العرب والعالم

تقرير :اللاجئون الفنزويليون في البرازيل.. بين الأحلام والظروف غير الصحية

28 فبراير 2018
28 فبراير 2018

بوافيستا (البرازيل) - (أ.ف.ب): في ملجأ لا تتوفر فيه الشروط الصحية على الجانب الآخر من الحدود في البرازيل، لا يكف مانويل وزوجته عن السعال، لكنهما يبتسمان لأن طفلهما قد شفي من الحصبة.

وكان هذان الزوجان ينتميان إلى الطبقة المتوسطة في فنزويلا، ولكنهما باتا مع عشرات آلاف من مواطنيهما اللاجئين في بوا فيستا التي فروا إليها هربا من الجوع والأزمة.

ومنذ شهر تعيش العائلة في ملعب تانكريدو الرياضي في عاصمة ولاية روراينا التي تبعد 200 كلم عن فنزويلا.

وقد فتح هذا الملعب أبوابه أمام اللاجئين من في 2017، عندما بدأ تدفق المهاجرين الذين اجتاحوا ساحات هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 330 ألف نسمة، وحدائقها وشوارعها، وكانت حتى ذلك الحين تنعم بالطمأنينة.

وينام الناس في الملعب أو حوله، في خيم وفي أراجيح وعلى ألواح الكرتون. والملابس متناثرة في كل مكان. وتستوعب قاعة الألعاب الرياضية 180 شخصا، ولكنها تستقبل أكثر من 600. وبالإجمال، وصل حوالى 40 ألف فنزويلي إلى ولاية رورايما.

وأتى معظمهم من شرق فنزويلا. وفي الغرب، فر أكثر من نصف مليون شخص إلى كولومبيا، فيما تغرق فنزويلا في الأزمة الاقتصادية، وتزداد عزلة حكومة نيكولاس مادورو على الصعيد الدولي.

البقاء على قيد الحياة

تطفو رائحة الخشب المحروق في ملعبي القاعة الرياضية: فاللاجئون يطبخون على نيران الخشب. أما المحظوظون فيأكلون الحساء والمعكرونة والأرز أو الخضار.

وفي المطبخ الجماعي، وهو كناية عن فضاء صغير خانق، تعد بعض المتطوعين وجبات من المنتجات المتوفرة من التبرعات.

وقالت كاتيوسكا (43 عاما) التي تشكك في الشروط الصحية للمطبخ وتحدق في حساء الأرز المصنوع في وعاء قذر للزيت: «لا نستطيع أن نأكل هذا». وقبل أربعة أشهر، غادرت كاتيوسا فنزويلا مع زوجها وابنيها «لتغيير حياتنا»، كما قالت، وأضافت «لكننا لا نعيش هنا، إننا نبقى على قيد الحياة».

وتنام العائلة في ملجأ من الكرتون، تحت شجرة، في منطقة تبلغ فيها درجة الحرارة 36 مئوية وستصلها عما قريب الأمطار الاستوائية.

ويقول الطبيب في شبكة البلدية رايموندز دو سوسا إن «وضع الفنزويليين يزداد سوءا في هذا النوع من الملاجئ؛ لأنه لا تتوفر فيه الشروط الصحية، وهو مؤات للأمراض مثل الجرب والإنفلونزا والربو والحساسية».

وعاودت الأمراض المعدية مثل الحصبة الظهور، ويقول الطبيب إن تدفق اللاجئين يزيد من خطورة الوضع الصحي.

لسنا في فنزويلا

وفي الجزء الخلفي من الملعب تدور دجاجة حول نار يسخن شبان عليها الماء لإعداد القهوة. وقال لويس (19 عاما) «هذه الدجاجة لا تزال حية؛ لأننا هنا لسنا في فنزويلا»، وأضاف مايكل (17 عاما) «لا نعرف متى وصلت إلى هنا، لكنها مثلنا، من دون سقف، وهذا ما يحملنا على الاهتمام بها».

وسيقدم المتطوعون الوجبة، مع التقيد بالنظام: الأولاد والنساء ثم الرجال. ويعيدون التوزيع إذا ما بقي طعام. لكن نادرا ما يبقى.

على بعد أمتار، تحاول مونيكا بيكير (31 عاما) مساعدة طفلها على أن ينام. وهي بائعة متجولة في بويرتو لا كروز التي تبعد ألف كيلومتر من هنا، وقد غادرت مع طفليها فنزويلا، ووجدت نفسها بلا مال على الحدود. وتمكنت من الوصول إلى بوافيستا بفضل تذاكر تبرعت بها منظمة كاثوليكية. وتشعر هذه المرأة بالطمأنينة لأنها حصلت على مكان تنام فيه، لكنها تشكو من المراحيض الخمسة، المنسدة جميعا، وتنبعث منها رائحة كريهة.

وتبكي مونيكا عندما تتحدث عن والدتها وشقيقها اللذين بقيا في فنزويلا، وقالت «لم أرد أن يموت أولادي من الجوع، لذلك جئت إلى هنا»، وهي تعرب دائما عن الأمل في تسوية الأزمة في بلادها حتى تتمكن من العودة. وتفكر نوربيليس ليناريس بالمستقبل أيضا. وفي الأسابيع الجيدة ترسل 20 رياس (5 يورو) إلى بلادها، للمساعدة في تعليم بناتها. إنها تعمل في سوق صغيرة. وتقول «أفضل ألا يأكلن على ألا يتابعن دروسهن. أريد لهن دورا مميزا في الحياة».