إشراقات

المواطنة في الإسلام (15) - الحفاظ على الممتلكات

15 فبراير 2018
15 فبراير 2018

إعداد - نادر أبو الفتوح -

في لقائه معنا يؤكد الدكتور أشرف فهمي من علماء وزارة الأوقاف المصرية، أن الشريعة الإسلامية، أوجبت ضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وحرمت التعدي عليها، لأن الممتلكات العامة هي ملك لجميع أفراد المجتمع، والحفاظ عليها يعد من مظاهر المواطنة في الإسلام، وأي تعد على أملاك الوطن أو المرافق العامة، يتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية، لأن التعدي على الممتلكات العامة والخاصة، يعد لوناً من ألوان التخريب، الذي يتنافى مع تعاليم الإسلام، لأن الشريعة تقوم على حماية النفس والمال والعقل والعرض، ولذلك فإن حماية المال العام والمرافق العامة، قضية وطنية ودينية، لأنها ترتبط بكل أفراد الوطن، وأي تأثير سلبي تجاه هذه المرافق، يؤثر على سلامة وأمن واستقرار غالبية أفراد المجتمع، الذين يستخدمون هذه الوسائل، وبالتالي فحرمة المال العام، أشد من حرمة المال الخاص، وهذا يتطلب أن يكون هناك وعي بين جميع أفراد المجتمع، بأن الممتلكات العامة خط أحمر، لا يجوز التعدي عليها أو تعطيلها أو المساس بسلامتها.

ويشير إلى أن صور التعدي على الممتلكات العامة كثيرة، وقد لا يعرف الناس أن كل سلوك خاطئ، سواء في المواصلات العامة، أو المرافق العامة، هو تعدٍ على هذه الممتلكات، فقد تجد البعض يلقي القمامة في الشوارع والميادين، وهذا يضر بعامة الناس، ويؤثر على البيئة، ويؤدي لتشويه المجتمع، وكل ذلك يتنافى مع قواعد وأسس المواطنة في الإسلام، لأن كل شخص في المجتمع، عندما يشعر أن الشارع هو ملك له ولجميع المواطنين، لن يقوم بهذه الأفعال التي تدل على غياب مفهوم المواطنة، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف (إِماطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ)، وهذا الحديث يدل على ضرورة العمل بكل جهد، لحماية وصيانة الممتلكات العامة، وعدم المساس بها.

مؤكدا أن تعطيل المرافق والمواصلات العامة، أو تخريب هذه المنشآت، هو جريمة في حق المجتمع، وكثيرا ما نجد هذه السلبيات في بعض المجتمعات، نتيجة غياب مفهوم المواطنة، فقد تجد البعض يتعدى على أراضي الدولة، ويعتقد أن هذه الأرض لن تجد من يدافع عنها، رغم أنه أول الخاسرين من هذا التعدي، لأنه حرم نفسه وحرم الآخرين من الاستفادة بشكل عام من هذه الأرض، لأنه من الممكن أن تكون هذه الأرض، مخصصة لبناء مستشفى مثلا، ونتيجة للاستيلاء على الأرض، يُحرم المجتمع من هذا النفع العام، ولذلك نحن في حاجة لغرس ثقافة التعامل مع الممتلكات العامة، والتوعية بمكانتها ودورها في خدمة الجميع، وهذه المسؤولية تتحملها الكثير من الجهات، ولذلك يجب أن تقوم وسائل الإعلام المختلفة، بالتركيز على هذه القضية، لأنها تهم كافة أفراد المجتمع، وضرورة أن يكون هناك تحذير من المساس بهذه المرافق، بل ضرورة وجود عقاب لكل من يعتدي عليها، لأن هذه السلوكيات الخاطئة، هي نتيجة خلل في المفاهيم الخاصة بالمواطنة وحب الوطن، وكذلك هناك دور يقع على عاتق الأئمة والدعاة وخطباء المساجد، في توعية الناس بمنهج الإسلام في التعامل مع المرافق والممتلكات العامة، لأننا نريد أن نعلم الأجيال الجديدة على القيم والأخلاق، وأهم هذه القيم حب الوطن، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، التي هي ملك الجميع، فحرمة المال العام، أشد من حرمة المال الخاص.

ويوضح أن الشريعة الإسلامية، كما حرمت التعدي على الممتلكات العامة، ففي نفس الوقت حرمت أيضا التعدي على ممتلكات الآخرين، من أبناء المجتمع، سواء مسلمين أو غير مسلمين، لأنه من ضمن مبادئ الشريعة الإسلامية الحفاظ على المال، والله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، وهذه الآية الكريمة تدل على أن كل إنسان يستحل أموال الناس بالباطل، فهو يأكل حرام، وسوف يحاسبه الله عز وجل على هذا الفعل، كما حذرت الشريعة الإسلامية من التعدي على أموال غير المسلمين، فلا يحل لأي مسلم، أن يعتدي على مال غير المسلم، لأن الجميع سواء في الوطن، وكل إنسان له نفس الحقوق والواجبات، سواء كان مسلما أو غير مسلم، لأن المواطنة تمنح الجميع هذا الحق.

وطالب بضرورة أن تكون هناك منظومة شاملة داخل المجتمع، في التوعية بمكانة الممتلكات العامة والخاصة، وأن يكون هناك تنسيق وتعاون بين المؤسسات المعنية، في هذا المجال، لتوعية الشباب وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتركيز على القضايا التي تدعم التعايش السلمي، وتحقق الترابط والتكاتف بين أبناء الوطن الواحد، مسلمين وغير مسلمين، لأن الإسلام يأمر ويحث على ذلك، لأن أعداء الأمة، يحاولون دائما الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد، من المسلمين وغير المسلمين، وهذا يتنافى مع مبدأ المواطنة، التي تعني أن الجميع سواسية، لأن مبدأ المواطنة يعني أن كل إنسان في المجتمع، لابد أن يشعر بالأمان على ماله وعرضه وممتلكاته، وهذا ما أقرته القوانين والدساتير، وقبل كل ذلك فإن الشريعة الإسلامية سبقت الجميع، في حماية هذه الحقوق.