أفكار وآراء

مستقبل اتفاقيات التجارة الحرة

24 مارس 2018
24 مارس 2018

د. محمد رياض حمزة -

[email protected] -

في 18 مارس أقيمت بمقر غرفة تجارة وصناعة عمان في مسقط جلسة حوارية حول المستجدات والفرص المتاحة في اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين السلطنة والولايات المتحدة الأمريكية نظمتها الغرفة بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالسلطنة والهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثراء).

وقال الدكتور سالم بن سليم الجنيبي نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان للشؤون الاقتصادية: «إن دخول اتفاقية التجارة الحرة بين السلطنة والولايات المتحدة حيز التنفيذ في عام 2009م، وقد ساهمت في بداياتها في ارتفاع حجم الصادرات والواردات بين البلدين، وهو ما وضع آمالا كبيرة لآفاق أوسع من التعاون التجاري، إذ يعد السوق الأمريكي من الأسواق المهمة للمنتجات العمانية، إلا أنّ الفرص المتعلقة باتفاقية التجارة الحرة واجهت عددا من التحديات وظل الارتفاع محدودا، ولم يحافظ على مستواه، حيث شهدت في الآونة الأخيرة انخفاضا في الصادرات العمانية وهو ما يشير إلى وجود عدد من الصعوبات التي تواجه هذه الصادرات في الوصول إلى السوق الأمريكية».

تجدر الإشارة إلى أن الميزان التجاري بين السلطنة والولايات المتحدة لعام 2016 يميل لصالح الولايات المتحدة. إذ بلغ حجم الصادرات العمانية للولايات المتحدة 304 ملايين ريال عماني. أما واردات السلطنة من الولايات المتحدة فقد بلغ 417 مليون ريال عماني. كما ان معظم الدول النامية التي ارتبطت باتفاقية تجارة حرة مع الدول المتقدمة فإن القطاع الخاص في الدول النامية بأنشطته الإنتاجية والخدمية والتجارية معني بفتح أسواق تلك الدول لصادراته التي تعفى من الرسوم الجمركية لتتمكن من الدخول للأسواق الخارجية برحابة.

فالقطاع الخاص في السلطنة تعرف اتفاقيات التجارة الحرة بأنها: تكتلات بين دولتين أو أكثر، تهدف إلى تحرير التبادل التجاري بين الطرفي او الأطراف الموقعة على الاتفاقية. وعادة ما تتضمن بنودا تنص على إزالة القيود الجمركية على تبادل مختلف المنتجات الصناعية والزراعية والخدمات.

إن تحرير التجارة سياسة السوق الحرة التي تبنتها الدول الرأسمالية بهدف الدخول للأسواق الدولية التي لا تقيد فيها حكومات البلدان الاستيراد من أو التصدير إلى بلدان أخرى. ويتم الترويج للتجارة الحرة في الغالب من قبل القوى السياسية التي تتطلع لتوسيع صادرات منتجاتها. فمعظم الدول التي ترتبط باتفاقيات تجارة حرة ثنائية أو متعددة أو متعددة الأطراف هي أعضاء في منظمة التجارة العالمية. وان عددا غير قليل من الاقتصاديين يرون أن “الحمائية” لها تأثير سلبي على النمو الاقتصادي والرفاهية الاقتصادية، في حين أن التجارة الحرة وتخفيض الحواجز التجارية أمام التجارة ولها تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي.

ـــــــ رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لاتفاقيات التجارة الحرة التي عقدتها مع عدد من الدول كما يقول موقع (إنترناشونال تْرَيْد أدمنستريشن) إن اتفاقيات التجارة الحرة (FTAs) أثبتت أنها واحدة من أفضل الطرق لفتح الأسواق الخارجية لمصدري الولايات المتحدة. إذ تخفض الاتفاقيات التجارية الحواجز أمام صادرات الولايات المتحدة، وتحمي المصالح الأمريكية وتعزز سيادة القانون في البلد الشريك لاتفاقية التجارة الحرة. إن تخفيض الحواجز التجارية وخلق بيئة تجارية واستثمارية أكثر استقرارًا وشفافية تجعل من الأسهل والأرخص للشركات الأمريكية تصدير منتجاتها وخدماتها إلى الأسواق الشريكة في التجارة. في عام 2015، تم تصدير 47٪ من صادرات الولايات المتحدة إلى الدول الشريكة في اتفاقية التجارة الحرة. بلغت قيمة صادرات البضائع الأمريكية إلى 20 شريكًا لاتفاقية التجارة الحرة مع الاتفاقات المعمول بها 710 مليارات دولار. كما تمتعت الولايات المتحدة بفائض تجاري في السلع المصنعة مع شركائنا في اتفاقية التجارة الحرة مع إجمالي 12 مليار دولار في عام 2015.

ووقعت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقيات تجارة حرة مع كل من أستراليا والبحرين وتشيلي وكولومبيا وكوستاريكا وجمهورية الدومينيكان والسلفادور وجواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا وإسرائيل والأردن وكوريا الجنوبية والمغرب وكندا والمكسيك (نافتا) وسلطنة عمان وبنما وبيرو وسنغافورة.

ـــــــ اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وسلطنة عُمان دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير 2009. وتركز على تعزيز الإصلاح الاقتصادي والانفتاح. سيؤدي تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاقية الشاملة إلى توليد فرص تصديرية لموردي السلع والخدمات في الولايات المتحدة، وترسيخ تحرير التجارة والاستثمار في عمان، وتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية وإنفاذها.

ويرى مؤيدو سياسات التجارة الحرة الميزات التالية:

- أن تجارة السلع وتحريرها من الضرائب ، بما في ذلك التعريفات الجمركية، أو غيرها من الحواجز التجارية يخفض التكاليف الكلية للسلع على المستهلك.

- تحرير التجارة في الخدمات من الضرائب أو الحواجز تجارية يعزز نوعية الخدمات ويخفض أسعار تقديمها.

- تيسير نقل البضائع إلى الدول النامية. وتحديدا المنتجات الصناعية والغذائية.

- تعزيز التنافسية في الدول التي ترتبط باتفاقية تجار حرة مع الدول المتقدمة مما يحفز المنتجين المحليين بتحسين جودة منتجاتهم نوعية وسعرا لمنافسة المستورد من السلع والخدمات.

موقع (فوربس الشرق الأوسط) يحدد أربعة من السلبيات تعتبر من تبعات اتفاقيات التجارة الحرة أولها خسارة مئات أو آلاف العاملين لوظائفهم في ظل هذه الاتفاقيات وتحديدا مع الدول النامية. وذلك بسبب تدفق منتجات الدول الأجنبية المعفاة من الرسوم الجمركية على أسواق الدول النامية التي لا تتمكن منتجات تلك الدول من منافسة المنتجات المستوردة نوعية وسعرا. بالإضافة إلى خسارة الحصة السوقية التي يتمتع بها المنتجون المحليون لصالح المستوردات الأرخص ثمناً. وثانيا: تفترض اتفاقية التجارة الحرة إلغاء التدخل الحكومي في الأسواق، ليتفرد عدد من التجار المهيمنين في أنشطة التصدير والاستيراد فتتضاءل المنافسة الداخلية ليشكلوا احتكار القلة. وثالثا: تتيح التجارة الحرة للاقتصاد التخصص في القطاع الذي يتقنه ويبرع فيه، وبالتالي تقتصر المنافع والمكاسب التجارية على العاملين في الصناعات التصديرية بعينها. مما يزيد من فجوة التفاوت الاقتصادي، لأن المتضررين منها سيحصلون غالباً على مداخيل أو مردودات تقل عن متوسط الدخل، بينما يكسب المستفيدون من التجارة الحرة مداخيل تفوق ذلك. ورابعا: أن معظم الدول النامية التي وقعت اتفاقيات تجارة حرة مع دول متقدمة تحولت موازينها التجارية لصالح الدول المتقدمة.

وبالرغم من نهج الحمائية التجارية الذي شرعت بتطبيقه إدارة الرئيس الأمريكي “ دونالد ترامب “ الذي يسعى لخفض عجز الميزان التجاري الأمريكي مع كل من الصين ودول الاتحاد الأوروبي والهند واليابان ودول أمريكا اللاتينية وذلك بفرض رسوم تتراوح بين 10% إلى 25% على واردات الولايات المتحدة من الحديد الصلب والألمنيوم. كما أن “ترامب” يهدد بفرض رسوم إضافية على كل منتج مستورد بهدف موازنة الميزان التجاري مع دول العالم. إلاّ أن هذه الدول لا تزال متمسكة باتفاقيات التجارة الحرة مع بعضها وتريد أن تبقي على اتفاقياتها الموقعة مع الولايات المتحدة. وتهدد بإجراءات مماثلة للإجراءات الأمريكية إن نفذت الولايات المتحدة قراراتها بإضافة الرسوم على وارداتها. فالتوجه الأمريكي يعارضه أيضا كل من منظمة التجارة العالمية والمنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس”. كما أن “ رابطة دول جنوب شرق آسيا” في أحدث قمة لها أكدت على التزامها باتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين بلدانها.