1238033
1238033
عمان اليوم

متحف «السعيدية للتعليم» يؤرخ لحقبة تاريخية انتقلت السلطنة فيها من الظلام إلى النور

03 فبراير 2018
03 فبراير 2018

عشر قاعات دراسية تروي قصة التعليم في عمان -

تقرير وتصوير- محمد الصبحي -

أُنشئت المدرسة السعيدية عام 1940 بأوامر من السلطان سعيد بن تيمور، وتخرج منها العديد من الشخصيات البارزة التي تقلدت بعض المناصب المهمة في البلد، واستمرت المدرسة في تخريج طلابها إلى عام 2000 حينما وجه جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- بتحويلها إلى متحف تعليمي شامل يُوثِّق مسيرة التعليم في السلطنة منذ فجر الإسلام حتى الوقت الحالي، والذي افتُتح في 8 يناير عام 2014، وتحول المتحف التعليمي إلى الوجهة الأولى للعديد من الزوار، والحاضن الأول للقاءات والتظاهرات الثقافية والفنية بالسلطنة.

ويحتوي متحف المدرسة السعيدية للتعليم بمسقط على 10 قاعات تضم بين طياتها العديد من المنجزات والذكريات، حيث تتضمَّن القاعة الأولى لمتحف المدرسة السعيدية للتعليم 7 شاشات مرئية تدعو إلى «حتمية التعليم»: بمعنى أنَّ التعليم ليس مسعى بشريا فقط، بل يعني جميع الكائنات؛ فالحيوان يتعلم صغاره أنواع حركات والديه حين اللعب؛ فيساعدها هذا التعلُّم على الاندماج في المجموعة، وضمان بقائها، إلى جانب تفاعلها مع المحيط الذي تكبر وتعيش فيه، وكذلك هو الحال عند الإنسان».

الميلاد في سومر في العراق القديم، وقد كانت هذه المدارس تسمى «بيت الألواح»؛ لأنَّ التلاميذ كانوا يكتبون على ألواح من طين، وكان المعلم يدعى «أوميا» أي «أبو المدرسة»، أما التلميذ فيصبح «دوب سار» أي الكاتب على اللوح، وبعد إنهاء دراسته، يصبح ذا مركز اجتماعي رفيع. وظهرت هذه الكتابة في سومر برسم أشكال ترمز إلى أشياء عديدة، ومن ثم طورها السومريون فيما بعد.

وتعرض شاشات المتحف السبع أيضا الحقبة الزمنية التي ظهرت فيها الكتابة في شبه الجزيرة العربية، وتعود أقدم الكتابات المكتشفة فيها إلى 2700 ق.م، والتي عثر عليها لأول مرة في مدينة ثمود باليمن، وسميت بـ «الكتابة الثمودية»، وعُثِر في جنوب عُمان على ما يزيد على 20 منقوشاً بخط المسند، وقد عُثر على أقدم كتابة محلية فيها في أختام في موقع رأس الجنز، وأُرِّخت لتعود إلى 2200 ق.م.

التعليم في عمان

وتعرض القاعة الثانية حكاية لـ «ظهور التعليم والمدارس في عُمان»؛ حيث يعدُّ مسجد المضمار الذي يعود بناؤه إلى عام 6 للهجرة (627م) أول مدرسة موثقة في التاريخ العُماني، كما يُعد الصحابي مازن بن غضوبة أول معلم فيها، ومن أشهر مدارس عُمان في تلك الفترة - وكانت تعرف بـ «صدر الإسلام»ـ مدرسة مسجد الشواذنة في نزوى، ومدرسة الجلندى بن مسعود، ومدرسة آل الرحيل في صحار، ومدرسة الضرح في بهلا، ومدرستا البشير بن المنذر النزواني، ومحمد بن رواح في نزوى، إضافة إلى مدرسة موسى بن أبي جابر الإزكوي بإزكي».

أما القاعة الثالثة فتستعرض مسيرة «التعليم في عُمان من القرن السابع عشر إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي»؛ حيث كان صغار السن في تلك الحقبة الزمنية يتلقون تعليمهم الأول في الكتاتيب، وبعد ختم القرآن الكريم يلتحق الطالب بحلقات التعليم في المساجد، التي يعلم فيها علماء مختلف العلوم الدينية والأدبية والتاريخية، كما في نزوى والرستاق،أو في بهلا، والمضيبي، والحمراء».

إن أهم المدارس في القرن 17: مدرسة حصن جبرين التي أسسها الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي، والتي كانت بمثابة جامعة علمية تدرس علوم القرآن، والأدب، والتاريخ، والفقه، والشريعة، والحساب، والفلك والطب، والكيمياء. وتذكر المراجع أن الإمام بلعرب أسس هذه المدرسة بناء على نصيحة وفد من علماء جزيرة جربة التونسية، بعد زيارتهم له، أمَّا عن المدارس في عهد الإمام أحمد بن سعيد، فكان أبرزها: مدرسة حبيب بن سالم بن محمد الأمبوسعيدي التي قامت 1944م في حلة العقر بنزوى. ومدرسة مسجد البياضة في الرستاق.

وتعرض القاعة الرابعة «مدارس عُمان من أواخر القرن 19 إلى عام 1970 ودور العُمانيين في نشر التعليم في شرق إفريقيا»؛ فحتى العام 1970م، لم يكن في عُمان سوى ثلاث مدارس حكومية؛ هي: المدرسة السعيدية في مسقط والتي أنشئت عام 1940م، والمدرسة السعيدية بصلالة والتي أنشئت عام 1936م، وكانت تتكون من ثلاث قاعات لتدريس القرآن الكريم، ومبادئ التجويد، والدين، واللغة العربية والحساب، إضافة إلى المدرسة السعيدية بمطرح، والتي أنشئت عام 1959م، بينما تعرض القاعة الخامسة مسيرة «المدرسة السعيدية بمسقط»: منذ افتتاح مبناها، واستمرار التعليم فيها حتى العام 1973م، وتحتوي هذه القاعة أيضا على نفس شكل المقاعد الدراسية التي كانت تستخدم في المدرسة منذ افتتاحها، إضافة إلى الكثير من المعلومات عن بدايات التعليم فيها والمديرين الذين تعاقبوا على إدارتها، والمعلمين الذين درّسوا فيها منذ تأسيسها وحتى العام 1973.

وتأتي القاعة السادسة لتعرض الكثير من الوثائق والمخطوطات والصور والمراسلات الخاصة بالمدرسة السعيدية بمسقط، ونماذج من الكتب التي كانت تدرَّس فيها: ككتاب «تلقين الصبيان ما يلزم الإنسان» للمحقق والعلامة الشيخ نور الدين السالمي، و«تفسير القرآن الكريم» لعليوة مصطفى عليوة وإسماعيل الدسوقي سرور، و«الحساب البسيط»، وأيضا «البسيط في قواعد اللغة العربية».

بينما تعرض القاعة السابعة «مرحلة النشر السريع للتعليم (1970- 1975م)»؛ فحين تولى صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد في 23/‏‏7/‏‏1970م لم يكن في عُمان سوى ثلاث مدارس ابتدائية، وقد بلغ إجمالي عدد طلابها 909 طلاب من الذكور فقط، ولكن بفضل توجيهات جلالته واهتمامه بالتعليم وبالعلم وطلبِهِ ولو تحت ظل الشجر، تسارعت وتيرة افتتاح المدارس في عُمان، كما كان لتعليم الفتاة نصيب من هذا الاهتمام؛ حيث افتتحت مدرسة الزهراء للبنات في العام 1970م بإدارة المعلمة الفلسطينية انشراح عبدالسلام.

تطور التعليم في السلطنة

وتأتي القاعة الثامنة «الإحصاءات التعليمية 1971-2013 والمدارس الحديثة»، لتعرض التسارع الكبير في تطور النظام التعليمي في السلطنة، من خلال إحصائيات ومقارنات بين عدد المدارس والمعلمين والطلاب الدارسين في الأعوام الدراسية منذ 1970م إلى العام 2013م، كما تقدم هذه القاعة أيضا عروضا مرئية لنماذج من المدارس الحديثة: كمدرسة الإمام جابر بن زيد للبنين بالوطية.

أما القاعة التاسعة، فتعرض «تحسين نوعية الخدمات التعليمية»؛ وذلك من خلال عروض مرئية ومعلومات عن مدارس التعليم الأساسي والتعليم ما بعد الأساسي، ومدارس التربية الخاصة؛ مثل: مدرسة الأمل للصم، ومدرسة التربية الفكرية، وأيضا معهد عمر بن الخطاب للمكفوفين.