1224989
1224989
مرايا

كحظر البلاستيك وتقليل النفايات - الطبيعة في مدينة ميامي الأمريكية تدفع سكانها للحفاظ على البيئة

24 يناير 2018
24 يناير 2018

ميامي تلك المدينة الأمريكية التي تشتهر بالرحلات البحرية الساحرة والفنادق الفاخرة للغاية، أصبحت بالكاد رائدة على مستوى العالم في محاربة التغير المناخي، إذ ينخرط سكانها في العديد من المشروعات من أجل تحسين البيئة المحيطة بهم والمساعدة في إنقاذ الكوكب.

وبحسب ما جاء في وكالة الأنباء الألمانية(د ب أ ) فإنه لا يوجد مكان يستأثر بروح وشخصية ميامي كمنطقة “أوشان درايف” على شاطئ ميامي. هناك يلتقط السياح صورهم أمام الساعة الشهيرة وميزانها لقياس الحرارة، وهدير صوت المحركات يعم المكان مع تحرك السيارات ببطء في الشارع.

“من أجل أن تَرى وأن تُرى”، هذا هو شعار ميامي، حيث تجد الناس هناك كمن لديه قوة حصان كبيرة تحت غطاء محرك السيارة ويريد أن يظهرها. فالأمور كلها بالمدينة من أجل تحقيق انطباع ما، في حين يأتي الاهتمام بالبيئة في ترتيب متأخر بدون مبالغة.

وميامي ليست بأي حال من الأحوال المدينة الأمريكية الوحيدة التي تشكل السيارات جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، لكنها مثال رئيسي. فالشوارع تكاد تكون حركتها متوقفة جراء الاختناقات المرورية واحدة تلو الأخرى ويمتلئ الهواء بعوادم السيارات بكثافة.

ومع ذلك، تمثل الطبيعة أيضا جزءا مهما من هوية ميامي. فالمدينة يحدها اثنان من المتنزهات الوطنية - ايفرجليدز بمستنقعاته الفريدة من نوعها ناحية الغرب، والحديقة الوطنية بيسكاين ناحية الجنوب. في حين أن الشواطئ الرملية الرائعة للمدينة فهي وجهة جذب كبيرة للسياح.

ونتيجة لذلك، تزايدت الجهود من جانب السياسيين والسكان المحليين لحماية جمال ميامي الطبيعي والنظام البيئي المحلي.

فقد تم حظر البلاستيك في شاطئ ميامي ، فعلى سبيل المثال، وفي خطوة غير عادية للغاية في الولايات المتحدة، تم منع استخدام زجاجات أو أكواب بلاستيكية ومنع تعبئة أي طعام في أطباق من الفلين.

وعلى الشاطئ وفي المتنزهات، يتم تذكير الزوار بعلامات للحفاظ على نظافة المكان بأن يأخذوا القمامة معهم عند انصرافهم. وهناك صفوف من حاويات النفايات الضخمة خلف منازل الشاطئ، ويتعرض أي شخص يتم القبض عليه وهو يلقي قمامة في الشارع لغرامة تبلغ قيمتها 1500 دولار.

ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى حملات منتظمة لتنظيف الشواطئ تقوم بها جماعات خاصة وعامة على حد سواء. ويقومون بإزالة النفايات التي تخرج من البحر وتستقر على الشاطئ، ويساعدون على منع وصول نفايات أو حطام جديدة إلى البحر.

ولدى فندق “بالمز آند سبا” على شاطئ ميامي خطة عمل بيئية تسمى “إلهام من الطبيعة”. وكجزء من البرنامج، يشارك الموظفون في فترات تنظيف الشاطئ مرة كل ثلاثة أشهر.

وتشمل الخطة أيضا إجراءات مثل الحد من استخدام تكييف الهواء، وتقليل النفايات وإعادة التدوير قدر الإمكان، وتغيير المناشف والملاءات فقط عندما يطلب نزلاء الفندق ذلك.

وبمطعم الفندق، “إسنسيا”، حديقة خاصة به حيث تُزرع الأعشاب والفواكه الاستوائية لاستخدامها في الطعام والعصائر. كما يعمل المطعم بما يسمى بفلسفة “من المزرعة إلى المائدة “، مع ضمان أن تكون المنتجات مضمونة من المزارع بالمنطقة.

لكن ماذا عن الألواح الشمسية؟ فعلى أي حال، تضئ الشمس أكثر من 300 يوم في السنة في ميامي.

تقول تانجا موراريو، رئيسة برنامج “إلهام من الطبيعة”: “نحن ندرس الأمر. والمشكلة الرئيسية هي أن الألواح في موسم الأعاصير، يمكن أن تنفصل من على الأسطح. هذا لن يكون فقط مكلفا لإصلاحه، لكن سيكون خطيرا أيضا.

“هذا هو السبب في أننا لم نتخذ قرارا بشأن الألواح الشمسية حتى الآن”.

وإلى جانب مشغلي فنادق آخرين، فإن تانجا موراريو عضو في مجلس الضيافة المستدام لرابطة فنادق الشواطئ وميامي الكبرى، وهو مجلس حيث تتم فيه بلورة أفكار جديدة لمشروعات مستدامة.

ويعد النقل العام أيضا جزءا مهما من النضال. فميامي لديها الآن “متروموفر” - وهو نظام سكة حديد يُدار بالطاقة الكهربائية، ويعمل بشكل آلي تماما ويخترق منطقة وسط المدينة ويتم استخدامه مجانا.

وهناك أيضا حافلات سياحية تعرف بالعربات، فضلا عن تأجير دراجات هوائية، إذ يضع المستخدم بطاقة ائتمان في محطة دفع تعمل بالطاقة الشمسية، ويأخذ دراجة ويذهب. وتبلغ تكلفة تأجير الدراجة 5ر6 دولار في الساعة، أو 24 دولارا في اليوم.

من ناحية أخرى، تخضع المباني القديمة في ميامي لعمليات ترميم في حين يتم بناء أخرى جديدة، صديقة للبيئة. وعلى سبيل المثال، تمتلك شركة “أمريكان ايرلاينز أرينا” الضخمة للطيران مظلة تغطي أكثر من ألفي متر مربع من مجمعات شمسية متكاملة.

وقدم متحف فيليب آند باتريشيا فروست للعلوم الذي افتتح مؤخرا بيانا مستداما من خلال السماح للرياح القادمة من المحيط أن تندفع عبر المبنى المفتوح في عدد من الأماكن. كما أن به أشجار من الألواح الشمسية وهي عبارة عن هياكل للزينة تحتوي على ألواح شمسية متعددة لتعطي شكل شجرة.

وبطبيعة الحال، يستلزم المتحف - الذي يضم أيضا حوضا كبيرا للأسماك وحديقة حيوان صغيرة - قدرا كبيرا من الماء والطاقة. ولكن الكثير منها يُنتج مباشرة بالمبنى.

يقول تريفور باورز، أحد كبار مهندسي المبنى: “يأتي الماء لحوض الأسماك مباشرة من الخليج “.

ومن المعالم البيئية الأخرى في ميامي هي الهندسة المعمارية لمركز بريكيل سيتي سنتر في الحي المالي - وهو مجمع للفنادق والترفيه يحتوي أيضا على شقق فاخرة.

وقد ربط المهندس المعماري هاج دوتون أبراج المجمع الثلاثة بما يسمى الشريط المناخي، وهو عبارة عن تعريشة مرتفعة تبلغ قيمتها 30 مليون دولار.

ويضمن هذا الشريط، الذي يشبه نافذة حصيرة أفقية، عدم وصول أشعة الشمس المباشرة إلى المحال التجارية، في حين يسمح بدخول نسائم البحر للمجمع.

ويتم ربط المركز بنظام متروموفر - كما هو الحال مع متحف فروست في الطرف الآخر من السكة الحديد. ويقول مطورون إن نيتهم كانت إنشاء “حيا حقيقيا” يمكن للناس أن يعيشوا فيه بشكل جيد، بينما لا يلحقون ضررا بالغا للبيئة.

ويقام سوق تقليدي كل يوم سبت، تحت الشريط المناخي، وهو سوق من الخضروات والفواكه في قلب وسط مدينة ميامي.