tahira
tahira
أعمدة

نبـض الــدار :جلد الذات !

05 مارس 2018
05 مارس 2018

د. طاهرة اللواتية -

[email protected] -

هل أصبحنا نحن العمانيين نجلد ذواتنا بقسوة ؟ وكيف وصلنا إلى هذا الجلد ؟ إن نقد الذات ضروري جدًا لتحقيق التقدم والنمو، لكن جلد الذات يشعر الإنسان بأنه خائب وغير نافع، وأنه سيبقى هكذا خائبًا. بدأنا ننحو إلى جلد الذات دون أن ننتبه، متناسين أن العماني على مدى تاريخه عاش وتحمل أقسى الظروف وأصعبها، كما عاش الرخاء والدعة وتحمل مسؤولية التجارة والدين، فجاب بأخلاقه العالم القديم من أقصاه إلى أقصاه، عبر البحار والأهوال والشدائد، فعرفه الآخرون تاجرًا باشًا خلوقًا آسرًا للنفوس والقلوب، فأحبته وأحبت دينه، فدخلت الإسلام أفواجًا بطواعية.

واجه الحروب الظالمة من البرتغاليين وغيرهم، فقاتل ببسالة وعظمة، وحرر أرضه ووطنه بسيفه وبأسه، فلم يجرؤ بعدها أن يطأ أرضه أو يدنسها أحد من الغزاة وشذاذ الآفاق، عندما أقفلت في وجهه البحار بسبب الغزاة الجائرين الذين تسيدوا البحار، عانى الفقر الشديد وشظف العيش، فهاجر إلى الغربة باحثًا عن لقمة عيش كريمة له ولأسرته، وتحمل أنواع الغربة والويلات، وتحمل مرارة الحياة هناك بصبر وجلد سنوات طويلة جدًا، وكان له سجل فخر في تلك البلدان التي أحبته، وأحبت جلده وصبره على العمل.

والآن صرنا نجلد ذواتنا، فالبعض منا يقول العماني لا يرضيه شيء، ولا يمكن أن يرضيه شيء أبدًا، والبعض يقول العماني ليس للعمل، ولا يستطيع تحمل مسؤوليات العمل، ولم يخلق لذلك، لذا نفضل الوافد عليه في كل الأحوال، والبعض يردد أن الأم والأب العمانيين في وادٍ وأبناؤهم في وادٍ آخر، وهما المسؤولان عن تدني نسب نجاح الأبناء في المدارس، أما بعض الإعلاميين فيرددون هذه المقولات دون تبصر متناسين أن جلد الذات من أسوأ الأمور النفسية التي تؤثر سلبًا، فهي تراكم شعور النقص والإحباط وعدم الثقة بالنفس، والغرق في الفشل بعد الفشل. فهل هذا ما نريده لأنفسنا وعماننا؟