khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع: «الصعراني» قصة الإرادة والإيمان

10 يناير 2018
10 يناير 2018

خصيب بن عبدالله القريني -

ان القدرة على تحقيق الآمال والطموحات لا يمكن ان تعيقها صعاب مهما كان حجمها، طالما كانت الإرادة والتصميم والإيمان بالفكرة حاضرة عند من يسعى ان يحقق تلك الأمنية، ولا شك أن للصبر واتخاذ المسار الصحيح الجانب الأبرز الذي يحول الحلم إلى واقع.

نستحضر هذا المبدأ ونتأكد من مصداقيته عندما نزور فلج الصعراني في محافظة البريمي، ونقابل أولئك الأبطال الذي أعادوا الحياة لفلج اندثر منذ حوالي 15 سنة مضت ولم يعد له أثر في أذهان من اعتقدوا أن الأمر قد انتهى وانهم لا حاجة لمياهه، ولكن كان هنالك شخص صمم وثابر وأيقن أن الأمل موجود وانه يمكن أن يعيد ذلك الفلج إلى وضعه الطبيعي وأن يعيد الحياة مع كل قطرة من قطرات مياهه المنسابة منذ حوالي 3500 سنة هي عمر الفلج كما يقدره طالب الجابري، الذي يصفه زملاؤه بان له الفضل بعد الله في عودة الحياة للفلج بما بذله ويبذله من جهود مادية ومعنوية في سبيل صيانة الفلج والاستفادة منه بأقصى درجة ممكنة، ولكنه بتواضع الكبار يصر دائما في حديثه بأنه جزء لا يتجزأ من منظومة العمل الجماعية، ولا ينسب هذا العمل لنفسه، فهو يرى أن الجميع شارك وما زال يشارك في عملية إعادة البناء والأحياء للصعراني.

لقد زار الفلج العديد من الشخصيات المحلية سواء على مستوى الوزراء وأصحاب السعادة والمواطنين، وأيضا كانت هنالك زيارات من دول مجلس التعاون للاطلاع على هذه التجربة الثرية والمتميزة خاصة في قوة الإرادة التي امتلكتها لإعادة إحياء فلج تقادم واندثر منذ سنوات، ولا شك أن لكل ذلك أثرا على الجانب السياحي للمحافظة، فتجربة زيارة الصعراني تجربة ثرية لكل من جربها خاصة تلك التي تكون في داخل الفلج والمشي لمسافة لا تقل عن نصف كيلو وما يكتنفها من جوانب مغامرة لا تنسى، قد تكون الأولى من نوعها في السلطنة نظرا لطبيعة تكوين الفلج وطبيعة المسار أيضا. إن الجهود متواصلة رغم المعوقات التي لا تزال تعترض مسار الفلج خاصة انه يمر تحت بيوت قائمة ويمكن أن تؤثر إذا لم تكن أثرت أصلا في مجراه الذي يمتد حوالي 6 كيلومترات من المنبع إلى المصب.

إن التجول في المزارع التي أعاد الصعراني الحياة اليها لهو منظر تتمازج فيه المشاعر وتتباين العواطف، ولا يملك الشخص هنا إلا أن يحمد الله على نعمة المياه التي تؤكد صدقا أن الماء هو الحياة، وما أعظمه من أجر أن تكون سببا في إعادة الحياة لهذه المزارع التي غدت جرداء وهجرت من أصحابها وتحولت إلى أكوام أسمنتية في كثير منها، فعادت خضراء يانعة، وبدأ الناس يعودون لمزارعهم نتيجة لعودة المياه، وبدأت تظهر منتجات زراعية متنوعة، والجهود متواصلة لمزيد من الاستفادة من مياه الفلج خدمة للصالح العام.

وختاما لست من الذين يسعون إلى المديح الفارغ بقدر ما أسعى إلى إبراز الواقع كما هو دون تهويل، فما كتبته لا يفي تلك الجهود حقها، ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله، فالاعتذار واجب على التقصير بحق من أكرموا وفادتنا من صغيرهم لكبيرهم، فلهم خالص التحايا والتقدير من مشرفي وحدتي التاريخ والجغرافيا بشمال الباطنة، والشكر موصول للأخ طالب الجابري وسالم النعيمي والعزيز دائما جمعة النعيمي ولكل الأخوة الذين لا تحضرني أسماءهم لهم منا كل الود والتقدير، متطلعين لتكرار الزيارة في قادم السنوات لنرى بأعيننا أحلام وأمنيات كنا قد تحدثنا عنها في هذه الزيارة وقد تحققت وأصبحت نواة لمنجزات جديدة.