أعمدة

نوافـذ :القوائم الانتخابية.. رهانات الربح والخسارة

09 مارس 2018
09 مارس 2018

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

تشتعل حمى الانتخابات كلما اقترب موعد إقامتها، مع أن مواعيدها محددة بجداول زمنية لا تتخطاها إلا لظروف قاهرة، وخارجة عن الإرادة، ومع ذلك لا تعيش وهجها التفاعلي إلا قرب موعدها بزمن يسير، هذه الصورة متكررة في كل نظام يأخذ بنظام الانتخاب في تسيير كثير من أمور حياته اليومية.

ومع أن مفهوم الانتخابات أو مفهوم «قوائم الانتخابات» يعتبر ممارسة جديدة وحديثة في بلدان كثيرة من هذا العالم، إلا أن الاهتمام بها لا يختلف كثيرا عن بلدان ذات تجارب عميقة في ممارسات الانتخابات، وتختلف أكثر الأهداف والرؤى التي تضعها عناوين عريضة في كل تجربة على حدة، ولذلك هي تأخذ هذا الاهتمام المتميز لدى غالبية الناس، وإن تردد البعض في تقييمها، فذلك بناء على مواقف خاصة، ورؤى متباينة، يأخذ بها فلان من الناس «الناخب» ويتجاوزها آخر.

يأتي نظام القوائم الانتخابية كنهج أصيل في كثير من الأنظمة، ومن خلال هذه القوائم يحتكم الناخبون على نجاح او فشل الإدارة القادمة، في أي حقل من حقول العمل الوطني بعناوينه الكثيرة، لأنه ومن خلال هذه القوائم؛ يتضح لدى الناخب؛ أن مجموعة هذه القائمة أجدى من أخرى، انعكاسا لما تضمه من نخبة معروفة، ومؤثرة في محيطها الذي تنتمي إليه، فالمسألة لها بعد تاريخي، وليست وليدة الصدفة، وبالتالي فمن يريد أن يعيش معترك هذه المسألة بمناخاتها المختلفة، عليه أن يكون حاضرا في الذاكرة الجمعية بوقت طويل، وله رصيد عملي يستحق أن يشار إليه بالبنان، ولكن على الرغم من تحقق نسبي في مسألة هذا الرصيد من بعض أعضاء هذه القوائم التي تتقدم للترشح، إلا أنها لم تصل في كثير من الأحيان الى رقم قياسي للعطاء، أو لم تستطع القوائم بعد حصولها على ثقة الناخبين لها أن تحقق أرقاما قياسية تعبر عن عطاء بذلته طوال سنوات عملها، ولا تزال هناك علامة استفهام كبيرة عن تراجع مجموعة الوعود التي تقطعها القائمة على نفسها أمام الناخب الذي يرضى بها لحظة تقدمه لانتخاب هذه القائمة عن تلك.

ومع ذلك تستمر هذه القوائم في التدفق، ولن تتوقف في يوم من الأيام، فبقدر ما هنالك قائمة تخشى الفشل، فهناك قائمة أخرى تتقدم وهي تراهن على نجاحات كثيرة، وهناك قوائم تصل الى حالة مرتفعة من التوافق بين أعضائها طوال سنوات عملها، وهناك قوائم تعيش حالة من التصدع، عندما لا يصل هذا التوافق بين أعضائها ولو على نسبة لا تتجاوز الـ (50%) والخسارة في هذه الحالة – بصورة أكبر - ليس لأعضاء القائمة، لأنها ستعيش فترة من الزمن، وتأتي أخرى، ولكن الخسارة الكبرى للمجال الذي تقدمت لخدمته، حيث سيتراجع نشاط هذا المجال لفترة زمنية، ولن يحقق سبقا من العمل الصادق، وعلى القائمة التي تأتي بعدها في انتخابات جديدة العمل من مستوى المربع الأول، وهذه مسألة مزعجة كثيرا في مفهوم العمل التنموي التطوعي؛ على وجه الخصوص؛ والمزعج فيها أكثر عندما لم تستطع أن تتخلص القوائم من الأسماء القديمة؛ حيث تعيد تدوير أنفسها في كل مرة، وكأن «الشعاب خلت من ساكنيها» لأن من لم يقم بعمل بطولي؛ كما يقال؛ في المرة الأولى، فلن تكون له بطولات في الجولات المتلاحقة؛ مع مراعاة الظروف؛ وإن كان هناك من يعول على الخبرة المتراكمة في تصحيح المسارات، إلا أن واقع القوائم المتكررة أسماؤها لم تنبئ عن ذلك.

هناك من يعول على التحالفات على أنها قادرة على استقطاب أسماء جديدة لقوائم الانتخابات، والمهم في كل ذلك أن تتخلص النفوس من متعلقاتها الذاتية؛ وهي تضع قدميها في خانة العمل التطوعي؛ وترجح المصلحة العامة، وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون في هذه القائمة أو تلك فلان من الناس يشار إليه بالبنان، وهذا مطلب ليس يسيرا، ولكن يبقى مطمح كل الناخبين.