222
222
عمان اليوم

رئيس محكمة الاستئناف بالبريمي: دور فاعل للقضائي في تحقيق الأمن الاجتماعي والمحافظة على المكتسبات

30 يناير 2018
30 يناير 2018

طالب الإعلام بإبراز تطور السلطة القضائية ومساهمتها في التنمية -

البريمي : حميد بن حمد المنذري -

أكد فضيلة الشيخ الدكتور سعيد بن مصبح الغريبي رئيس محكمة الاستئناف بالبريمي رئيس الجمعية العامة لمحاكم محافظة البريمي على استقلالية القضاء العماني التي تعد الركيزة والضمان الأساسي لإقامة العدل وحماية الحقوق والحريات، مشيرا إلى أن للعمل القضائي دورا فاعلا في تحقيق الأمن الاجتماعي والمحافظة على المكتسبات والإنجازات من خلال تعزيز ثقة الأفراد والجماعات في مصداقية العمل القضائي، المتميز بالنزاهة والبعد عن الشبهات، والحرص الشديد على حماية المجتمع والمساهمة الفاعلة في التنمية الشاملة.

الحسم والعزم في التعامل مع القضايا والطعون المقدمة للمحكمة وتطبيق القانون نصا وروحا في التعامل مع تلك القضايا، ومعالجة ما قد يسببه التأخير في حسمها مما ساهم في تسريع إجراءات التقاضي وتحقيق نسبة إنجاز عالية في عام 2017م بلغت 97% حيث نظرت المحكمة 838 قضية حكم منها 813 قضية، وبقيت 25 قضية فقط أغلبها تم تسجيلها خلال شهر ديسمبر الماضي، ووصلت نسبة الإنجاز في بعض الدوائر القضائية 100%، وشكل الجانب الجزائي النسبة الأكبر من عمل الدوائر القضائية إذ بلغت نسبته بشقيه الجنايات والجنح المستأنفة من مجموع القضايا المنظورة 41.7%، وذلك كله جهد مميز يشكر عليه أصحاب الفضيلة قضاة المحكمة.

وحول عملية التحديث والتطوير في المنظومة القضائية قال فضيلته: إن تلك العملية تخضع للتطوير بشكل مستمر بفضل الرعاية السامية الكريمة لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أبقاه الله- رئيس المجلس الأعلى للقضاء ودعم جلالته المتواصل للقضاء واستقلاليته، وهو الذي اتضح جليا من خلال تطوير التشريعات القائمة وتحديثها من قبل السلطة التشريعية وفقا للإجراءات المقررة بالنظام الأساسي للدولة، وذلك حسب تطور المجتمع وحاجته للتنظيم، وتطوير البنية الأساسية حيث تم تطوير المباني الخاصة بالمحاكم وافتتاح مجمعات المحاكم في كثير من محافظات السلطنة ومنها محافظة البريمي، وافتتاح مبنى المحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاء لإظهار هيبة القضاء ومكانته واهتمام الدولة بالسلطة القضائية؛ ليكون مؤشرا على استقلاليته واحترامه الذي يليق به، وأضاف إلى إدخال التقنية الحديثة لتسريع الخدمات المقدمة وتجويدها، حيث تم الشروع في نظام إدارة القضايا لمواكبة التطور الرقمي والحكومة الإلكترونية.

دور القضاء في ترسيخ الأمن

وحول دور القضاء في ترسيخ الأمن أكد فضيلته أن «الأمن الاجتماعي مكسب ثمين جدا، وأن تحقيقه ليس بالأمر الهين في تاريخ الشعوب والجماعات، حيث تسهم مختلف القطاعات الفاعلة في تدعيمه وترسيخه وكذلك المحافظة عليه إذ ينبغي حماية هذا الأمن وإحاطته بوافر الرعاية والعناية، حتى يؤتي أكله وتثمر نتائجه استقرارا ورخاء وتنمية، ولما كان للعمل القضائي دور فاعل في تحقيق الأمن الاجتماعي فإن له دورا مهما أيضا في المحافظة على المكتسبات والإنجازات من خلال تعزيز ثقة الأفراد والجماعات في مصداقية العمل القضائي المتميز بالنزاهة والبعد عن الشبهات، والحرص الشديد على حماية المجتمع والمساهمة الفاعلة في التنمية الشاملة. وقال إنه إن لم يجد الحكم القضائي سبيله للتنفيذ فإن الناس سيفقدون الثقة في القضاء، ومن أجل ذلك وجب حماية القضاء من عبث العابثين وجعله بعيدا عن تدخل السلطات الأخرى في قضاياه وأحكامه. وأوضح أنه تم تدعيم مكانة القضاء واستقلاليته بشكل واضح في قانون الجزاء الجديد رقم 7/‏‏2018م، إذ أفرد له الباب السادس «الجرائم المخلة بسير العدالة «وخصص الفصل الثاني منه للحديث عن تعطيل الإجراءات القضائية وتضليل العدالة عبر المواد من (228-232)، كما خصص الفصل الخامس للحديث عن التأثير في القضاء والإساءة إلى سمعته عبر المواد من (247 – 249).

وبين فضيلة الشيخ الدكتور سعيد بن مصبح الغريبي أن السلطة القضائية بالسلطنة تتمتع باستقلال كامل وفريد من نوعه، ويأتي تفرده من وجهين أولهما: من حيث المبادئ الدستورية المقررة للاستقلال الكامل، فهو استقلال شامل وظيفي وإداري ومالي حيث نصت المادة (60) من النظام الأساسي للدولة على أن «السلطة القضائية مستقلة» والمادة (61) أنه «لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون»، وجاء نص المادة «59» منه على أن «سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وشرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات». مشيرا فضيلته إلى أنه تطبيقا للنصوص الدستورية فقد حظي القضاء العماني باهتمام كبير من لدن صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - منذ فجر النهضة العمانية الحديثة، ونال العز والشرف برئاسة جلالته - حفظه الله - للمجلس الأعلى للقضاء، وأصبح القضاء العماني مستقلا من الناحية الإدارية، حيث إنه صدر المرسوم السلطاني رقم 10/‏‏2012 بتاريخ 29 فبراير 2012م الذي بموجبه أصبح مجلس الشؤون الإدارية للقضاء يمارس الاختصاصات المعقودة لوزارة العدل، وتم نقل تبعية المحاكم والإدارة العامة للتفتيش القضائي والإدارة العامة للمحاكم إلى المجلس، وبذلك تصبح السلطنة من أوائل الدول التي أعطت القضاء الاستقلال الكامل عن السلطة التنفيذية. وقال: إن الوجه الثاني لتفرد القضاء في السلطنة يتمثل في فاعلية مبدأ الاستقلال، بكفالة ضماناته دستورياً، فالقضاة مستقلون في أداء واجباتهم، ولا يجوز التأثير عليهم في أحكامهم أو التدخل في القضايا أو شؤون العدالة، وهذا ما نصت عليه المادة 61/‏‏2 من النظام الأساسي للدولة، ونصت الفقرة الثالثة من ذات المادة على كفالة الأمن الوظيفي، حيث جاء بها عدم قابليتهم للعزل إلا وفقا للقانون، كما أن أجهزة الدولة ومؤسساتها مُلزمة بتنفيذ أحكام وأوامر المحاكم، واعتبر عدم التنفيذ أو تعطيل التنفيذ جريمة يعاقب عليها القانون وفقاً لمقتضى المادة 71 من النظام الأساسي المذكور. وتجسيدا لمبدأ استقلال القضاء في السلطنة مُنح القاضي حصانة وحماية بصفة مستمرة، فلا يعزل من منصبه ما دام على أهليته في القيام بأعباء منصبه، وهو ما أكد عليه النظام الأساسي للدولة، حيث نص في المادة (61) على أن القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون، وهو ما فصلته أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 90/‏‏99 وتعديلاته. كما أنه لا يُتعرض إليه بسوء بسبب الأحكام التي يصدرها، ولا تتوجه إلى شخصه خصومة بشأنها سواء أكان يباشر وظيفة القضاء، أم تخلى عنها لأي سبب من الأسباب. وكذلك فهو محمي بالحصانة الإجرائية من أي محاولة للكيد له واتهامه بأي اتهام جزائي، فلا يجوز تحريك دعوى جزائية ضد القاضي إلا بعد الحصول على إذن من مجلس الشؤون الإدارية للقضاء. أما على مستوى النزاهة فقد أكد فضيلة رئيس محكمة الاستئناف بالبريمي رئيس الجمعية العامة لمحاكم محافظة البريمي أن القضاء العماني يتمتع بأقصى درجات النزاهة والشفافية؛ حيث تبوأ عام 2010 مرتبة رفيعة في التصنيف العالمي الذي يجريه معهد فريزر الكندي بالتعاون مع مؤسسة البحوث الدولية مسجلا المرتبة الأولى عربيا مقتربا من تسع درجات من عشر درجات على مستوى العالم لتضعه النتيجة في المرتبة الثانية عشرة على مستوى الأنظمة القضائية في العالم التي تتوافر فيها أقصى درجات النزاهة والشفافية والاستقلالية.

وأشار إلى تشكيل لجنة التطوير الإداري لتقييم ودراسة الإجراءات المتخذة في المحاكم ونظرة المتعاملين إليها إيمانا بضرورة تنفيذ الرؤية السامية الكريمة في تطوير الأداء الحكومي بشكل عام والقضائي بشكل خاص، حيث تهدف اللجنة إلى تطوير الخدمات المقدمة وتجويدها وتجميع الأفكار والمقترحات من جميع الموظفين، وعمل استبيانات للمراجعين ودراستها، والاستفادة من آراء المتعاملين مع المحاكم من خلال الاستبيانات التي توزع عليهم بشكل دوري، وتخصيص رقم هاتف للمراسلة عن طريق خدمة الواتس آب على رقم 71115435 لاستقبال أي ملاحظة أو مقترح للتطوير، كما تقوم بدراسة الأفكار المطروحة للتطوير وإمكانية التطبيق في أي قسم وفي أي مرحلة، وهناك اجتماعات دورية لمناقشة مرئياتها ونتائج دراساتها للمسائل محل البحث ودراسة كيفية ووقت تنفيذ مرئياتها حيث تجمع اللجنة في عضويتها موظفين من جميع محاكم المحافظة.

وأضاف أن من بين الإجراءات التي تم تطويرها العام الماضي تسليم الأحكام القضائية المحجوزة سلفا في يوم النطق بها مما يؤدي إلى أثر إيجابي ملموس؛ حيث يمكن الخصوم من الطعن على الأحكام أمام المحكمة العليا مباشرة وصولا إلى الفصل في الطعن في أقصر الآجال، بالإضافة إلى تمكين المحكوم لهم من تنفيذ الحكم كونه حكما نهائيا، وتنفيذ قرارات الدوائر القضائية فور صدورها عن طريق أمين سر مخصص لهذا الغرض، وتفعيل إجراء ندب خبراء الجهات لتسريع إنجاز أعمال الخبرة، وإنشاء قاعدة بيانات بأسماء الخبراء ونوع الخبرة والجهة التي ينتمي إليها، وذلك بعد أخذ موافقتهم وموافقة الجهة التي ينتمون إليها، وإنشاء قاعدة بيانات بالمترجمين بمختلف اللغات لسهولة الاستعانة بهم من قبل الهيئات القضائية وقت الحاجة. وأضاف فضيلته أن الجانب التقني حظي باهتمام بالغ ليساهم في تطوير وتجويد العمل القضائي حيث دشن مجلس الشؤون الإدارية للقضاء نظام إدارة القضايا في بداية عام 2017م، وهناك توجه لتعميم النظام في جميع محاكم السلطنة ليشكل قفزة نوعية للمتعاملين مع المحاكم، حيث سيكون هناك ربط بين المحاكم مع بعضها البعض مع مجلس الشؤون الإدارية للقضاء، وسيصبح بإمكان أي شخص أن يقدم دعواه من مكان إقامته، ويمكنه متابعة إجراءات سير الدعوى كذلك. وأشار إلى أنه قد تم تطبيق نظام إدارة القضايا بالمحكمة الابتدائية في العام الماضي، وفي محكمة الاستئناف في بداية يناير من هذا العام، وبحمد الله يحظى التحول الإلكتروني باهتمام من قبل مجلس الشؤون الإدارية للقضاء، ونرجو أن يتم التطبيق الفعلي في الفترة القريبة القادمة.

حماية الاستثمار

وتحدث فضيلة الدكتور عن دور القضاء في حماية الاستثمار فأشار إلى أن القضاء يعتبر الاستثمار دعامة أساسية للتنمية، ويشكل إضافة إلى الطاقة الإنتاجية للدولة، وزيادة في الثروات، ويحتاج إلى مناخ ملائم للجذب ولا شك أن تحقيق الأمن القانوني والقضائي من أهم عناصر جذب الاستثمار، فالمستثمر سواء كان مواطنا أم أجنبيا، ومهما كانت المبادرات التشجيعية المنصوص عليها في التشريعات والأنظمة فإنه ما كان ليغامر بأمواله إلا إذا تحقق من وجود قضاء مستقل وفعال يترجم النصوص بما يحقق العدل والمساواة والنزاهة، وعليه فإن القضاء يساهم في تنظيم الأنشطة الاقتصادية من خلال ضبط قواعد التعامل حتى تسودها الشفافية، ومن ثم كان تحقيق التنمية رهين لمدى نجاعة المنظومة القضائية، وكذا فاعليتها ونزاهتها لضمان تكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق والحريات ونهوضا بأهمية دور القضاء واستثمار انعكاس النجاعة القضائية على التنمية الاقتصادية واستقرارها. وأكد أنه بفضل الله وتوفيقه للقيادة العمانية الحكيمة قد توفر للمستثمرين كل وسائل الاستثمار وسبب جذبها من شفافية وحرية المنافسة والمساواة في الحقوق والواجبات، إضافة إلى البيئة الاستثمارية المهيئة والبنية التحية المتطورة والتشريعات المنظمة والداعمة للاستثمار، إضافة إلى وجود قضاء مستقل ونزيه ومتطور يأخذ بتطورات العصر ويستفيد من إرثه الحضاري العريق.

رقابة ذاتية

وردا على سؤال حول وجود الرقابة الذاتية للقضاء قال: في تقديري الشخصي يجب أن تكون هناك رقابة ذاتية من ذات الشخص ابتداء، فالدين الإسلامي أحد أهم تعاليمه التي أوصى بها المسلم هي الأمانة، التي يندرج تحتها جميع ما على القاضي أو الموظف من التزامات وواجبات، فاستقلال القضاء يستلزم أن يكون ضـمير القـاضي وخوفـه مـن الله هو الذي يحكم عمله دون مؤثر خارجي إلا أن ترك القـضاة دون رقابـة عـلى مستوى أدائهم ودون التحقق من سلامة الإجراءات المطبقة في المحاكم قد يكون مؤثرا في تطوير الأداء بالمحاكم، فالرقابة الذاتية للقاضي يصاحبها رقابة مؤسسية لذات المؤسسة القضائية لا تحجب الدور الإشرافي والرقابي للمؤسسة القضائية على أفرادها المنتسبين للهيئات القضائية، حيث إنه توجد الإدارة العامة للتفتيش القضائي، وهي صاحبة الاختصاص في مراقبة ومتابعة أعمال أصحاب الفضيلة القضاة دون التأثير في استقلال رأي القاضي في النزاع المطروح.

وأوضح أن المتـابع للتطـور الحاصل في عمل التفتيش القضائي بالسلطنة، لا يخفى عليه المستوى النوعي المتميز، والجودة الفنية، في إنتاج مهام التفتـيش القـضائي، واستطلاعه لواقع العمل القضائي في المحاكم، مما ساهم بتطوير العمل القضائي نحو الأفضل، وكذلك تسريع إجراءات نظر الدعاوى بما يتلاءم مع روح النصوص المنظمة في هذا الشأن، وهذا كله بفضل المتابعة الدائمة والمستمرة من قبل فضيلة الشيخ الدكتور إسحاق بن أحمد البوسعيدي رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس الشؤون الإدارية للقضاء نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء. كما يوجد مكتب للتفتيش الإداري بالمجلس لمراقبة أعمال الإدارة لموظفي المحاكم ومراجعة السجلات الملفات المتعلقة بالجوانب الإدارية. كما تقوم دائرة التدقيق الداخلي بالتدقيق على الأمور المالية من سندات وإيصالات وغيرها، وهذا كله يساهم في الارتقاء بمستوى جودة العمل وتطويره.

واختتم فضيلة الشيخ الدكتور سعيد بن مصبح الغريبي رئيس محكمة الاستئناف بالبريمي رئيس الجمعية العامة لمحاكم محافظة البريمي حديثه عن العلاقة بين القضاء والإعلام فقال: الإعلام له دور مهم وحيوي في إبراز منجزات النهضة المباركة، ودوره يشمل كل السلطات الثلاث وهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية؛ لذا فهو مطالب بإبراز تطور السلطة القضائية في السلطنة ومساهمتها الفاعلة في التنمية الشاملة على مستوى السلطنة، فكما ذكرنا دور القضاء في تحقيق الأمن وتشجيع الاستثمار، وهذا الدور يحتاج إلى إبرازه بحيث يكون محسوسا ومفهوما لدى جميع أفراد المجتمع وهذا من الواجبات الوطنية التي يضفيها حب عمان على الإعلام بكل أشكاله.