الملف السياسي

«مالية 2018» واقعية في التخطيط والتنفيذ

08 يناير 2018
08 يناير 2018

د. محمد رياض حمزة -

إن تخصيص 6 شركات حكومية خلال 2018 سيسهم في تعزيز الموارد المالية وينشط أداء القطاع الخاص للإسهام بنسب أعلى في تكوين الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة.

بالرغم من تحسن سعر برميل النفط الخام العماني المصدر منذ مطلع عام 2017 إلا أن الخسائر التي تكبدتها المالية العامة للسلطنة منذ منتصف 2014 كان لها الأثر على الموازنات المالية خلال السنوات 2015 و2016 و2017. إذ سجلت عُجوزات متوالية. إذ بلغ العجز المتوقع 2.5 مليار ريال أي ما يعادل 8 % من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للسلطنة عام 2015. وفي موازنة 2016 عملت الحكومة على خفض العجز من 4.5 مليار ريال إلى 3.3 مليار ريال. ومن خلال ترشيد الإنفاق العام خلال 2017 وارتفاع متوسط سعر برميل النفط تراجع حجم العجز من 4.6 مليار ريال إلى 3 مليارات ريال.

الموازنة هي خطة أو برنامج عمل، تترجم فيه الحكومة سياستها الاقتصادية والاجتماعية إلى أهداف سنوية رقمية، وليست مجرد برنامج عمل خاص بوزارة المالية يبين الكفاءة في إدارة الأموال. ولا تتقرر فعالية الموازنة بذاتها فقط، بل ترتبط بأدوات التخطيط المالي الأخرى كسياسة التسليف وسياسة النقد الأجنبي، وتقاس بالنتائج الاقتصادية الاجتماعية وليس بالنتائج المالية فقط.

وتأسيسا على تطور موازنات السلطنة للسنوات المالية 2015 و2016 و2017، فإن المصروفات في تلك الموازنات كانت تتجاوز الإيرادات حرصًا على الإيفاء بالإنفاق العام على المصروفات الجارية ولاستثمارية منها والاستثمارية. وتكرر ذلك في موازنة 2018 إذ تجاوز الإنفاق العام الإيرادات المتوقعة بثلاثة مليارات ريال عماني.

وعلى الرغم من التحديات المتعلقة بتدني الأسعار إلا أن الحكومة تمكنت من توفير التمويل اللازم للإنفاق وتحقيق نتائج جيدة، وذلك من خلال تطبيق حزمة من الإجراءات والسياسات التي كان لها أثر جيد في تقليل آثار انخفاض أسعار النفط على الأداء المالي والاقتصادي للدولة.

فقد تمت تغطية عجز موازنة 2017 من خلال وسائل التمويل المتاحة (الاقتراض الداخلي والخارجي والسحب من الاحتياطيات وذلك بعد تقييم كافة الخيارات بما يكفل عدم التأثير سلبا على مستوى السيولة المحلية والائتمان المصرفي.

وزارة المالية في التحضيرات لموازنة 2018م وبرؤية علمية واقعية ونظرًا للتوسع الكبير الذي شهده الإنفاق العام خلال السنوات الأخيرة وسعيًا لتحقيق الانضباط المالي وتصحيح مسار الإنفاق واحتوائه عند معدلات تكون قابلة للاستدامة، فإن نهجها من خلال تطبيق سياسة متوازنة في ترشيد الإنفاق وإجراءات تقشفية محدودة ستؤمن الإيفاء بتعهدات الإنفاق العام في موازنة 2018 والحد من العجز المتوقع.

وجاءت موازنة 2018 في ضوء أهداف خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 - 2020) ومنسجمة مع أهداف البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي «تنفيذ». إذ بلغت المصروفات الاستثمارية (2745) ريالًا عمانيًا.

جدير بالذكر، أن الشركات الحكومية تعمل على تنفيذ مشروعات خلال عام 2018م تقدر كلفتها بنحو (3) مليارات ريال عُماني، الأمر الذي سيعزز النمو والنشاط الاقتصادي داخل البلد ويخلق فرص عمل جديدة.

وكان متوقعًا أن يكون العجز المالي الفعلي للسنة المالية 2017م وفقًا للحسابات الأولية قد بلغ نحو (3.5) مليار ريال عُماني، فيما يقدر عجز الموازنة للسنة المالية 2018م بنحو (3) مليارات ريال عُماني وبنسبة (10%) من الناتج المحلي، وبمقارنة العجز خلال السنوات الثلاث (2016م و2017م و2018م) يتضح بأنه مستمر في الانخفاض، حيث إن العجز المقدر لعام 2018م يقل عن العجز في عام 2016م بنحو (2.3) مليار ريال عُماني بنسبة. وسيتم تمويل (43%) عجز السنة المالية 2018م من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي بنسبة (84%) أي بمبلغ (2.5) مليار ريال عُماني، بينما سيتم تمويل باقي العجز والمقدر بنحو (500) مليون ريال عُماني من خلال السحب من الاحتياطيات وذلك تنفيذًا للتوجهات العامة بالمحافظة على احتياطيات الصناديق السيادية، وتقليل السحب منها قدر الإمكان والاعتماد على الاقتراض لا سيما الخارجي لتمويل العجز.

وبالرغم من ضرورة العمل على سد العجز بنهاية كل سنة مالية لضمان الإيفاء بالمديونيات الداخلية والخارجية، إلاّ أن تمويل العجز من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي بنسبة عالية قد تترتب عليه إجراءات مالية قسرية إنْ لم تتوفر الموارد المالية خلال السنة لسداد الديون المستحقة سواء جاءت من خلال الاقتراض المباشر أو بالسندات.

وتعول حكومة السلطنة على الشركات الحكومية التي تعمل على تنفيذ مشروعات خلال عام 2018م تقدر كلفتها بنحو (3) مليارات ريال عُماني، الأمر الذي سيعزز النمو والنشاط الاقتصادي داخل البلد ويوفر فرص عمل جديدة.

رغم أن توجه الحكومة خلال معظم الموازنات السابقة كانت تؤكد على تنفيذ برنامج تخصيص بعض الشركات الحكومية.

ففي بيان موازنة 2018 الذي أصدرته وزارة المالية وردت إشارة لبرنامج التخصيص بالفقرة التالية «تفعيل برنامج التخصيص، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والمالية التي فرضتها تطورات أسعار النفط العالمية في السنوات الأخيرة والتي كان لها انعكاسات سلبية على حركة الاستثمار وأسواق المال في المنطقة فسيتم الاستمرار في تنفيذ برنامج التخصيص باعتباره إحدى الأدوات الأساسية التي ترمي إلى توسيع مشاركة القطاع الخاص في امتلاك وتمويل وإدارة الأنشطة الاقتصادية، ووفقًا للبرنامج فإنه جار اتخاذ إجراءات تخصيص (6) شركات خلال عام 2018م».

إن تخصيص 6 شركات حكومية خلال 2018 سيسهم بتعزيز الموارد المالية وينشط أداء القطاع الخاص للإسهام بنسب أعلى في تكوين الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة.

ولعل تطبيق نظم ضريبية مطورة سيرفد الموارد المالية للخزينة الدولة ما يعادل مواردها من صادرات النفط. إذ أن الإصلاح الضريبي بفرض نسب ضريبية متوازنة على الشركات، مع ضرورة توسيع الوعاء الضريبي لشمول المنشآت كافة. كما ينبغي إعادة النظر في هيكل النسب الضريبية على الدخل الشخصي ومساهمات الضمان الاجتماعي في ضوء تأثيرها على حوافز سوق العمل، وينبغي أن يترافق هذا مع مراجعة للنطاق الذي تغطيه المنافع المقدمة.