1224063
1224063
عمان اليوم

مشروع بحثي طلابي يسلط الضوء على الفنون البصرية لتوثيق التاريخ العماني أثناء فترة اليعاربة

16 يناير 2018
16 يناير 2018

حاز على المركز الأول بقطاع الثقافة في الجائزة الوطنية للبحث العلمي -

كتب- محمد الصبحي:-

أحرز المشروع البحثي الطلابي بعنوان الفنون البصرية كمدخل لتوثيق التاريخ العماني أثناء فترة حكم اليعاربة على المركز الأول في فئة بحوث الطلاب ضمن قطاع الثقافة والعلوم الاجتماعية والأساسية في الجائزة الوطنية للبحث العلمي التي نظمها مجلس البحث العلمي ضمن فعاليات الملتقى السنوي للباحثين الرابع، وتكون الفريق البحثي الطلابي الفائز من الطالب حاتم بن حميد الشعيلي، والطالبة سهام بنت خلفان الدرمكية من قسم التربية الفنية بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس تحت إشراف الدكتورة زهراء الزدجالية.

أهمية البحث

المجتمع العماني القديم من خلال لوحات فنية تجسد هذه الأحداث والإنجازات، وتعمل على تنمية الذوق والفكر والتأمل في تاريخ الأجداد. كما تساهم الأعمال الفنية ورؤية الأحداث بصريا بشكل كبير في التعرف على إنجازات وأمجاد الماضي حيث إن كل عمل فني يحكي قصة تاريخ عظيم خاصة أن الرؤية البصرية ترسخ في ذهن المشاهد بمراحل عدة فضلا عن قراءتها أو سماعها شفهيا، حيث قام أعضاء الفريق كطلاب فنون تشكيلية بمحاولة جادة لإعادة تصوير تلك الأحداث وملامح تلك الأرواح التي بُذلت في سبيل عزة وطننا بلوحات فنية تخلد تلك الحقبة العظيمة انطلاقا من أهمية تعريف الأجيال بتاريخهم وإرثهم الحضاري وتقوية وترسيخ القيم الوطنية والهوية العمانية الأصلية، وكذلك للشعور كأحفاد لأولئك العظماء بأهمية واجب القراءة والبحث عن إنجازات الأجداد وإعادة إحياء ذكراهم وبطولاتهم.

أهداف البحث

وتلخصت أهداف البحث في إلقاء الضوء على أهمية الفنون البصرية في توثيق الأحداث التاريخية، والتعريف بإنجازات الحضارة العمانية في القرن السابع عشر وسردها بصريا من خلال اللوحات الفنية، بالإضافة إلى تكوين أول مكتبة بصرية للأحداث التاريخية في زمن اليعاربة الذي تم تحقيقه من خلال تجسيد العديد من المشاهد التاريخية والإنجازات العظيمة العمانية لدولة اليعاربة باستخدام التقنيات الرقمية بجانب اللوحات الزيتية، ونشر الثقافة البصرية في المجتمع العماني والتعريف بالتاريخ الحضاري، وذلك بإعداد معرض فني يجسد الإنجازات، وأيضا إعداد فيلم وثائقي مدعم باللوحات الفنية التي تم إنجازها. وحول منهجية المشروع البحثي فقد تم استخدام المنهج الوصفي التجريبي الذي يُعنى بجمع المعلومات ودراستها ووصفها ومن ثم تحليلها، في حين يهتم المنهج التجريبي بوضع عدد من التجارب في شكل فني (اسكتش) لعدد من الأحداث التاريخية للخروج بأفضل صورة لرسم اللوحة الفنية.

نتائج المشروع البحثي

وتوصل المشروع البحثي إلى إنتاج لوحات فنية جسدت البطولات في زمن اليعاربة، وهي التي تعتبر بمثابة أرشفة حقيقية وتسجيل للتاريخ، وذلك بعد دراسة دقيقة للتاريخ والثقافة المادية والملامح العمانية بمختلف فصائلها في تلك الحقبة التاريخية القديمة، وجاء نتاج الدراسة لعدة لوحات تحكي قصة تحرير مسقط من البرتغاليين، وغرق السفينة البرتغالية من قبل سبّاحين عمانيين محترفين، والحصار على قلعة نخل، وتحرير مدينة جلفار (رأس الخيمة)، وتحرير ولاية صور، ومبايعة الإمام ناصر بن مرشد على الخلافة، وتلبية الإمام سلطان بن سيف لنداء استغاثة أهالي مومباسا في شرق إفريقيا عام1658 م، ومشهد وفاة الإمام ناصر بن مرشد بالإضافة إلى بورترية لشخصية الإمام ناصر بن مرشد، وأخرى للإمام سلطان بن سيف اليعربي.

لوحة تحرير مسقط

وتستعرض أحد الأعمال الفنية في زمن اليعاربة لوحة تحرير مسقط، حيث يظهر في اللوحة جنود بالزي العربي وجنود آخرين يرتدون زيا باللونين الأحمر والأزرق تدور بينهم رحى الحرب، ويتوسط اللوحة أحد الجنود العرب حاملا بيده سيفا وعلى صدره يوجد درع وخلفه مباشرة علم باللون الأحمر، كما يظهر في الخلف الجبال وبإحدى الجبال قلعة يعلوها علم باللونين الأبيض والأحمر، ويبدو واضحا للعيان مدفع بجانبه جنديان يظهر أنهما قضيا نحبهما، وعلى يمين اللوحة توجد بعض البراميل الخشبية، كما أننا نلاحظ تعابير وجوه الجنود العرب تشير إلى الهمة والعزيمة وعلامات الجدية والقوة حاملين بيدهم السلاح مندفعين إلى ساحة المعركة رافعين أيديهم إشارة لبدء القتال وعدم التخاذل أو التكاسل، وفي النقيض الآخر نجد تعابير وجوه الجنود الآخرين من جيش العدو تدل على الاستغراب والهزيمة وفقد السيطرة.

ويمكن تفسير هذه اللوحة على أنها تصوير للصراع العماني البرتغالي في مسقط في شهر يناير من عام 1650، حيث يبذل العماني جهده للتخلص من الاحتلال البرتغالي، ويحاول الجندي البرتغالي الإبقاء على احتلاله وسيطرته، ويتوسط اللوحة بشكل واضح ولافت للنظر الإمام سلطان بن سيف اليعربي، حيث يقود جيشه من أبناء الشعب العماني بنفسه ليكون لهم عونا وسندا وقائدا في حروبهم ضد المستعمر البرتغالي، وأيضا تظهر في الأفق بشكل جلي قلعة الميراني التي اتخذها البرتغاليون مقرا آمنا لجيشهم في ذلك الزمن، أما بالنسبة للبراميل فقد كانت مليئة بالخمر التي كان الجيش البرتغالي يستخدمها في احتفالهم في ذلك اليوم، علما أن الإمام استخدم أسلوب المباغتة ليلة رأس السنة لاسترجاع مسقط من الاحتلال البرتغالي.

لوحات شخصية

إحدى اللوحات الأخرى ضمن المشروع البحثي الطلابي هي بورترية شخصي للإمام سلطان بن سيف اليعربي، حيث يمكن رؤية رجل له لحية كثيفة يرتدي الزي العماني التقليدي الممثل في العمامة التي كانت ترمز إلى أن من يضعها على رأسه هو الإمام لتلك الحقبة، إضافة إلى الدشداشة العمانية والبشت وهي العباءة الرجالية، وقد كانت العمامة البيضاء يرتديها كافة رجال عمان إلا أن عمامة الإمام كانت تتميز عن غيرها لتمييزه من بين الرعية.

ويظهر الإمام حنطي البشرة وله أعين ذات لون بني داكن.

وفي أحد اللوحات وهي صورة شخصية لرجل عربي ضعيف البنية الجسدية، ويرتدي الزي العربي الأبيض والعمامة البيضاء والعباءة السوداء، ويقف ممسكا بسيف بكلتا يديه ويضع خاتما في إصبع يده البنصر، وهي صورة شخصية للإمام ناصر بن مرشد اليعربي مؤسس دولة اليعاربة، تعلو وجهه علامات الحدة والفراسة والذكاء، كما يمسك بيديه الكتارة العمانية، ويبدو الإمام نحيل الجسم ضعيف البنية، وذلك كما وصفته معظم الدراسات التاريخية العمانية، وذلك لأنه كان يحمل هم بلاده وهم طرد البرتغاليين من أرض عمان الطاهرة، وبرغم كونه ضعيـــف البنية إلا أنه كان قائدا شجاعا مغوارا يقود قواته بمفرده نحو النصر. كما تضمن المشروع البحثي الطلابي لوحات مختلفة من التاريخ العماني تدل على عراقة ومجد الشعب العماني بما يحقق أهداف المشروع البحثي في التوثيق البصري لملامح من التاريخ العماني الخالد في القرن السابع عشر الميلادي.