المنوعات

غـرفـة مثالـية لرجـل مريـض

19 مارس 2018
19 مارس 2018

كتبت: بشاير السليمية -

لم أكن أعرف ما المثالية التي ترمي إليها «يوكو أوغاوا» في عنوان روايتها «غرفة مثالية لرجل مريض» حين عثرتُ عليها في جناح دار الآداب اللبنانية في معرض مسقط الدولي للكتاب الـ٢٣. ولكنها المثالية التي نعرف أنها نسبية ومتفاوتة، فما هو مثالي عند البطلة أو عند ص أو س من الناس قد لا يكون مثاليا عند غيرهم بطبيعة الحال. اختيارنا للشيء المثالي لنا تفسره تجربة سابقة كوّنت القناعة التلقائية في دواخلنا تجاه الأشياء التي نطلق عليها صفة «مثالية».

للقارئ أن يتخيل كيف تبدو له غرفة مريض ما بينما يملك غرفته الواسعة بملاءة سرير مزخرفة، وأصيص ورد على الكوميدينة والثريات تتدلى من السقف، والستارة مزدانة بالطرابيش الملونة، سوف لن تعجبه غرفة مريض بالطبع.

لكن البطلة التي عاشت تجربة مختلفة في بيت يعج بالنفايات والأشياء المتموضعة في غير أماكنها على الدوام بفعل أمها المريضة، وجدت في غرفة أخيها المريض الذي تلازمه في المستشفى مكانا مثاليا أو كما وصفته «المكان المصون»، دون أن تشعر بمشقة. وقد تستغرب فيما يدعوها إلى التركيز على عاملات النظافة، وانشغالها بهن وهن يقلبن الغرفة رأسا على عقب وينظفن جرن المرحاض ويبدلن الملاءات. ٩٦ صفحة فقط هي كل ما تشغله الرواية من صفحات، كانت الشخصيات الثلاث فيها غير مسماة، ولا حتى مرض الأخ الأصغر معلنا باسم محدد نعرفه، ثم حين يصل القارئ إلى الصفحة ٧٤ يقاوم فضوله لمعرفة مرض الأخ لكن «أوغاوا» تأبى عليه ذلك. يبدو المشهد الأخير مع «س» غير متوقع، إلا أنه بدا أنه سيرافق أوغاوا في «حوض السباحة» عنوان روايتها الأخرى. س شاب يعيش مع الأيتام الذين يرعاهم والداه وكأنه منهم.

وفي الوقت الذي ينتظر القارئ أن يموت الأخ، متوقعا قدرا من البكائية والدرامية في خط تنامي الأحداث، لكنه يأتي مجرد خبر لحدث انقضى قبل مدة من الوقت، وكأنه حدث عابر لم يكن مهما وصفه بقدر ما كان يشغلها التعرف على شخص جديد أحبته في مرضه كما لم تحبه من قبل. كانت «علاقتهما بمجملها رهنا بهذا «الأخ الأصغر» لا غير».