صحافة

الأيام: حصانة الحقوق تستدعي تحصين المواطن

26 يناير 2018
26 يناير 2018

في زاوية آراء كتب طلال عوكل مقالا بعنوان: حصانة الحقوق تستدعي تحصين المواطن، جاء فيه:

يتفق الكل الفلسطيني وغير الفلسطيني المهتم بمجريات الأحداث التي تتصل بالصراع الفلسطيني العربي الصهيوني، بأن قرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس، قد شكل نهاية مرحلة، وبداية مرحلة أخرى، أشد خطورة، ولكنها ليست نهاية المطاف أو الأشد خطورة.

عند الحديث عن أسباب هذا التحول غير الدراماتيكي، نجد أنفسنا أمام فريقين عموماً، أحدهما شعاراتي، سطحي، إما أن يحيل الأمر إلى شخصية الرئيس ترامب، أو إلى فريقه، من اليهود والمتصهينين المسيحيين، والآخر يذهب إلى أعماق التحليل، فيرى أن هذه الإدارة بما في ذلك رئيسها، تعكس طبيعة التحولات الجارية في الولايات المتحدة، وارتباط ذلك بالتحولات السياسية على المستوى الدولي، وعلى المستويات الإقليمية والعربية فضلاً عن مآل التحولات التي جرت على المشروع الصهيوني.

كان توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، بداية مرحلة جديدة في الصراع، وبغض النظر عن أن كل ما يقال عن هذه المرحلة وطابعها العام والخاص سلبي إلاّ أن من الظلم اعتبار أوسلو خياراً للفلسطينيين في حينه، وأنه كان بالإمكان الذهاب إلى خيارات أخرى أقل سلبية. يمكن أن يخضع هذا التقدير للنقاش والاختلاف، ولكن على الكل أن يتذكر بأن إعلان النظام العالمي الجديد بقيادة احتكارية من قبل الولايات المتحدة عام 1991، قد جاء بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفييتي عام 1989. هذا يعني أن الفلسطيني في ذلك الوقت قد فقد الظهير، والحليف، وأصبح فريسة لظروف صعبة ومعقّدة، كان من أبرز معالمها انقسام وانهيار المنظومة العربية الجماعية، والانقسام والانهيار العربي لم يتوقف على السياسة التي اتبعتها في حينه دول الخليج، بل امتد ليطال أنظمة قومية ووطنية، وجدت نفسها في ساحة المعركة مقابل عرب آخرين.

اليوم الوضع العربي أشد انقساماً وإنهاكاً وتناقضاً وانهياراً، بينما يتحرك النظام العالمي نحو تراجع دور ومكانة الولايات المتحدة، ونشوء عالم متعدد الأقطاب، يتصارع بقوة شديدة، على مصادر القوة والتأثير في توزيع خارطة المصالح، في مواجهة هذا الوضع الجديد الذي تعود فيه الولايات المتحدة، للاصطفاف الكامل مع إسرائيل، التي تستثمر الاضطراب العربي للتقدم بسرعة نحو تحقيق مخططاتها التوسعية، نجد أنفسنا كفلسطينيين مرة أخرى، أمام خيارات محدودة، ومواقف وقراءات وسياسات متباينة. وإزاء جدل الخيارات، يهيمن على السياسة الفلسطينية منطق الانقسام وعدم الثقة، الأمر الذي يحيل هذا الجدل، إلى حالة من الفوضى والشعاراتية والمزايدات التي تضفي قدراً أعمق من الإحباط واليأس.