yesra
yesra
أعمدة

ربما: رجالنا كِبار الشيَّم

10 يناير 2018
10 يناير 2018

د. يسرية آل جميل -

[email protected] -

مدخل:

( ربّ اجعل هذا البلد آمناً مُطمَئناً ما حييت )

• الساعة تقترب من السادسة بتوقيت الفوز، القلوب كلها تنبض من وإلى وفي سماء الكويت، الشباب يملأون مدرجات استاد جابر بالأخلاق القابوسية، ونحنُ هنا نستعد، الحياة كلها توقفت، العيون متسمّرة أمام قناتنا الرياضية، بالونات حمراء خضراء بيضاء منثورة في أرجاء المجلس، أعلام عمان جاهزة لترفرف في مسيرة النصر، بناتنا يرتدين فساتينهن الحمراء، و(شبّاصات) الشعر الخضراء والبيضاء، ( ياماما عشان بنطلع مسيرة.. عمان بتفوز) كان فألاً جميلا من صغيرتي نوف التي تعشق تراب هذا الوطن، ببراءة طفولتها النقية، وطلعنا للمسيرة.

• مسيرات وطنية منظّمة انطلقت فور تحقيق محسن جوهر هدف الكأس، رجال شرطتنا السلطانية قاموا بواجبهم وأكثر، شاركوا الشعب فرحتهم بكل سمُو، عمان كلها يا جوهر كانت بين يديك، أعينها على يسارك الذهبية، الكأس يا جوهر.. الكأس يا جوهر، وأخذناه، مسيراتٌ كان لي نصيب أن أشارك فيها على غير عادتي، لكن حين ترتبط الفرحة بعمان، كل الاستثناءات تتلاشى، وكل المحظورات تُستباح، المواطن والوافد والمقيم أنطقوا شوارع السلطنة فرحة في لوحات تفوق الوصف والرسم، وأخذنا صغارنا ليسجلوا في ذاكرة تاريخ طفولتهم هذه اللحظات الفارقة من أفراح سلطنتنا الغاليةعمان.

• عرس خليجي أنيق، تمثيلٌ فخم من لدن السلطنة والخليج، أصحاب سمو، أصحاب معالي، شيوخ وقبائل، أصحاب سعادة، أعضاء مجلس دولة وأمّة، معالي المواطن الجميل، الرابطة العمانية التي ضمّت الشعب كله من أقصى شمال مسندم إلى عمق الجنوب الظفاري، كلها إلى دولة الكويت، التي استطاعت في اثني عشر يوما أو أقل الاستعداد بمنتهى الفخامة لاستضافة كأس الخليج، عصاً سحرية حوّلت المستحيل إلى ممكن والمعجزة إلى واقعفكان #خليجي_.23

• الرشيد #فايز_الرشيدي، السوبر الذي ولّع #خليجي_23 كلُّه في الدقيقة 90، الذي لو لم يستحق لقباً سوى على هذه الدقيقة لاستحق، كان حاضراً بشكل ذهني كبير، غيّر مسار المباراة كاملة، وسجّل لنفسه مجداً تاريخا كرويا، يكفيه في سجل الإنجازات ولّادة هذه الأرض الطيبة المباركة، حزننا لعدم مشاركة الحبسي الأمين، فاكتشفنا أن رجال عمان كلهم أمناء عليها.

«حظٌ ساحر» هكذا قالها لي من أرض الحرمين الشريفين (أبو نوف): في الدقيقة الـ (90) وضربة جزاء للفريق المنافس، ويصدّها فايز!. ومنذ أن صدها وأنا على يقين أكثر بأن السماء تُخبئ لـ #عمان الفوز بجدارة، وفازت عمان، شكراً (أبو نوف) السعودي.

شكراً للمملكة وصديقتي التي كانت عائدة من أوروبا إلى جِدة لتُراسلني من الطائرة قبل أن تقلع : « ها بشّري.. من فاز ؟»، ولم تكن قد انتهت المباراة بعد، فكانت البشرى ما إن وصلت، والتهنئة منها لي ولشعبنا الخلوق الذي يشهد الكل باستحقاقه الفوز.

• العماني يحيّ الإماراتي.. حيّوه

الإماراتي يُحيّ العماني .. حيّوه

برج خليفة العملاق يحتفي بفوز الشقيقة عمان، في مشهدٍ لا يصدر إلا من دولةٍ مُحبة وحبيبة، فازت عمان، فبكى لاعبو الإمارات، فاحتضنهم منتخب عمان بالحب، ورددوا معا: #عمان_الإمارات_الفوز_واحد.

أول الذين هرولوا ليطمئنوا على شقيقهم العماني شاب إماراتي يقف بجوار المصاب العماني ليطمئن عليه، وتلومونا في حُب #الإمارات، عمان والإمارات دم واحد، منذ نشأة الخليقة وحتى تقوم القيامة.

• سقطت مدرجات زجاجية فأصيب بعض الجمهور، الحمدلله إصابات بسيطة، ولم تقصر الكويت حكومةً وشعباً، يدلعونا شوي (تستاهلون الدلع)، سمو الأمير (بكبره) يطمّئن عليكم، الله يا أمير الإنسانية، الله يا وطن النهار، الله يا مسقط رأسي.

« اغلقوا حدود الكويت» تغريدات تداولها شعب وطن النهار، الشعب العماني لن يُغادر، أمتعتمونا يا مُشجعي عمان، اليوم كل الكويتيين عمانيون، هذا لسان حال أهل الكويت، هكذا راسلتني صديقتي الكويتية المهندسة (منار الراشد)، فألف حب للكويت وأهلها، ألف ألف حب، لحسن الاستقبال، وحسن الضيافة، وحسن التعامل، وحُسن الحُسن كله.. بل وأكثر.

•  قصائد الكأس والنصر وصلت لهاتفي قبل أيام من النهائي، صديقة لي مازالت تحتفظ برقمي منذ 17 عاماً كنا ندرس الماجستير معاً، تفاجأت باتصالها المُهنئ لي، لم يفرحني الاتصال بقدر سعادتي باحتفاظها بي وذكرياتنا معاً حتى هذا الوقت، مع أن تغييرها لأكثر من هاتف وفقد الأرقام أمر وارد جداً. قالت لي: « إلي له صديقه عمانية مثلك لازم يحافظ عليها» تبادلنا التهاني بالفوز القطري العماني الإماراتي الكويتي السعودي البحريني، الخليجي العظيم، لأن خليجنا واحد، ودائماً سيظل واحداً بإذن الله.

• في لفتة إنسانية رائعة أضافت إلى (كانو) أفضل مما كان، ألقى بكأس أفضل لاعب أرضاً، هو ورفاق النصر، حضرت إنسانيته وسقط كل شيء، ليحمل مُشجعاً عمانياً مُصاباً بتحطم الحاجز الزجاجي في المدرّج الرياضي، ليقدم درساً متميزاً جدا تلقّاه في مدرسة قابوس المعظّم، مفاده: أن الإنسان العُماني هو أغلى وأثمن ما فوق هذه الأرض الطيبة.

فشكراً لكانو الإنسان

عظيمٌ أنت يا كابتن.

• أحد عشر كوكباً ملأوا بيوتنا فرحة كبيرة امتدت إلى كل بيوت الخليج، منتخب عمان الذي لم يُسعدنا فقط، بل أسعد خارطة الخليج العربي بكل أطيافه، عمان التي أتذكر بها دائما مقولة مولاي صاحب الجلالة: ( لا أريد أن أنظر إلى خارطة العالم.. ولا أجد لعمان علاقة مع أي دولة فيها). هذه العلاقة التي رسمها السلطان قابوس المعظّم قبل 47 عاماً ها هو يجني ثمارها يوماً بعد يوم، حين يرى الخليجي والعربي والعالمي يشاركنا فرحة وطن، ستتكرر مرات ومرات ومرات بإذن الله، كنتم رجالاً بمعنى الكلمة، أسودٌ رجال قابوس، على قلب وطنٍ واحد كنتُ أقرأ في نظرة كل منهم عزيمة النصر

ووعد بالعودة بالكأس، و(عملوها الرجّالة ) كما ردد أشقاؤنا المصريون.

• احتفالية ضخمة تليق بهم، بالنصر الذي حققوه لـ #عمان المجد، في وقتٍ يريد فيه الشعب أن يفرح، يُثبت من خلاله أننا أصحاب فعلٍ، لا نتكلم كثيراً كعادتنا بل نترك أفعالنا تنوب بذلك، أينما نحلّ حلّ الأمن والسلام، من اليوم فصاعداً، ألف ألف حساب يجب أن يُعمل لمنتخبنا، الكرة العمانية بدأت تأخذ منحنىً جديدا، لها اعتبارات، طموحها لن يتنازل عن المركز الأوّل، فأهلاً بالقادم الجميل الأجمل، ومبروك ياعمان، يابلادي الغالية.

- إليهم حيثما كانوا:

ربّ كما أثلجت قلوبنا بفوز عمان

أفرحها بلّم شمل الخليج

عاجلاً غير آجل.