العرب والعالم

تحقيق :سبها الليبية تتحول إلى ساحة قتال

05 مارس 2018
05 مارس 2018

سبها -( د ب أ): تشهد مدينة سبها الليبية هدوءا حذرا وعودة الحياة الطبيعية إليها رغم سيطرة الجماعات المسلحة مختلفة التوجهات على المدينة وأطرافها.

وحاول مسلحون، خلال الأسابيع الماضية السيطرة على مراكز مدينة سبها (800 كيلومتر جنوب غربي العاصمة طرابلس)‏‏ ومواقعها الأمنية، حيث قتل في الفترة ما بين 24 إلى 27 فبراير الماضي ما لا يقل على ستة من المدنيين نتيجة الاشتباكات بين قوات من التبو وأولاد سليمان من بينهم طفلة وامرأة، بحسب الناطق الرسمي لمركز سبها الطبي أسامة الوافي.

وقال الوافي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن العودة التدريجية لطبيعة العمل داخل المركز قد بدأت بعد أن تم إجلاء المرضى منه خلال الاشتباكات في المدينة.

من جانب آخر، قال عميد بلدية سبها حامد الخيالي إن الوضع الأمني يشهد هدوءا واستقرارا في هذه الأثناء مع تردي الأوضاع المعيشية من نقص للوقود وغاز الطهي والسيولة المالية داخل المصارف.

وأضاف الخيالي أن الوضع في سبها يحتاج إلى تدخل عاجل لحل الخلاف الذي تدخلت فيه أطراف أجنبية وقبائل من النيجر وتشاد، وهي تحتل وتستبيح الجنوب الليبي الآن، بدوره، قال النائب عن مدينة سبها في البرلمان الليبي علي السعيدي :«لا توجد حكومات ولا برلمان في الجنوب الليبي، وهذه أهم الأسباب التي جعلت المسلحين الأجانب يحتلون جزءا من ليبيا».

وأضاف السعيدي أن بداية الصراع في الجنوب الليبي كان بين قبيلة أولاد سليمان وقبيلة التبو الليبيتين، وهو صراع نفوذ على السلطة منذ عام 2012 واستمر حتى تدخلت أطراف ليبية مع أطراف غير ليبية، وهي المعارضة السودانية والتشادية واليوم الصراع تحول إلى تغيير ديموغرافي للجنوب الليبي.

وكان الصراع القبلي في سبها له دور في عدم استقرار المدينة والجنوب الليبي بصفة عامة منذ عام 2011، لكن الوضع بدأ يزداد سوء بعد تدخل طرف أجنبي مع أحد الاطراف الليبية، وهي قبيلة التبو الليبية التي يمتد عمقها الاستراتيجي من الجنوب الليبي إلى تشاد والنيجر، وتتهم أنها تجلب اجانب من هذه الدول وتعزز قواتها بهم.

وتنفي قبائل التبو هذه الاتهامات، وتقول إنها نفس الشماعة التي يستخدمها الطرف الآخر وتشير إلى أن ما يحصل في سبها الآن هو صراع قبلي بين التبو وقبائل اولاد سليمان.

وقال سليمان كوطو ناشط تيباوي لـ (د. ب. أ) إن المعركة بدأت منذ مطلع فبراير بعد مقتل أحد قبائل التبو علي يد مسلحين ثبت أنهم يتبعون لكتيبة فارس، وهي كتيبة لقبيلة أولاد سليمان ومن بعدها بدأت الاشتباكات بين القبلتين وهذه ليست المرة الأولى.

وأضاف كوطو :«نحن نرفض الاتهامات بأن التبو يجلبون الأجانب إلى الجنوب، وهذه اتهامات باطلة، فالتبو ليبيون وبعضهم منضم الى حرس الحدود، ونحن نؤمن الحدود الجنوبية من الجزائر حتى السودان منذ عام 2011 بدون أي دعم حكومي، وايضا منضمون في حرس المنشآت النفطية، ونؤمن بعض الحقول في الجنوب».

وأشار إلى أن ما يحدث الآن في سبها سببه إقحام أهالي المدينة في الصراع السياسي بين حكومة الوفاق في الغرب، وقوات خليفة حفتر في الجنوب، قائلا إن «الجنرال حفتر بعد أن استعان بقوات التبو في الحرب ضد الإرهاب، الآن بعد أن انتهت هذه الحرب أصبح لديه العنصرية، وأظهر النظرة القومية العربية بإبعاد التبو من المشهد من خلال دعم القبائل العربية، وأهمها اللواء السادس في سبها بالأسلحة لقتال التبو» .

وتتهم قبائل أولاد سليمان العربية بدورها التبو غير الليبيين باحتلال الجنوب الليبي حسبما أفاد السنوسي مسعود رئيس مجلس قبائل اولاد سليمان.

وقال مسعود لـ (د. ب. أ) إن التغيير الديموغرافي للجنوب الليبي بدأ منذ عام 2011 عندما استوطن تبو غير ليبيين مناطق أطراف سبها ومرزق وتراغن، واليوم هم مسلحون ويمتهنون الحرابة وتجارة الرقيق، ويقومون بتهريب العمالة والتهريب على الحدود. وأضاف :«نحن نطالب بلجنة لتقصي الحقائق ومعرفة جنسية الذين يحتلون هذه المناطق بمساعدة تبو ليبيا، والآن يسيطرون على أطراف سبها منها المطار المدني، والمتنزه العسكري، وكتيبة الدروكي، ومشاريع الدواجن، والسجون التابعة لوزارة العدل، وكلية الزراعة، وبوابة 17». وقال مسعود إن «الصراع السياسي في ليبيا جعل الجنوب في مهب الريح، ويجب على الجميع التدخل، وهذه القضية ليست قضية مدينة سبها أنها قضية أمن قومي وهوية ليبية، ونحن نرحب بأي طرف يتدخل لحل هذه المشكلة».

وأعلن الجيش الليبي التابع للبرلمان، والذي يقوده الجنرال حفتر، عن بداية عملية عسكرية أطلق عليها (فرض القانون في الجنوب الليبي) وقام الجنرال حفتر بإرسال التعزيزات إلى المناطق التي يسيطر عليها والقريبة من سبها وأهمها قاعد مرزق الجوية.

وقال اللواء محمد منفور آمر سلاح الجو للجيش التابع للبرلمان إن العملية العسكرية لاستتباب الأمن ستبدأ، مشيرا إلى أنهم يقفون على مسافة واحدة من الجميع، والجنوب سيكون تحت سيطرة القوات المسلحة بالكامل.

وقامت حكومة الوفاق الوطني، في أول رد فعل بعد بيان قوات حفتر بالتدخل في سبها، بالمطالبة بوقف إطلاق النار واحتكام العقل، وأعلنت عن تشكيل لجنة من مجلس النواب والدولة وحكومة الوفاق للوقوف على تحقيق الهدنة وإعادة الاستقرار.