humdah
humdah
أعمدة

عزاء

11 فبراير 2018
11 فبراير 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

جبناء نحن أمام الموت وأمام الفاجعة بشكل عام، هذا يجعلنا نتصرف بقسوة وأحيانا لامبالاة، رغم أن باطنها غير ذلك، عندما يصلنا خبر فاجعة حدثت لإنسان عزيز نتظاهر بأننا لم نسمع، سنتردد أحيانا في تعزيته أو إظهار المواساة له، وإن ذهبنا لنجامل بحكم الأعراف والتقاليد، سنتصرف بغرابة، سنحاول تجنب الحديث عن «الفاجعة» أو إعطاءها اسما مخففا، سنتجب الاتصال البصري مع المصاب..

عندما توفيت ابنة أختي الشابة فجأة، بقيت فترة طويلة لا أذكر اسمها أمام والدتها، ولا أتطرق للموضوع مطلقا، حتى لا أقلب عليها المواجع.

تكرر الأمر عندما فجعت بموت زوج لصديقة، اكتفيت برسالة مقتضبة، تضمنت وعدا بزيارتها أجلت تنفيذه، جبنًا مني وخوفًا من مواجهة ألمها، الذي أدركت عمقه، لهذا عندما كنت أستمع لـ«شيريل ساندبيرغ» الرئيس التنفيذي لفيسبوك، والتي حاورتها «أوبرا وينفري» حول كتابها الأخير «الخيار ب» الذي تتحدث فيه عن مأساتها أثر الموت المفاجئ لزوجها الشاب، تشابكت قصتها كثيرا في مخيلتي بقصة صديقتي، التي فقدت زوجها بعيد أشهر الزواج، وشعرت بأن كلامها موجه وهي تتحدث عن ردة فعل من حولها تجاه مأساتها، وكيف تخلف الكثيرون عن مواساتها، تتحدث عن أول يوم ذهبت فيه إلى مدرسة ابنها، وكيف تصرف الناس وكأنها «شبح غير مرئي» حتى لا يضع عينه في عينها، ويصدمه ألمها، وكيف عندما عادت للعمل تصرف زملاؤها وكأن شيئا لم يكن، لم يذكر أحد المأساة أمامها وتجنبوا ذكر اسم زوجها أو حتى التطرق إلى حقيقة أنها كانت متزوجة، وهم بذلك يظنون بأنهن يصنعون خيرا بعدم تذكيرها بمأساتها، «لست بحاجه لأن تذكرني به، فأنا لم أنسه لحظة، عوضا عن اجتنابي أحتاج أن تمسك بيدي، وتخبرني بأنك تهتم، حتى وإن لم تتكلم، لكن لا تتجاهلني» هكذا ختمت «ساندبيرغ» حديثها.

وضعت الهاتف جانبا وذهبت لتعزية صديقتي، تحدثنا كثيرا عنه، وعن تفاصيل جميلة لعلاقتها به، نسيت للحظات بأنه لم يعد موجودا وتحدثت عنه وكأنه في الغرفة المجاورة، تركتها تتحدث، وحرصت على التواصل البصري معها، فقط عندما احتضنتها مودعة سمحت للدموع أن تنهمر بغزارة، تركتها تبكي حد الاكتفاء وخرجت..