1218473
1218473
مرايا

يعتز بأدواره الدينية والتاريخية - علي شقير: التعبير الجسدي والكاريزما مقومان مهمان في عالم التمثيل

17 يناير 2018
17 يناير 2018

حاورته - ضحى عبد الرؤوف المل -

تتكلل أدوار الفنان والممثل اللبناني (على شقير) بالهيبة التي من شأنها صقل الشخصية في الأداء الدرامي المرن والجدي الذي يتميز به، وجعلها تميل إلى شخصيات رجال الفضائل أو التاريخ، وبهذا وضع الأسس التي جعلته يتميز بالكثير من هذه الأدوار التي ازدان بها رصيده الدرامي في مختلف الشخصيات الراسخة في بال المشاهد من جمالية تعددت مضامينها، كما أنه برز أيضا من خلال الدبلجة الصوتية لما يمتلكه من نبرة في الصوت تساعد في إضفاء عدة مميزات على الشخصية الواحدة وفي رصيده الكثير من الأعمال الدرامية والمدبلجة، ومع الفنان والممثل «علي شقير» أجرينا هذا الحوار

- من هو الفنان علي شقير، وما الذي يهدف إليه من خلال مشواره الدرامي الصامت الصاخب في آن؟

علي شقير، فنان من لبنان ويفخر أنه من وطن الكرامة، ويحاول أن يكون لائقا بالانتساب لهذا البلد الذي هزم ولأول مرة العدو الإسرائيلي بدماء شهدائه وجرحاه وتضحيات أسراه والتفاف شعبه على بعضه البعض بالمحبة والوطنية.

أما حول الهدف من مشواري الفني، فهو أولا أن أحاول ترجمة قناعاتي ومبادئي في الأعمال التي أديتها وأؤديها، وثانيا إشباع هذه الرغبة الدفينة في التقمص والتمثيل والتي تولد مع الإنسان، وثالثا وأخيراً مورد العيش بكرامة. وبتوفيق من الله أسستُ في مطلع صيف العام الماضي «مركز أداء للتدريب الإعلامي» في كل أطياف الإعلام المرئي والمسموع: مذيع ومُحاوِر ومقدم ومراسل إلخ لنقل خبرتي المتواضعة للأجيال الشابة والمخضرمة.

- عز الدين القسام، أبو جعفر المنصور، إمام الفقهاء، ألا ترى أن العناوين هي في الوقت نفسه لرموز دينية أو فكرية، فما الذي يجعلك تنجذب لهذا النوع من الدراما؟

من حسن حظي في مشواري الفني المتواضع تأديتي أدوار دينية وتاريخية أعتز بها، بدءاً بالأئمة المعصومين عليهم السلام، مرورا بالشخصيات الجهادية، وصولا إلى الشخصيات التاريخية، وكانت فرصة عظيمة لي للتعرف إلى هذه القامات الشامخة في تاريخنا المشرّف. وهنا أتذكر الشعور الغريب الذي أحسست به عند تجسيدي صوت الوحي في مسلسل «مريم المقدسة» فكيف سأؤدي صوت الملَك جبريل وهو ليس ملَكا وحسب بل هو عظيم الملائكة، وهنا لجأتُ إلى خيالي وكيف يمكن أن يكون صوت هذا المخلوق النوراني، وأرجو أن أكون قد وُفِّقتُ في هذا.

- تميز صوتك بالوقار فقمت بأداء الكثير من الأصوات، كما قمت بأداء درامي لشخصيات دينية إضافة إلى الدبلجة وتقديم الوثائقيات، ماذا تخبرنا عن ذلك؟

أشكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ومنها نعمة الصوت الذي قربني إلى قلوب الناس، وهذا مدعاة اعتزاز لي، حب الناس الذين لا يعرفون وجهك أحيانا، ولا فضل لي في هذا، بل الفضل لله على هذه الموهبة.. بالعودة إلى سؤالك، في عالم الدبلجة شخصية الصوت هي التي تفرض طبيعة الشخصية المؤداة، والأهم هو التفاعل الصادق مع أبعاد هذه الشخصية من دون تكلف ولا تصنع.

- للفنان الدرامي قوة تبدأ من الكاريزما وصولا إلى التعبير الجسدي، وأنت امتلكت الاثنين معا مما جعلك تمتلك هيبة درامية، كيف وظفتها؟

التعبير الجسدي والكاريزما مقومان مهمان في عالم التمثيل، وعندما يتكامل هذان العاملان عند الممثل يصل إلى مرتبة الإبداع، والأهم هو توظيفهما في القالب الدرامي المناسب لهما، وتنويع الشخصيات الدرامية حتى لا يتحول الممثل إلى منمّط في لون واحد وخط واحد. وخلال مسيرتي الفنية نوّعت في ألوان الشخصيات، فأديتُ الشخصيات الخيّرة والشريرة، وهذا يُغني تجربة الممثل، وقد أديتُ قبل حوالى السنتين صوت أبي لهب في الفيلم الإيراني العالمي «محمد».

- هل يمكن تصنيف الفن الدرامي تبعا للأهداف التي تبنى من السيناريو وصولا الى الإنتاج وانتهاء بالعمل، والى أي مدى يتأثر الفنان بذلك؟

تصنيف الدراما برأيي المتواضع يبدأ بالجودة أولاً وأخيرا، أما التصنيف الفني: دراما، كوميديا، تراجيديا إلخ.. فهذه مجرد قوالب للعمل؛ الأهم هو المضمون أولاً والتسلية ثانيا، وللأسف الدراما اللبنانية عموماً ضعيفة في الاثنين معاً، ما عدا بعض الأعمال الجيدة والتي أرجو أن تطغى على المشهد الدرامي اللبناني إن شاء الله.

- تتميز أدوارك بالقوة والسلاسة فكيف توازن بين الاثنين، وهل من خط درامي تسير عليه دائما؟

قوة الأداء تنبع أولاً من الفهم العميق للشخصية وسبر أغوارها الشخصية والاجتماعية والسياسية والدينية إلخ، وتحديد موقعها الدرامي في النص وعلاقتها بشخوص الرواية، والسلاسة تتأتّى من صدق الممثل وعفويته في الأداء وجعْل المُشاهِد والمتلقي ينسى أنه أمام ممثل، بل هو أمام شخصية من لحم ودم ومشاعر.

- من أميرة الروم الى إمام الفقهاء، ما الذي تحمله من أثر طيب ومن خلال العناوين التي قمت بتجسيد الأدوار المتنوعة فيها؟

كان لي الشرف بتأدية شخصيات عظيمة إذاعيا وتلفزيونياً وعبر الدبلجة، ومن أهمها: «إمام الفقهاء» الذي جسدتُ فيه شخصية الإمام محمد الباقر عليه السلام عام 2012 وعُرض على عدة محطات تلفزيونية، وجسّدتُ صوت الإمام الحسين عليه السلام في ملحمة كربلاء الخالدة، كما جسدتُ إذاعياً شخصية المجاهد الليبي عمر المختار، وغيرها الكثير من الشخصيات العظيمة. طبعاً تَرَكَتْ في نفسي عظيم الأثر الطيب، لما تحمل من قيم إنسانية سامية. ليس في ذهني شخصية محددة، ولكن كالكثير من زملائي الممثلين أطمح إلى تجسيد شخصية مُركّبة وحقيقية هي مزيج من الخير والشر الموجود فينا جميعاً كبشر، لإظهار قدراتي كممثل ولخلق هذا التحدي للنفس أولاً، الصعب والممتع في آن، ليكون بصمةً في أرشيفي، وطبعا أن يكون عملا سينمائياً، لأن السينما هي الأكثر رقيّاً وتكثيفاً وخلودا.

- أين نحن اليوم من الدراما التاريخية والى أي مدى نحتاجها؟

للأسف الأعمال التاريخية هي الآن في أدنى سُلّم اهتمامات المنتجين والمحطات والمُعلِن، والأعمال التاريخية أصبحت خاضعة أحيانا للتسييس وخدمة المآرب الخاصة، أو فولكلورا رمضانياً موسمياً، بسبب النظرة النمطية إلى هذه الأعمال بأنها مملة وبعيدة عن الواقع وتحدياته. وأنا أرى أن تاريخنا العربي والإسلامي غني بالتجارب الإنسانية العظيمة التي تصلح لكل زمان ومكان، وعلى الكُتّاب مهمة نفض غبار النسيان عنها وتقديمها للناس بالشكل والمضمون المناسبَين لعصرنا.

- كلمة للفنان والممثل علي شقير لكتاب السيناريو؟

أقول للزملاء الأعزاء كتّاب السيناريو في لبنان والعالم العربي: كونوا في كتاباتكم مرآة صافية لمجتمعاتكم، وانزلوا من أبراجكم العاجية إلى واقعنا بكل جماله وقبحه، وقدموا لنا أعمالاً تخاطب آمالنا وآلامنا وأحلامنا وبؤسنا وخيرنا وشرنا من دون تجميل أو تشويه، بل قدموه في مضمون وقالب يحترمان عقولنا ومشاعرنا وعيوننا وآذاننا.