oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

ضرورة وضع النقاط على الحروف

08 مايو 2018
08 مايو 2018

في الوقت الذي شكّلت فيه عُمان ، ولا تزال تشكّل ، ركيزة حضارية ، قوية وراسخة ، وذات امتداد وتأثير واسع النطاق في الحضارة الإنسانية ، منذ فجر التاريخ ، وعلى امتداد حقبه المتتالية ، وهو ما يسجله التاريخ والتراث الحضاري الإنساني في انصع صفحاته ، فإن هذا الإسهام التاريخي المتواصل ، حرص حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - على الحفاظ عليه ، بل وجعله ركيزة من ركائز النهضة العمانية الحديثة ، باعتبار أن من ليس له ماض لن يكون له مستقبل ، وأن الماضي العماني يتجسد شامخا في كل مفردات التراث العماني المادي وغير المادي ، على الأرض العمانية الطيبة وعلى امتداد دوائر واسعة خارجها أيضا .

ومع اليقين بأن التاريخ الإنساني بوجه عام ، والتاريخ والتراث العماني بوجه خاص ، أقوى وأكثر تجذرا ورسوخا من أي تيارات هوائية عابرة ، أو أي محاولات مكشوفة للتطاول أو التلاعب أو التزييف أو الادعاء على أي نحو ، لأنه ببساطة تاريخ عماني عريق ، متصل ومتواصل دون انقطاع ، ومحفوظ كذلك في أقدم المؤلفات ودوائر المعارف و الخرائط المرجعية في المتاحف العالمية ومراكز البحوث الجادة ، فإنه من الأهمية بمكان ، ولو على فترات متباعدة ، وضع بعض النقاط على الحروف ، فقط من أجل بيان بعض جوانب التاريخ العماني الأصيل والممتد والضارب في أعماق الزمن ، ومن أجل إيضاح ولو بعض الحقائق التاريخية ، على نحو علمي وموثق ، تذكيرا للأجيال الحاضرة ببعض جوانب ما حققه الآباء والأجداد من إنجازات نعتز ونفخر بها كعمانيين امس واليوم وغدا ، وحفزا لهم أيضا للعناية بموروثهم الحضاري والتراثي ، الذي يحظى بكل رعاية من جانب المقام السامي لجلالة القائد المفدى -أبقاه الله- .

في هذا الإطار العماني والإنساني والتاريخي الواسع والشامل ، تنطلق اليوم بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر ببوشر « الندوة الدولية المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني « وذلك برعاية معالي عبد العزيز بن محمد الرواس مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية ، وينظم الندوة « مركز الخليل بن احمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية « بجامعة نزوى ، وتستمر الندوة الدولية على مدى يومين ، حيث تشهد تقديم عدد من الأوراق العلمية لباحثين ومتخصصين وعلماء من داخل السلطنة وخارجها ، وتتناول الندوة سيرة المهلب بن أبي صفرة كواحد من علماء عُمان الأفذاذ ، وكذلك تاريخ آل المهلب في المصادر العمانية والعربية والأجنبية ، والجوانب التاريخية والأدبية و الأثرية للمهالبة في عمان والعراق . وبينما تلقي هذه الندوة الدولية ، وغيرها من الندوات ، التي تعقد داخل السلطنة وخارجها ، بعض الضوء على جوانب نفخر ونعتز بها من تاريخنا العماني ومن إسهام عُمان الحضاري ، فإن جهدا ضروريا ينبغي القيام به ، على كافة المستويات العلمية والثقافية والتاريخية والأثرية ، والوثائقية أيضا ، لوضع بعض النقاط على الحروف ليقرأها أبناؤنا وبناتنا ، وجميع المعنيين والمهتمين بتاريخ هذه المنطقة ، فحقائق التاريخ وثوابته أقوى وأكثر وضوحا وثباتا من أن يغيرها الزمن بتغيراته وأحداثه المتلاحقة .