1280019
1280019
مرايا

مسألة حساسة ومعقدة الزواج بين الاختيار والنصيب

21 مارس 2018
21 مارس 2018

كتبت- رحاب الهندي -

أحيانا «تضحك الأقدار» حين نصل لما نريده بعد تخطيط أو حلم رجوناه، وبين إصرارنا على أن نجد طريقا لنا وبين قناعاتنا أن الله يوصلنا لما نريد، مع إيماننا أن لكل مجتهد نصيبا، لكن تبق حالة الزواج خاصة، تلك الحالة التي يصر البعض عن أنها اختيار وتمحص لأن تلك الخطوة في حياة الإنسان هي خطوة انقلاب إلى مسيرة جديدة في الحياة، بينما البعض يعتقد أن القسمة والنصيب هما شبكة الزواج التي تصطاده، بين هؤلاء وهؤلاء كان لنا حديث مطول البعض رفض نشر ما حدثنا به، والآخر رحب بنا.

هلال البوسعيدي (متقاعد) ابتسم قائلا: تخيلي، أنني اخترت وبقناعة القسمة والنصيب!، نظرت إليه متسائلة، فأكمل حديثه: حين تخرجت من الجامعة كان لابد لي من الزواج، بحثت كثيرا ولم أجد تلك التي من الممكن أن أسير معها مشوار العمر، وكانت والدتي رحمها الله تستشير رأيي في بنات القبيلة وأنا أرفض، وما أن عرف والدي بما قررت قال لي: ستتزوج إما ابنة خالك أو ابنه عمتك فكر وقرر، (يضحك ويتابع) فكرت كثيرا واستقر رأيي النهائي على الزواج من ابنة عمتي، إذن هو اختيار وقسمة ونصيب أليس كذلك؟

توجيهات نبوية

سعيد النبهاني (معلم) قال: سأحاول أن أختصر الموضوع الذي أعتبره مهما جدا، فقضية الزواج مسألة حساسة، وقد تكون معقدة، لكن رسولنا الكريم أوضح لنا الصورة تماما، وفتح أمام الرجال والنساء حسن الاختيار بقوله للرجال حين يقررون الزواج: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».

وكان قوله للنساء والأهل في الموافقة على الرجل طالب الزواج: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»، وأمر الخاطب أن ينظر إلى خطيبته قبل أن يبتّ في أمر الخطبة، وهناك توجيهات نبوية كثيرة تأمر كُلاًّ من الزوجين أن لا يبتّ في أمر الزواج إلا عن رويّة.

وأوضح: هكذا فإن النظر إلى موضوع القسمة والنصيب يأتي بعد بذل الجهد لاختيار الأنسب حتى لا يظل الإنسان يلوم نفسه، وكثير من الأزواج يحمّل الطرف الآخر مسؤولية عدم الوفاق، في حين أنه لو أنصف لوجد أنه هو المسؤول عن ذلك.

دائرة الاختيار

بادرتني سعاد الوهيبية (طالبة جامعية) قائلة: جميل هذا الموضوع، وأعتقد أن الإجابة عليه من نوع السهل الممتنع، فنحن كبشر في حياتنا نختار كل ما نريد من الأشياء المادية كشراء سيارة أو بيت أو حتى ملابس وأغذية، كما نختار الجانب النفسي والاجتماعي في علاقتنا مع الجيران والأصدقاء والزملاء.

ولكن لو سألنا أنفسنا عن أي شئ مما سبق وذكرت، هل نحن من اختار فعلا وأشترى؟ سنجد بعد التمعن أننا كنا جزءا من الاختيار، لكن هناك يد خفية هي التي وجهتنا لانتقاء ما نريد، أي في الحقيقة هو قسمة ونصيب لكن من اختياراتنا، سواء كانت أشياء مادية أو علاقات إنسانية، ولو خصصنا حديثنا عن الزواج فهو أيضا ينطبق تحت مقولة قسمة ونصيب، لكن ضمن دائرة الاختيار.

وتابعت قائلة: لي صديقة استمرت خطوبتها على ابن عمها ثلاث سنوات، وكانت تحبه وهو يحبها، وقبل الزواج بأقل من شهر أفترقا ليتزوج من فتاة أخرى وهي تتزوج من آخر، القصد من هذه الحكاية أن كلا منهما اختار الآخر وأحبه وارتبط به لفترة، لكن لم يكن لهما نصيب وقسمة في أن يسكنا إلى الزواج، لأن قسمتهما لآخرين.

التوفيق من الله

وتحدثت نورة المشيخية (ربة بيت) حيث عبرت عن رأيها قائلة: بصراحة الإنسان هو الذي يختار والتوفيق من الله، خاصة إذا كان الإنسان ورعا تقيا يخاف الله، فالله دائما يوفقه حتى لو وقف الناس ضده بعض الأحيان.

فمثلا لقد حاول أهلي تزويجي حسب تقاليدنا وعاداتنا من قريب لي، لكني رفضت وبشدة، ولم أوافق على اختيار أهلي، ليس لأن اختيارهم لا سمح الله كان سيئا، بل لأني معتدة بشخصيتي ومقتنعه أني لا أصلح له وهو لا يصلح لي، وحين تقدم لخطبتي أحد أبناء الجيران وافقت، لأني أحسست أنه الأقرب إلى نفسي، والحمد لله اختياري كان صائبا، وأنا سعيدة بزواجي.

واستطردت قائلة: وهنا ومن خلالكم أطالب الأهل أن لا يجبروا فتياتهم على الزواج ممن يقتنعون هم به، فيجب أن تقتنع به الفتاة أيضا، فهي التي ستعيش معه العمر، وأعرف أن في هذه الأيام تغيرت نظرة المجتمع للزواج، واصبح أكثر اختيارا من الجميع، لا زواج لمجرد أن العريس قريب أو من العائلة، وإن شاء الله حين تكبر ابنتي سأتركها تختار شريك حياتها.

وسألتها ألن يكون لك دور، فأحيانا البنات يخترن بشكل خاطئ، أجابت: صدقيني التربية الجيدة ومخافة الله تكفي الإنسان شرورا كثيرة، ومنها شر الاختيار الخاطئ، لنتمعن في قصص الناس ومن حولنا، وليكن لنا فيها عبر، فالتربية السليمة الراسخة تجعلك تختارين أي شيء في حياتك وأنت مطمئنة لتوفيق من الله سبحانه.

ختاما

هو اختيار إذن ضمن دائرة ما قسمه الله لك، لكن بشروط التقوى والصلاح، ولن يخيب الله أمر إنسان يعرف الطريق إلى الله جيدا، قسم الله نصيبكم بكل خير.