1230426
1230426
مرايا

جو لحود: قدرة مقدم البرامج تتطور بالتحديث والمثابرة

31 يناير 2018
31 يناير 2018

حاورته- ضحى عبدالرؤوف المل :-

يبحر مقدم البرنامج الصباحي «جو لحود» بالمشاهد عبر شاشة تلفزيون لبنان، فيفتح أشرعته الإعلامية بعيداً عن النمطية، ليكسر الرتابة والجمود ويستبدلها بالبساطة والحيوية، حتى ليشعر الضيف أنه في منزله يتناول القهوة ويحادثه بأريحية تامة، وهذا يدل على الوعي الإعلامي الذي يمتلكه من حيث التزامه بالمضمون الإعلامي الهادف إن تلفزيونيا أو إذاعيا دون إسفاف أو مبالغة أو رمي الأحمال الثقيلة على الضيف أو محاولا إبراز الذات، فهو مستمع قبل أن يكون محاورا وضمن المعايير الأساسية التي يضعها لإنجاح برنامجه الصباحي الذي بات يستقطب الجمهور المهتم بالفترة الصباحية وما تحمله من فقرات يقدمها «جو لحود» بنكهة ثقافية معرفية ترفيهية يتحدث من خلالها في شتى المواضيع وبشكل سلس ويلائم الفئات العمرية ومزاجيتها في المشاهدة والمتابعة لهذا النوع من البرامج الموضوعية التي تحتاج إلى شفافية وتفاعل مع الجمهور.

مع الإعلامي ومقدم البرنامج الصباحي «جو لحود» أجرينا هذا الحوار.

- بين الإذاعة والتلفزيون أيهما تختار؟ ومتى؟

اشتغلت في التلفزيون وفي الإذاعة وكل منهما له حلاوته، في كل مكان نكهة مختلفة عن الأخرى، لهذا لا أستطيع الاختيار بينهما لأنهما يجتمعان معا في الكثير من الصفات الإعلامية، والإعلام هو الإعلام أن مرئيا أو في الصحافة المكتوبة، أرى نفسي في الاثنين، والأهم هو التواصل مع الجمهور.

- البرنامج الصباحي التلفزيوني يعتمد على سرعة البديهة وهذا يخيف البعض، ما رأيك؟

بدأت بالبرنامج الصباحي منذ عشر سنوات عبر تلفزيون لبنان، وتنقلت في أكثر من إذاعة من صوت لبنان الى راديو الشعب، والبرامج الصباحية هي من أصعب البرامج التي يقدمها أو يحاور فيها أي إعلامي تلفزيونيا أو إذاعيا. والتحدي الأكبر فيه أنه مباشر على الهواء، فما من مجال للخطأ أو الإعادة، وهنا صعوبته وجماليته بالنسبة لي، وهو لا يحتاج لسرعة بديهة فقط، إنما يحتاج لحضور يومي ومتابعة يومية لمعرفة كل شيء عن كل شيء تقريبا. فما من تخصص في البرامج الصباحية، ونحن نحاور كل شيء، فهناك ضيوف من عالم الثقافة والفن والاجتماع والسياسة والفلك وغير ذلك، لكن المقدرة هي في التنقل من موضوع إلى موضوع، لأن لكل موضوع لمصطلحاته وأدواته، وهذا نكتسبه من خلال الخبرة، أما سرعة البديهة فهي بالفطرة.

- ابن منطقة سبعل والبساطة توحيها للضيف إلا أنك تمتلك عمق الرؤية، كيف تغذيها؟

صحيح أنا ابن بلدة سبعل وافتخر أنني منها، افتخر أني من منطقة زغرتا الزاوية، هذه المنطقة تسمى الزاوية لكنها حجر زاوية لكثير من الإبداعات الموجودة في البلد على كل الأصعدة، والبساطة التي أوحيها للضيف هي ضرورية لأني لا أنافس الضيف، ولا أحاول إرباكه ولا إثارة خجله، فدوري هو بث الراحة في نفس الضيف ليشعر بالسعادة معي وأمام الكاميرا أو الشاشة، وهذا دوري الأساسي، والمفروض أن اهتم به لأنه مهنتي وواجبي اليومي.

أما عمق الرؤية فأغذيها بالمتابعة اليومية لكل ما يحدث في البلد، إضافة لقراءات يومية ومطالعة تقليدية عبر الكتب أو عبر الإنترنت، وأيضا استكمال دراستي بالإعلام، وهذا يعطيني الأفق الواسع والأبعاد بشكل اكبر في كل الحوارات التي أجريها.

- هل لسنوات الخبرة التلفزيونية جدارتها في منح الإعلامي صورة متجددة دائما؟

سنوات الخبرة مهمة جدا للعمل الإعلامي، لأننا كل يوم تكتسب شيئا جديدا من طرق الحوار، كيف نتعاطى مع الضيف، كيف نتعاطى مع كل العناصر الموجودة في الاستوديو، فسنوات الخبرة ليست لعبة والتراكم جدا مهم في عالم الإعلام، ويعطينا ثقة أكبر ونضج أكبر من خلال تعاطينا في أي موضوع وكيف نتعاطى معه عبر أي زاوية تتم معالجته وإبعاد أحيانا نغفل عنها في أول سنوات الخبرة، ونحترم الضيف اكثر لأن خبرة السنوات تعلمنا أن كل ضيف هو جدير بالاحترام أكثر وأكثر، والإعلامي الجيد هو الذي يعرف كيفية الاستفادة من سنوات خبرته ليكون بتجدد دائم، كي يبني من كل تجربة محورا جديدا من عمله ويقدم صورة جديدة للمشاهد.

- ما هي الأسس التي تحاور من خلالها ضيفك؟

أحاورهم دائما على أساس الاحترام وهو قاعدة أساسية في كل حواراتي، ففي البرامج الصباحية لدينا ضيوف من كل القطاعات ومن كل الأماكن وكل المستويات، وأحيانا بعض الناس تريد التحدث عن موضوع صغير جدا، وفي الوقت نفسه لدينا أطباء يتحدثون عن موضوع كبير جدا، أو من السياسيين والفنانين صف أول مشهورين، لهذا البرنامج الصباحي متنوع بضيوفه.

والقاعدة الأهم ان احترم عطاء كل الناس في اي مجال والمادة التي يقدمها الضيف، ودائما أحاور ضيفي على قاعدة أساسية هي ان أضع نفسي مكان المشاهد وأسأل أسئلة المشاهد التي تجعله يعرف ما الذي يريده هذا الضيف؟ ما هو عمله؟ ما هو نشاطه؟ فأحاول أن أستنبط فكرته وأغوص في فكرته وأسأل الأسئلة التي لا يستطيع المشاهد أن يسألها، وأعتقد هذا ما يميزني في حواراتي.

- ما رأيك في الإعلام اللبناني حاليا؟ وهل أنت مقتنع بالمكان الذي أنت فيه؟

الإعلام اللبناني تنقصه المادة والقدرة على الإنتاج، لأننا ي أزمة مادية كبيرة في الإعلام اللبناني في مختلف فروعه من الصحافة المكتوبة وصولا الى التلفزيون والإذاعة، نحن بمرحلة شح مادي، وهذا يؤثر على كل المرافق في الإعلام، يؤثر على مضمون الإعلام، وطبيعة البرامج من يقدمها من يقوم بإعدادها، نحن بأزمة فعلية بدأت مادية وانتقلت لكل الأصعدة.

وأنا أؤمن تماما بأن الإعلامي اللبناني يمتلك المحتوى المهم، وهو رائد في مجال الإعلام العربي بطبيعة الحال، لكن عنصر المادة هو الذي يدفع بالإعلام اللبناني نحو السلبية، وأن ينتقل من المكان الصحيح المرسوم له من القيادة والريادة العربية الإعلامية الى مكان آخر. للأسف ما نراه اليوم غير مريح والسبب هو الأزمة الاقتصادية التي تؤثر على مضمونه وأخلاقياته وسيرته، وبطبيعة الحال تؤثر على العاملين في هذا المجال.

وأضاف: شاشة تلفزيون لبنان شاشة جميلة جدا كانت الحلم بالنسبة لي، عندما بدأت فيها كانت شاشة تبث الراحة للعاملين فيها، لأنها لا تعطي صبغة ولا لونا ولا طائفة ولا مذهبا ولا انتماء حزبيا، شاشة تجعلنا نرى الوطن من منظار كبير جدا، وعندما بدأنا فيها كنا كالعائلة، لأنها شاشة علمتنا انه يوجد المواطن في لبنان بدون طوائفية، وبلا أحزاب ومذاهب شاشة أعطتنا الكثير وفضلها دائم في كل مسيرتي الإعلامية. لكن الطموح أحيانا اكبر من الموجود وهنا المشكلة، لأن التلفزيون اللبناني بوضعه الحالي الذي وصل الى ما هو عليه ،ولا أعرف ماهية الأسباب، والطموح حق وواجب لكل إنسان، ولكن أدرك كيف أوجد الخط الذي لا يشبه أحدا، والوقت كفيل بإصلاح كل الأمور.

- الخطأ على الهواء مباشرة كيف تستدركه؟ وهل من إمكانية تصحيحه إن وقع؟

دائما هناك أخطاء، فمن منا لا يخطئ على الهواء! خاصة أننا نقدم البرنامج على الهواء مباشرة والخطأ وارد، وما من أحد معصوم عن الخطأ. لكن إمكانية الخطأ تكبر كلما امتد الوقت، حيث قدمت في فترة من الفترات البرنامج الصباحي على الهواء مباشرة لمدة ساعتين ونصف بشكل منفرد على الهواء، وكان التحدي ان أخطئ بشكل اقل.واحيانا نخطئ مثلا بأسماء الضيوف أو لقبهم، لأن هذا التركيز أحيانا نفتقده للحظة، ومن ثم نعتذر عن الخطأ ونصححه، وذلك مثل أي خطأ في الحياة لا بد أن نعتذر ونصحح.

- ألا تظن أن قدرة مقدم البرامج تحتاج لصقل وتحديث دائم؟

قدرة مقدم البرامج تتطور من خلال التحديث والصقل والتطوير والمثابرة، ويجب ان يتابع الدورات المتخصصة في عالم التقديم ومتابع لكل ما من شأنه مساعدته في التجدد في هذا الإطار، سواء على صعيد اللغة وطرق الحوار والمعلومات الجديدة التي نهتم بها، لأن الإنسان أن لم يتعلم كل يوم شيء جديد ينتهي، وإن تحولنا إلى بحيرات جامدة لا بد أن تفوح الرائحة البشعة، لهذا يجب أن نكون كالمياه الجارية لنتجدد.

- ما هي صمامات الأمان لمهارات يجب أن يتقنها مقدم البرامج الصباحية تحديداً؟

يجب ان يتحلى بكل الصفات المشتركة من لغة وإطلالة وسرعة البديهة التي تكلمنا عنها في البداية، والقدرة على التنقل بين موضوع وآخر بسلاسة، والثقافة العامة لأن البرامج الصباحية بالمبدأ تحمل صفة ثقافية عامة غالبا.

ولا بد لمقدم البرامج الصباحية أن يمتلك القبول لدى الناس والقدرة على خلق الابتسامة لأنه يظهر في قترة صباحية دقيقة، لهذا يجب ان يبتسم بتوازن بين الجدية والروح المرحة التي لا تتخطى الحدود والأطر الطبيعية لها. أيضا يجب ان يمتلك مهارة التواصل الجيد مع الضيوف، وبالتالي نحن يجب ان نخلق هذه المساحة المشتركة بيننا وبين الضيف. وهناك مهارات تشبه كل المهارات الإعلامية مثل القدرة على التواصل من خلال الأطر الاجتماعية الجديدة، واهم شيء احترام الضيف لأنه يدخل الى بيوت المشاهدين، بمعنى مهارات لها علاقة بالاحترام.