1233678
1233678
الاقتصادية

الحوكمة ركيزة أساسية لرفع كفاءة الشركات والشفافية في بيئة الأعمال

27 يناير 2018
27 يناير 2018

المدير التنفيذي لمركز عمان للحوكمة والاستدامة في حوار مع عمان:-

حوار - أمل رجب -

أكد السيد حامد بن سلطان البوسعيدي المدير التنفيذي لمركز عمان للحوكمة والاستدامة: ان الحوكمة تعد ركيزة أساسية لرفع كفاءة الشركات بمختلف أنواعها سواء عامة أو خاصة وتعزيز الرقابة والشفافية في بيئة الأعمال بما يساهم في مزيد من تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني، وفي هذا الإطار يواصل مركز عمان للحوكمة والاستدامة العمل في عدد من المواثيق والأدلة الاسترشادية لتعزيز ثقافة الحوكمة، ومع بداية العام الجاري بدأ المركز تنفيذ خطة عمل جديدة للفترة من 2018 الى 2020 وتحدد الخطة أهدافا عامة لهذه الفترة وأهدافا فرعية لكل عام على حدة، والأهداف هي تعزيز ممارسات الحوكمة في الشركات الحكومية والشركات العائلية وغيرهما من الشركات، ومساندة الوزارات والجهات الحكومية وكافة الهيئات من خلال إعداد أدلة استرشادية لتطبيق الحوكمة في بيئة عملها، كما يعد من أهم الأهداف تعزيز مكانة السلطنة في مؤشر الحوكمة من خلال إطلاق مؤشر حوكمة لقطاع سوق المال بهدف تعزيز ثقة المستثمرين من داخل وخارج السلطنة، وإصدار ميثاق خاص للشركات العائلية، وتدريب وتأهيل كادر جيد كفوء لمجالس إدارات الشركات وتعزيز حس المسؤولية والمساءلة والشفافية والنزاهة.

وأشار في حوار مع «عمان الاقتصادي» إلى أن العمل انتهى تقريبا في واحد من أهم المشروعات التي يعمل فيها المركز وهو ميثاق حوكمة الشركات الحكومية، ومن المؤمل ان يصدر خلال العام الجاري، والهدف من المشروع هو إصدار ميثاق أو دليل حوكمة للشركات الحكومية كون هذه الشركات تمثل ثقلا اقتصاديا كبيرا وتقدم مساهمة ملموسة في الناتج المحلي، كما أنها تضطلع بدور كبير في مجال في المسؤولية الاجتماعية فكان لا بد من إدخال مبادئ الحكومة فيها سعيا الى تحسين بيئة عملها، ويتم إعداد الميثاق بناء على اتفاقية تم توقعيها العام الماضي بين وزارة المالية ومركز عمان للحوكمة والاستدامة وهذه الاتفاقية هي استجابة لرغبة وزارة المالية في إيجاد ضوابط ومعايير تستهدف تعزيز مبادئ الإدارة الرشيدة لدى الشركات الحكومية وبالتالي رفع كفاءة الأداء وتحقيق مزيد من النمو والتوسع في أنشطة واستثمارات الشركات الحكومية، كما أن الميثاق يأتي ضمن مخرجات مختبر المالية عبر البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي “تنفيذ” حيث أوصت المخرجات بتطبيق الشركات الحكومية ممارسات الحوكمة، وتعزيز الإفصاح والشفافية بشكل عام، وهذا الدليل يمكن ان يساعد كثيرا في تحسين دور مجالس الإدارات ويتضمن الميثاق قواعد استرشادية للفصل في هذه الشركات بين دور المالك وهو وزارة المالية وبين دور كل من مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية وتحديد أدوار كل من هذه الجهات، ووضع ضوابط في اختيار وتعيين مجالس الإدارات وتأهيلهم وتطويرهم.

واضاف انه يندرج ضمن المشروعات المهمة للعام الجاري اصدار ميثاق او دليل لسياسات وطنية موحدة في الاستدامة ويقصد بها المفهوم الأوسع للمسؤولية الاجتماعية، ويتم إعداد الميثاق بناء على طلب من شركات القطاع الخاص التي ترى ان لديها بالفعل مساهمة في مجال المسؤولية الاجتماعية لكن قد لا يتم إلقاء الضوء عليها بما يكفي،كما انه لا يوجد معايير لتقييم هذه المساهمة، ونسعى في هذا الميثاق الى مساعدة الشركات على وضع أسس تتوافق مع المعايير العالمية في مجال المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص. ونتوقع ان يصدر الدليل خلال العام الجاري وسيكون استرشادا لجميع أنواع الشركات، والهدف إرساء الثقافة الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية وتحويلها من العمل الخيري الى نطاق أوسع يحدد أسسا للمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص ويتضمن ذلك وضع معايير يمكن من خلالها قياس العائد الذي يستفيده المجتمع من الاستثمار الاجتماعي الذي تقوم به الشركات، ونحن في المركز نشجع وجود المسؤولية الاجتماعية حيث إنها لا تفيد المجتمع فقط بل إنها تحقق عوائد جيدة للشركات نفسها وهي تخلق صورة إيجابية لدى المواطنين عن هذه المؤسسات وهو ما يساهم في الترويج لما تقدمه المؤسسات من سلع وخدمات.

ويطمح مركز عمان للحوكمة والاستدامة الى انشاء مؤشر حوكمة يختص بسوق الاوراق المالية بجانب مؤشر سوق مسقط 30، وهو مشروع كبير يتطلب كثيرا من العمل والاجراءات، وعبر المعايير التي يتضمنها المؤشر يمكن قياس التزام الشركات بميثاق الحوكمة الصادر عن هيئة سوق المال ومستوى الشفافية في الشركات وكفاءة مجالس الادارات وأداء الشركات نفسها، ومن معاييره ضمان جودة التقارير الصادرة عن الشركات المدرجة بالسوق، ويمكن ان تتضمن المعايير مقياسا لنمو الشركات وحجم أعمالها، وعددا من العوامل الأخرى المتعلقة بالشركات، ويستهدف المؤشر تحسين أداء سوق الاوراق المالية وتعزيز مكانة الشركات المدرجة وهو بمثابة أداة مساندة للمحللين الماليين في تحليل أداء الشركات وتقييم الأسهم والقيمة ويساعد مديري الاستثمار على تقديم توصيات ونصائح للمستثمرين ترتكز على أسس قوية بناء على أداء السهم. ونأمل ان هذا المشروع الطموح في حال الموافقة عليه سيكون اداة لاستقطاب رؤوس الاموال والحصول على التمويل ورفع كفاءة الشركات في السلطنة بشكل عام، حيث ان الاسواق العالمية والمستثمرين عادة ما يستعينون بمثل هذه المؤشرات في تحديد قراراتهم الاستثمارية.

وأضاف انه في السياق نفسه الخاص بتعزيز بيئة الاستثمار تتضمن المشروعات المهمة الحالية إعداد قاعدة بيانات شاملة تضم أفرادا مؤهلين وذوي معرفة عالية في مجال حوكمة الشركات حتى نرفد بهم مجالس الإدارات وخاصة الاعضاء المستقلين منهم، كما نخطط كذلك لإعادة إطلاق جائزة الإجادة في الحوكمة بحلول عام 2020.

وأكد المدير التنفيذي لمركز عمان للحوكمة والاستدامة ان المركز يستهدف نشر ثقافة ومفهوم الحوكمة والاستدامة في بيئات الاعمال وفي جميع القطاعات العامة والخاصة، وأن يكون المركز مرجعا في عملية استحداث المعايير والمفاهيم الخاصة بالحوكمة في بيئة الأعمال، وذلك من خلال حلقات العمل وبرامج التدريب وفعاليات مثل المؤتمرات، ومن الأهداف المساعدة في رسم سياسات وقواعد في مجال الحوكمة والاستدامة ونقصد بها مواثيق او أدلة تساند الشركات في سعيها لتحسين بيئة العمل، كما تتضمن الأهداف ان يكون منصة لجميع المؤسسات الدولة العامة والخاصة بحيث يلتقون ويتبادلون الافكار والآراء ويمثلهم المركز في توصيل آرائهم وافكارهم للجهات الرقابية والمعنية سواء حول القوانين او ممارسات الحوكمة .. ولدينا طموح في أن يساهم المركز بدور كبير في مساندة وتعزيز الاداء الحكومي من خلال الاستشارات ورسم السياسات الخاصة بكل جهة فيما يتعلق بالحوكمة، خاصة مع استعداد السلطنة لإعداد الرؤية المستقبلية “ عُمان 2040” والتي ستتضمن الركائز الرئيسية لواقع التنمية الاجتماعية والاقتصادية في السلطنة كمرجع أساسي لأعمال التخطيط في العقدين القادمين، ويمكن ان يساهم المركز أيضا بدور في مراقبة المؤسسات بتطبيقها للدليل، وبشكل عام نرى ان انتشار ثقافة الحوكمة في بيئة الاعمال في السلطنة يعد مرضيا في الوقت الحالي، وهذه الثقافة ليست متطلبا محليا فحسب لكنها أيضا متطلبا عالميا حيث تلعب الحوكمة دورا أساسيا في تقييم أداء المؤسسات والدول وتصنيفها من الجانب الاستثماري، وأصبحت الحاجة ملحة لها لتعزيز التطور وسعيا لتقليل المخاطر عندما تمر الدول والمؤسسات العامة والخاصة بأوضاع مالية صعبة.

واكد حامد البوسعيدي على ان المركز منذ انشائه ركز على توعية مؤسسات الدولة ومختلف الشركات بأهمية الحوكمة والاستدامة في بيئة العمل وقام بتنظيم الكثير من المحاضرات وحلقات العمل في إطار خطته في توعية القائمين على هذه المؤسسات بضرورة ومزايا نشر ثقافة الحوكمة في بيئة اعمالهم، ولاقت هذه الفعاليات صدى جيدا ونتج عنها تعاقد مركز عمان للحوكمة والاستدامة مع مؤسسات عامة وخاصة في السلطنة من أجل إعداد أدلة استرشادية في مجال الحوكمة منها هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وهيئة تنظيم الاتصالات والطيران العماني وشركة مسقط للغاز وكثير من الشركات الاخرى، كما تولينا تدريب أعضاء مجالس الادارات عبر برنامج متخصص لايماننا التام بأن مجلس الادارة هو القادر على احداث التغيير في تحسين بيئة الاعمال في مختلف المؤسسات، ونأمل ان تضافر كافة هذه الجهود سيساهم في مساندة الشركات في سعيها لمواكبة التطورات الحاصلة في بيئات الاستثمار والتي تأتي في مقدمتها حوكمة الشركات كاحدى الآليات المعتمدة لتطوير البناء المؤسسي للمؤسسات التجارية ومسايرتها لتطورات عالم المال والأعمال وتعزيز الجاهزية الإدارية والمالية لمواجهة تقلبات الأسواق، كما ان الحوكمة تساهم في التزام الشركات بأفضل ممارسات الإدارة وهو ما يعزز قدرتها على التطور ومواجهة التحديات وزيادة جاذبيتها الاستثمارية.

ويذكر ان المركز كان قائما منذ عام 2010 وكان يحمل اسم مركز حوكمة الشركات ويندرج تحت مسؤولية الهيئة العامة لسوق المال وتركزت اختصاصات المركز بشكل اساسي في الشركات المدرجة بسوق مسقط للأوراق المالية، وبينما تستهدف الهيئة العامة لسوق المال أن تمتد ثقافة الحوكمة لجميع المؤسسات في السلطنة، وجاءت فكرة تأسيس مركز مستقل حتى يمكن نشر هذه الثقافة بين جميع انواع الشركات بما في ذلك العائلية والحكومية وليس فقط المدرجة في سوق المال. وبمقتضى المرسوم السلطاني الصادر في يوليو 2015 تحول الاسم الى مركز عمان للحوكمة والاستدامة، واصبح مستقلا اداريا وماليا وهيكلته تقوم على وجود أعضاء من مختلف المؤسسات، ويتكون مجلس إدارته من 9 أفراد، ومما يدعو للفخر أن السلطنة كانت أول دولة في إفريقيا والشرق الأوسط تؤسس مثل هذا المركز وكانت التجربة ناجحة للغاية، وتم إضافة الاستدامة إلى تسمية واختصاصات المركز للتأكيد على دوره في تحقيق المفهوم الأوسع للمسؤولية الاجتماعية لدى مختلف الشركات.