1231374
1231374
مرايا

أنشأت مكتبة بدلا من ممارسة مهنة الهندسة - شهد رياض: المكتبة بيتي الثاني ولا أستطيع فراقها

31 يناير 2018
31 يناير 2018

بغداد- جبار الربيعي -

شهد رياض شابة عراقية تخرجت من كلية هندسة الطب الحياتي من جامعة النهرين في بغداد، وبدلاً من أن تجد وظيفة في دوائر الدولة العراقية للاستفادة من اختصاصها، توجهت إلى إدارة مكتبة لبيع الكتب المختلفة في مول «الواحة» في العاصمة العراقية بغداد، لتشكل شيئاً مختلفاً عن المألوف في هذا المجال، الأمر الذي جعل الكثير من رواد المول المذكور يتفاعلون معها ويشجعون هذه الفكرة ويتمنون أن تكون موجودة في كل المولات العراقية الأخرى، لما للكتاب من أهمية كبرى في تطوير الثقافة العامة للناس.

«مرايا» التقت شهد رياض وسجلت معها الحوار التالي الذي تحدثت فيه عن عملها في المكتب داخل المول.

وتوضح في بداية حديثها قائلة: إن» مكتبة (iraqibookish) التي أعمل فيها حالياً تقع في مول (الواحة) في منطقة الجادرية وسط بغداد وهذه المكتبة فيها شطران، الشطر الأول يكون مفتوحاً أمام أي شخص يرغب بقراءة أي كتاب موجود في المكتبة بشكل مجاني، أو حتى إذا كان يصطحب كتاب يعود إليه شخصياً، فلا يوجد أي مانع يذكر في هذا الشأن، أما الشطر الثاني فيتمثل بقيام الشخص بشراء الكتاب الذي قام بقراءته أو تصفحه أو كانت لديه رغبة مسبقة في اقتنائه، مما يعني أن المكتبة تسمح بقراءة الكتب وكذلك تقوم ببيعها.

فضلاً عن ذلك أن المكتبة تقوم بتوفير كتب متنوعة ثقافية وعلمية وفلسفة وتاريخ وسياسة، إذ نحاول ننوع بعناوين الكتب التي تتواجد في المكتبة وحسب حاجة المتلقي، كذلك نقوم بتوفير الكتب التي يحتاجها المتلقي، لذلك فإن الزبون الذي يزور مول (الواحة) لا يقوم فقط بشراء الملابس والعطور والحقائب والأشياء الأخرى، إنما يضم إلى حقيبة مشترياته مجموعة من الكتب المختلفة وحسب ذوقه».

وحول ردود الناس على وضع مكتبة داخل مول للتبضع،» إن ردود الأفعال كانت إيجابية جداً، حتى أن بعض الأشخاص يقومون بزيارة المكتبة لغرض تهنئتنا فقط على الفكرة ولم تكن لديهم رغبة في اقتناء الكتب، وأعتقد أن العراقيين اليوم هم بحاجة ماسة إلى التغيير، لأنهم أصيبوا بالملل من الروتين اليومي أو الأشياء التي ليس فيها أي نفع يذكر، لأن الناس تحتاج إلى أحد يقول لها هذا الطريق جديد يمكن أن تسلكوه».

الإقبال

وبشأن الإقبال على شراء الكتب في المكتبة،» حقيقةً جمهور المكتبة متنوع، فهناك أشخاص يمتلكون الثقافة العالية وهؤلاء يقومون بزيارة المكتبة باستمرار ويقتنون الكتب، وهناك أشخاص أستطيع أن أصفهم بالعابرين وهؤلاء يرحبون بالفكرة وأيضاً يقومون باقتناء بعض الكتب، فضلاً عن ذلك هناك بعض الأشخاص يطلبون منا توجيههم بشكل صحيح حول كيفية بداياتهم مع قراءة الكتب وأي العناوين التي يمكن أن تجعلهم يصبحون من هواة القراءة، وهذا الصنف أعتقد هو الأهم من بين زبائن المكتبة، لأن المثقف سبق له خوض التجربة ولا يستطيع الخروج منها، فكلنا نعرف أن الكتاب هو إدمان أيضاً وهذا الصنف أراه مهم جداً لدينا، لأنهم هم هدفنا من خلال إصرارانا على عودتهم إلى مطالعة الكتاب الورقي من جديد بعد أن حصل نوع من الخمول في العلاقة بين القارئ والكتاب بسبب سطوة التقنيات الحديثة».

وبخصوص المصاعب التي واجهتها،» نحن عملنا بجهد شخصي بحت، إذ لم نجد أي دعم مؤسساتي يذكر ولا من منظمات المجتمع المدني، ومع ذلك أقمنا فعاليات جميلة ومنها إقامة نادي القراءة والكتاب بشكل دوري من دون أن نجد أي دعم من أية جهة كانت، لذلك نحن نتحمل الجهد والتعب وكذلك التكاليف المادية، لكن الذي لديه هدفا معينا أعتقد انه يتحمل كل شيء من أجل الوصول إلى هدفه وتحقيقه مهما كانت العوائق والصعوبات والإحباطات التي تعترض طريقه».

وحول نوعية الكتب التي تحرص على توفيرها في مكتبتها،» كما ذكرت قبل قليل إنها كتب متنوعة وأكثر شيء لدينا هي كتب الروايات العراقية والعربية والأجنبية وكذلك كتب التنمية البشرية، فضلاً عن كتب سياسية واقتصادية وتسويق وأيضاً الكتب التي تصدر باللغة الإنجليزية ولاسيما الكتب الحديثة».

وعن وجودها كشابة هل أضاف للمكتبة ميزة خاصة،» قد يكون وجودي في المكتبة شيء مختلف عن المألوف الذي تعوَّد عليه العراقيون طيلة العقود الماضية وهو أن المكتبات الخاصة بالكتب تدار من قبل الرجال حصراً ولاسيما من كبار السنَّ بسبب خبرتهم الكبيرة في القراءة ومعرفة العناوين المختلفة للكتب الموجودة، لذلك فإن رواد مكتبتي يشاهدون شيئاً مختلفاً، لأنني كشابة قد تركت مجال تخصصي الدراسي الذي هو بعيد كل البعد عن المكتبة ومتطلباتها، لأنني خريجة كلية هندسة الطب الحياتي من جامعة النهرين».

وعن قراراها إذا وجدت وظيفة تتناسب مع تحصيلها الدراسي فهل تترك المكتبة،» حقيقةً ومن دون أي مبالغة تذكر أجد أن المكتبة أصبحت بيتي وصعب عليَّ تركها، لكني إذا وجدت وظيفة مناسبة فلا بأس بذلك، لأنني درست دراسة صعبة جداً ولا أرغب بتركها، لذلك سأسعى جاهدة إلى التوفيق ما بين الوظيفة والمكتبة في آنٍ واحد، لكن عملية تركي للمكتبة فهذا أمر صعب جداً على الأقل في الوقت الراهن، لأنني أقضي فيها وقتاً طويلاً، إذ في بعض الأيام أتواجد فيها لمدة طويلة تمتد من الساعة العاشرة صباحاً إلى العاشرة مساءً وهذا وقت طويل وهو يفوق الوقت الذي أقضيه في منزل عائلتي».

تطوير المكتبة

وحول وجود أفكار معينة لتطوير المكتبة الآن أو في المستقبل،» بدايةً الفكرة كان يفترض أن تكون مكتبة وكافيه، بحيث يكون المكان أوسع وتوجد فيه عملية تحضير وتقديم للمشروبات، لكن الإمكانات المادية لدينا محدودة، فضلاً عن ذلك أن المول الذي نتواجد فيه حركة الناس ليست قوية فيه، لذلك الآن زبائن المكتبة هم يجلبون مشروباتهم الخاصة ويجلسون في المكتبة».

وعن سبب اختيار المول مكاناً للمكتبة،» أعتقد أن هذا الاختيار يعود إلى أن المولات الآن هي أكثر آمناً وأكثر استقطاباً للناس، لذلك كانت رغبتنا بالتواجد مع الناس في الأماكن التي يشعرون بالأمن والراحة فيها، ووجدنا أن الكثير من الزبائن يرغبون بأن تكون فكرة وجود المكتبة متوافرة في كل المولات والبعض الآخر يطلب منا الاستمرار في الإبقاء على المكتبة في المول، لأنهم يعتقدون أن وجودنا وقتي وليس دائماً».

وحول المكتبة المتنقلة التابعة للمكتبة،» حقيقةً لدينا مكتبة متنقلة عبارة عن سيارة توجد فيها مجموعة من الكتب، وهذه المكتبة الجوالة تتجول في كل مرة بمكان معين، وعملية تواجدنا تكون حسب المعارف أو الدعوات التي نتلقاها من قبل الناس، وقد تفاعل مع هذه الفكرة الكثير من المواطنين العراقيين ومن مناطق مختلفة في بغداد».

وماذا عن أعمالكِ في كتابة الرواية والقصة،» حقيقة أني أواصل كتابة الأعمال الأدبية رغم انشغالي بالمكتبة، إذ أصدرت روايتي الأولى التي حملت عنوان «حب برائحة الياسمين» في عام 2015 والآن قريباً ستصدر لي مجموعة قصصية جديدة تدعم مرضى السرطان نفسياً، لأن هؤلاء المرضى هم بأمس الحاجة الى الدعم النفسي لكي يواجهوا محنة هذا المرض الخطير.

كذلك بدأت منذ مدة بكتابة رواية جديدة وكنت أتوقع أن عملي في المكتبة سيساعدني كثيراً على الكتابة، إلا أن الذي حصل كان العكس تماماً، إذ لم استطع الكتابة في المكتبة، بل كل ما اكتبه إما في البيت أو عندي تنقلي بالسيارة».