1215821
1215821
العرب والعالم

أمريكا تدرس أي «رد فعل سلبي» وترامب قد يجمد مساعدات لباكستان

06 يناير 2018
06 يناير 2018

مع تزايد ضغوطها على إسلام آباد -

واشنطن - لندن - (وكالات) - قال مسؤول أمريكي كبير إن الولايات المتحدة بدأت تدرس سبل تخفيف أي رد انتقامي باكستاني بعد أن زادت ضغوطها على إسلام أباد لقمع المتشددين محذرا من أن الإجراء الأمريكي قد يتجاوز القيام بتجميد جديد للمساعدات.

وتعد باكستان بوابة مهمة للإمدادات العسكرية الأمريكية للقوات الأمريكية والقوات الأخرى التي تخوض حربا منذ 16 عاما في أفغانستان المجاورة التي ليس لها سواحل بحرية.

وحتى الآن تقول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن باكستان لم تعط أي علامة على إغلاقها مجالها الجوي أو الطرق أمام الإمدادات العسكرية وقلل وزير الدفاع جيم ماتيس من شأن هذه المخاوف الجمعة.

ولكن واشنطن بدأت فقط للتو في تطبيق خطتها الجديدة لتعليق ما يصل إلى نحو ملياري دولار من المساعدات الأمنية الأمريكية والتي أعُلنت الخميس الماضي.

وجاءت الخطة بعد أيام فقط من تصريح الرئيس دونالد ترامب على تويتر بأن باكستان ردت على المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة في الماضي «بلا شيء سوى الأكاذيب والخداع».

وقال المسؤول الكبير بالإدارة الأمريكية الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه إن واشنطن تأمل بأن يكون تعليق المساعدات كافيا لجعل إسلام أباد تشعر بقلق الولايات المتحدة.

ولكن المسؤول حذر من أن هذا التجميد ليس أيضا الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام الولايات المتحدة للضغط على باكستان مشيرا إلى احتمال لجوئها لإجراءات أخرى إذا دعت الحاجة لذلك.

وقال «ندرس أمورا كثيرة مختلفة ليس فقط قضية المساعدة(المالية).

إننا ننظر أيضا في رد باكستان المحتمل..ونبحث سبل التعامل مع ذلك ولتخفيف الأخطار على هذه العلاقة».

ولكن مع سماح ترامب للجيش الأمريكي بتعزيز جهوده الحربية أيضا في أفغانستان بما في ذلك نشر عدد أكبر من القوات الأمريكية إلى جانب القوات الأفغانية اعترف المسؤول بوجود شعور بالضرورة الملحة لهذا الأمر.

وتلقي الولايات المتحدة باللائمة منذ فترة طويلة في إطالة أمد الحرب في أفغانستان على الملاذات الآمنة للمتشددين في باكستان والتي تعطي المسلحين بما في ذلك شبكة حقاني مكانا للتخطيط لهجماتهم وإعادة بناء قواتهم.

وأضاف «نعتقد أننا نعزو إليها سبب الضرر الذي يلحق بالأمريكيين في أفغانستان.

لا يمكننا ببساطة تجاهل هذه الملاذات إذا كان لنا أن نحقق تقدما في أفغانستان».

ماتيس يقلل من أهمية المخاوف

وقال ماتيس للصحفيين في البنتاجون إنه لا يشعر بقلق بشأن قدرة الولايات المتحدة لاستخدام باكستان كبوابة لإعادة تزويد القوات الأمريكية في أفغانستان بالإمدادات.

وقال إنه لم يتلق أي إشارة من باكستان إلى أنها قد تغلق هذه الطرق.

وسافر ماتيس إلى باكستان الشهر الماضي.

وأضاف «مازلنا نعمل مع باكستان وسنعيد المساعدات إذا رأينا خطوات حاسمة ضد الإرهابيين..الذين يمثلون تهديدا لباكستان بقدر ما يمثلون تهديدا لنا».

وقالت الولايات المتحدة أيضا إنها قد تفرج عن بعض المعونات المجمدة على أساس كل حالة على حدة ولن يتم إنفاق أي منها في مكان آخر تاركة الباب مفتوحا أمام المصالحة بشكل كامل.

واقتصر رد فعل باكستان حتى الآن على التصريحات المتشددة وقال وزير الخارجية الباكستاني خواجة آصف إن الوقت حان كي «تنفصل» باكستان عن الولايات المتحدة.

واعترف المسؤول الأمريكي بأن أي قطيعة باكستانية ستعقد بشكل كبير جهود تزويد القوات الأمريكية في أفغانستان بالإمدادات.

من جهته أعلن مسؤول حكومي أمريكي كبير أن قرار الرئيس دونالد ترامب تجميد المساعدات لباكستان قد يشمل مبالغ يصل مجموعها الى نحو ملياري دولار، وهو رقم أعلى بكثير مما كان يعتقد في البداية، في خطوة اعتبرتها اسلام اباد «ستأتي بنتائج عكسية».

وقال المسؤول الأمريكي إن القرار يشمل «معدات وتمويل دعم التحالف بحوالي ملياري دولار» في حال لم تلاحق باكستان شبكة حقاني، احدى فصائل طالبان.

وأضاف «كل الخيارات مطروحة على الطاولة» بما فيها تجريد باكستان من وضعها «كحليف اساسي خارج حلف الاطلسي» أو تعطيل قروض في صندوق النقد الدولي.

وحذرت وزارة الخارجية الباكستانية من ان «الإعلانات الأحادية تأتي بنتائج عكسية في التعامل مع التهديدات الشائعة»، من دون ان تذكر تحديدا القرار الأمريكي.

وأضافت ان التهديدات الناشئة كالوجود المتنامي لتنظيم داعش في المنطقة يضاعف من أهمية التعاون اليوم أكثر من أي وقت.

ويأتي القرار الامريكي بعد أيام قليلة من تهديدات الرئيس دونالد ترامب على تويتر.

وكتب ترامب في تغريدته الأولى لعام 2018 «ان الولايات المتحدة وبحماقة أعطت باكستان اكثر من 33 مليار دولار من المساعدات في السنوات الـ15 الأخيرة، في حين لم يعطونا سوى الأكاذيب والخداع معتقدين أن قادتنا أغبياء».

وأضاف «انهم يقدمون ملاذا آمنا للإرهابيين الذين نتعقبهم في أفغانستان.

انتهى الامر!».

وعلقت الخارجية الأمريكية في سبتمبر الفائت مساعدات مالية أخرى بقيمة 255 مليون دولار تسمح لباكستان بالتزود بأسلحة عالية التقنية من شركات أمريكية.

وتلقت وزارة الدفاع الامريكية مؤخرا امرا بوقف تسديد الدفعات من «صندوق دعم التحالف» المخصص لتمويل نفقات باكستان لعمليات مكافحة الارهاب.

وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية هيذر نويرت تجميد التمويل «حتى اتخاذ الحكومة الباكستانية إجراءات حاسمة ضد (حركة) طالبان الأفغانية وشبكة حقاني».

وتمنح واشنطن لباكستان معدات عسكرية امريكية بقيمة مليار دولار سمحت لإسلام اباد بالحصول على احدث التكنولوجيا العسكرية، بالإضافة لتمويل يدفع لإسلام اباد مقابل المساعدة في إدخال معدات الولايات المتحدة وحلف الأطلسي إلى أفغانستان.

ويعتقد محللون انه من غير المحتمل بشكل كبير ان تجمد واشنطن كل التمويل، الذي يصل بحسب المصدر الأمريكي إلى نحو 1,9 مليار دولار.

وأشار مسؤولون أمريكيون بالفعل إلى وجود «استثناءات» لبرامج تعتبر حيوية للأمن القومي الأمريكي، مثل الأموال التي تدفع للحفاظ على أمن الأسلحة النووية في باكستان، البلد المسلم الوحيد الذي يملك قدرة نووية عسكرية.

وقال وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس «قد نعيد المساعدات إذا ما رأينا خطوات حاسمة ضد الإرهابيين».

ترحيب أفغاني

ويعتقد البيت الأبيض ان وكالات الاستخبارات الداخلية في باكستان وهيئات عسكرية أخرى مولت وسلحت طويلا حركة طالبان لأسباب ايديولوجية، وأيضا لمكافحة النفوذ الهندي المتنامي في أفغانستان.

كما يعتقد البيت الابيض أن الدور الباكستاني سيكون محوريا في حسم نتيجة الحرب الدائرة في أفغانستان منذ 17 عاما، عبر إضعاف حركة طالبان عسكريا وإجبارها على الجلوس الى طاولة التفاوض.

ولقي الإعلان الأمريكي عن تجميد المساعدات، ترحيبا حارا في أفغانستان.

وقال نائب وزير الداخلية نصرت رحيم «نقول منذ سنوات ان باكستان المجاورة توفر ملاذا آمنا لجماعات ارهابية كما انها تمول جماعات ارهابية».

أضاف «نحن نرحب بهذا الإعلان».

في المجالس الخاصة يشدد الدبلوماسيون الأمريكيون على ان العلاقة الثنائية ليست في أزمة، ويشيرون إلى زيارة كل من وزيري الخارجية والدفاع ريكس تيلرسون وجيم ماتيس إلى باكستان مؤخرا.

كما يؤكدون ان باكستان لا ترفض مقاتلة شبكة حقاني، لكن العاصمتين على خلاف بشأن الوقائع الميدانية وسط رصد الاستخبارات الأمريكية لإسلاميين مسلحين يتحركون بحرية.

وأقر مسؤولون أمريكيون ان باكستان قادرة على تصعيب مهمة واشنطن التي ترسل الدعم لقواتها في أفغانستان، وذلك عبر إغلاقها الطرق البرية، خصوصا مع بدء موسم القتال في أفغانستان خلال شهور.

إعلاميا علقت صحيفة «تايمز» البريطانية، في عددها الصادر أمس على ايقاف الولايات المتحدة مساعداتها الأمنية لباكستان.

واستهلت الصحيفة تعليقها بالقول إن « باكستان، التي كانت في الماضي متحالفة مع الغرب في الحرب الباردة والحرب على الإرهاب، تحولت إلى شريك غير موثوق، إذ أنها تدعم منذ سنوات، متمردين كجزء من استراتيجية ترمي إلى زعزعة الاستقرار في أفغانستان والتضييق على الهند».

وأضافت الصحيفة أن « الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان محقا في إدانة الاتجاه المؤذي الذي سلكه هذا الحليف المزعوم، وقد أشار الرئيس الأمريكي إلى أن بلاده دعمت باكستان خلال الـ15 عاما الأخيرة بأكثر من 33 مليار دولار، وعلى الرغم من ذلك فقد تمكنت حركة طالبان وشبكة حقاني، اللتان تصنفهما الولايات المتحدة على أنهما منظمتان إرهابيتان، من إيجاد ملاذ آمن في باكستان».