sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: كن أنت المختلف

04 أبريل 2018
04 أبريل 2018

شريفة بنت علي التوبية -

عليك أن توجد عالمك إذا كان هذا العالم الذي تحيا عليه لا يعجبك ولا يشبهك، عليك أن تحيا حياة تختارها أنت إذا اكتشفت أن الحياة التي تحياها لست سوى غريب فيها وهي غريبة عنك، فكم من الحيوات الغريبة عنا والتي ما زلنا على قيدها وفي سجنها دون أن نحاول الخروج منها، مؤمنين بأن حياتنا قدر وأن كل ما علينا فعله هو الإيمان والرضا بالقدر.

عليك أن تغير المكان إذا لم تألفه ولم يألفك، فبعض الأماكن ليست لك مهما وضعتك أقدارك فيها وحاولت الانتماء إليها، فالانتماء ليس شهادة مكتوبة بل محبة وعشق، ابحث عن نفسك في هذا العالم الواسع، فقد تكون موجودا في مكان ما، فلا تعتقد أن تلك المساحة التي يشغلها جسدك هي دليل على أنك موجود، لأن وجودك الحقيقي مرتبط بروحك والروح تعلم مكانها ومستقرها.

عليك أن تغير الأشخاص إذا بدت المسافة بينك وبينهم كبيرة جدا، وإذا اكتشفت يوما أن ما يجمعك بهم ليس سوى ظرف أو مصلحة أو رفقة طريق، ابحث عن شخص يدرك وجعك وفرحك ويعنيه أمرك، يستمع إليك بمحبة مهما كان حديثك سخيفا أو تافها فالطريق يحتاج إلى صديق حقيقي لا يأخذ بيدك فقط بل يأخذ بقلبك أيضا، وعليك أن تواجه الحقيقة التي كنت تهرب منها إذا اكتشفت أن الدرب الذي تسير عليه ليس سوى متاهة وأن سنوات العمر التي تحياها ليست سوى أرقام، عليك أن تكون قويا بما يكفي لأن تنتزع تلك الأقنعة التي تحيط بك لتتأكد أيها كانت وجها وأيها كانت قناعا، عليك أن تكون شجاعا بما يكفي لتصمد أمام الحقيقة التي ستكتشفها وهي أن أكثر الوجوه ليست سوى أقنعة، عليك أن تلتفت إلى الوراء حتى وإن تأخرت قليلا في طريقك لتحمي ظهرك من الطعنات الغادرة، ومع ذلك عليك أن تعلم أنه لن يؤلمك سهم عدوك بل سيؤملك حتى الموت خنجر يغرسه من أحببت في صدرك أو من سلمته قلبك حتى تمكن منك، فلا يرهق النفس ولا يقتل الروح سوى الخذلان، فاثبت كلما اهتزت عروش الأرض بقيمها وأخلاقها وفضائلها تحت قدميك، وتقبض بقيمك كقابض على جمرة في عالم تساقطت فيه القيم وانهارت فيه المثل والأخلاق، وقد يراك البعض معقدا ومتخلفّا جدا في زمن الانحلال والانفتاح الكبير، ولكن من المهم ألا تصغر في عين نفسك حينما يصغر الجميع في عينك، فحينما يتشابه الجميع كن أنت المختلف.