافة أو نزل مملوك لعائلة أو لهيئة محليّة. ويقول كريسيتان أخرس: «في البدء كان سكان القرى النائية يستغربون مرورنا وخصوصا بسبب الأجانب، لكنّهم الآن اعتادوا علينا، وصار مشروعنا يدرّ المال على اقتصاد هذه القرى».

وإذا كان المشاركون الأجانب، من أستراليا وكندا وسويسرا وهولندا وبلجيكا وغيرها، يستمتعون باكتشاف التنوّع البيئي والثقافي في لبنان، فإن اللبنانيين أنفسهم يدركون في هذه الرحلات وجود وجه آخر لبلدهم لم يتسنّ لهم التعرّف عليه من قبل. ويقول سامي هوشر، وهو رجل ستيني يعمل في قطاع المطاعم: «تعرّفنا في هذه الرحلات على أشياء لا نعرفها عن بلدنا، هناك أنواع من المأكولات التي تُحضّر في القرى لا نعرف عنها شيئا نحن أبناء بيروت». ويضيف سامي هوشر الذي كان يشارك في رحلات مماثلة في أوروبا قبل أن يتعرّف على هذه المجموعة: «جبال لبنان لا ينقصها شيء عن أي مكان في العالم..لكن التلوّث والكسّارات كارثة كبرى». ويعاني لبنان من نسبة كبيرة من التلوّث الجوّي وانتشار النفايات في غاباته وأحراجه وشواطئه، وعجز السلطات عن التوصّل لحلّ بيئي لمعالجة هذه النفايات. إضافة إلى ذلك، تنتشر الكسّارات في الجبال اللبنانية فتقضمها وتشوّهها وتزيلها تماما في بعض الأحيان، لحساب شركات صناعة الأسمنت المستخدم في البناء، وهو أمر يثير استياء الجمعيات البيئية والسكان على حد سواء.

ويقول كريستيان أخرس: «أكبر المشاكل التي نعاينها هي التدهور البيئي، من مكبات وكسّارات وتلوث، نحاول أن نتعاون مع البلديات في ذلك، نوفّق في بعض الأمور، وهناك أشياء لا يمكننا معالجتها».

في ظلّ عجز السلطات عن حلّ أزمة النفايات والتلوّث والحفاظ على البيئة والطبيعة الخلابة الذي يُشتهر بها هذا البلد المتوسّطي، تنبري منّظمات غير حكومية وجمعيات محلية وأفراد لتعويض ما يمكن تعويضه.