أفكار وآراء

بومبيو وترامب – مواقف شديدة التقارب

04 أبريل 2018
04 أبريل 2018

بول بيلار- نيويورك تايمز -

ترجمة : قاسم مكي -

أعلن الرئيس الأمريكي ترامب الثلاثاء (13 مارس) أنه سيرشح مايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية لتولي حقيبة وزارة الخارجية بعد إقصاء ريكس تيلرسون. هذا خبر سيئ لأمريكا وللعالم، على حد قول الصحيفة الأمريكية . فإذا تمت المصادقة على تعيينه لن يجلب بومبيو معه (الى الوزارة) حصافة وموضوعية رئيسِ استخباراتٍ سابق ولكنه سيأتي إليها بعادات مُتَمَذْهِبٍ شرس( في تمذهبه.) إنها بالضبط تلك الصفة التي ظل يتصف بها كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية في هذا المنصب غير الحزبي.

لقد ظل بومبيو المدير الأكثر تسييسا للوكالة منذ ويليام كيسي في أعوام الثمانينات. وخرج مرارا وتكرارا عن دوره المرسوم له كمدير استخبارات ليتحول إلى نصير للسياسات المتشددة . وتُؤذِن النزعة الحزبية الفظة التي أبداها كعضو في الكونجرس بطريقة أدائه في وزارة الخارجية في المستقبل. إن بومبيو مدافع مخلص عن ترامب ويعكس (صدى) تفضيلاته في المسائل الكبرى للأمن القومي والسياسة الخارجية. وهذا في الغالب هو السبب الرئيسي وراء منحه منصب الدبلوماسي الأول للولايات المتحدة الذي كان يشغله تيلرسون. وكوزير للخارجية سيعزز بومبيو ميول ترامب الأكثر سلبية حول قضايا رئيسية عديدة تشمل:-

أولا، إيران

في تعليقه للصحفيين حول تعيين بومبيو، خَصَّ ترامب الاتفاق النووي الإيراني كقضية يختلف حولها مع تيلرسون قائلا « أنا أرى أنه (اتفاق) فظيع. وهو يعتقد بحسب ظني أنه لا غبار عليه.» ثم واصل الرئيس ترامب تعليقه المذكور قائلا أنه وبومبيو يفكران «بطريقة متشابهة جدا.» لقد ظل بومبيو شديد العداء حقا للاتفاق النووي الذي أبرم في عام 2015. ففي أثناء وجوده في الكونجرس (كبرلماني) طَرَقَ كل السبل الممكنة للانتقاص من شأن الاتفاق وتقويضه. وتحدث عن اتفاقيات جانبية سرية متخيلة عقدتها إدارة أوباما حسبما زُعِمَ مع إيران وقلل من كلفة قصف إيران. وكمدير لوكالة السي آي إيه، ماثل بومبيو بين إيران وبين جماعة (داعش) وحاول طرح فكرة تحالف إيران مع القاعدة.

بل لقد أمر بمراجعة أخرى للوثائق التي تم الحصول عليها في الغارة التي قتل فيها أسامة بن لادن والتي سبق استغلالها. ثم اتخذ خطوة غير مشروعة إلى حد بعيد بانتقاء وتقديم أكثر الوثائق المرغوبة لجماعة ضغط تعارض الاتفاق النووي. وتشبه مساعي بومبيو في هذا الجانب الجهود التي بذلتها إدارة جورج دبليو بوش الابن قبل حرب العراق لرسم تحالفٍ مفترض بين صدام حسين والقاعدة. ومن المرجح أن تكون إيران الموضوع الوحيد الذي سيترتب عنه أثر خطير وسلبي على السياسة الخارجية جراء استبدال تيلرسون بمايك بومبيو .

ثانيا، كوريا الشمالية

لقد اتخذ بومبيو بانتظام أحد المواقف الأكثر تشددا إزاء التعامل مع بيونج يانج. وهو يبدو شديد الاهتمام بتغيير النظام كطريقة أكيدة لحل المشكلة الكورية الشمالية. وهذا الشهر كان قد أبلغ شبكة فوكس نيوز الأخبارية الأمريكية ، أنهم لم يحدث لهم أبدا أن وجدوا كوريا الشمالية في وضع «يواجه فيه اقتصادها مثل هذه الأخطار وتتعرض قيادتها لمثل هذه الضغوط.» ، وهو يقول إن على الولايات المتحدة «عدم تقديم أي تنازل في أية مفاوضات»، هذه النصيحة تشكل وصفة لفشل شبه مؤكد لأي اجتماع قمة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. إن نظام كيم يونج أون، بمقدار ما نأمل في سقوطه، ليس على وشك الانهيار. ونصيحة بومبيو قد تزيد بدلا من أن تقلل من خطر نشوب الحرب .

ثالثا، روسيا والتدخل في الانتخابات

اتخذ بومبيو في أيام عمله في الكونجرس موقفا اتسم بأكبر قدر ممكن من التحزب (الانحياز الحزبي) حول هذا الموضوع. ففي أثناء وجوده كعضو في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب سعى إلى تسجيل نقاط سياسية باستخدام رسائل البريد الإلكتروني التي تم اختراقها وسرقتها من اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي. وكمدير لوكالة الاستخبارات المركزية ذكر علنا وعلى نحو غير دقيق أن مجتمع الاستخبارات بالولايات المتحدة توصل إلى عدم تأثير التدخل الروسي على نتيجة انتخابات عام 2016. وفي الواقع لقد ذكر المجتمع الاستخباري أنه بالتحديد لا يدلي بحكم حول هذه المسألة. وتوجَّب على بومبيو لاحقا أن يعدل من ذلك التصريح. لكن من الواضح أن أولويته هي حماية الرئيس وليس نزاهة الانتخابات الأمريكية.

رابعا، التغير المناخي

في أثناء جلسة استماع مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه مديرا لوكالة الاستخبارات الأمريكية في العام الماضي رفض بومبيو، وهو أحد المتلقين الرئيسيين لتبرعات تمويل حملته الانتخابية من الأخوين شارلس وديفيد كوك ، اللذين ينكران ظاهرة التغير المناخي، الرد على سؤال حول قبوله أو عدم قبوله بحقيقة تغير المناخ وتأثير البشر عليه. ويشكل وصفه لاتفاق باريس حول التغير المناخي كعبء « باهظ التكلفة» ، ترديدا آخر لميول ترامب ومؤشرا على أنه كوزير للخارجية سيعارض أية خطوات جديدة للحفاظ على إمكانية العيش في الكوكب. لقد ظل تيلرسون حتى اليوم أحد «العقلاء» في الإدارة الأمريكية وتمثلت مساهمته الرئيسية في تقييد تصرفات ترامب المندفعة ويبدو أن تبديل ريكس تيلرسون بمايك بومبيو سيعمل على تشجيعها.

• الكاتب ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية وزميل أول غير مقيم بمركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون.