أفكار وآراء

موازنة 2018 وتحديات الفترة القادمة (1-2)

06 يناير 2018
06 يناير 2018

سالم بن سيف العبدلي /كاتب ومحلل اقتصادي -

استطاعت السلطنة ان تجتاز مرحلة عصيبة وصعبة للغاية خلال العامين المنصرمين حيث إن عامي 2016 و 2017 كانا من أصعب الأعوام من الناحية المالية والاقتصادية التي مرت بهما السلطنة حالها حال دول المنطقة والتي تعتمد على مصدر وحيد للدخل وبالتالي يعتبر اقتصادها اقتصادا ريعيا ، حيث إن أسعار النفط انخفضت الى دون المستوى ووصل سعر البرميل الى أقل من 30 دولارا خلال عام 2016 وإن كانت الأسعار بدأت في التعافي قليلا خلال عام 2017 إلا أنها ما زالت دون المستوى، والأزمات الاقتصادية أحيانا تكون مفيدة فمن خلالها نتعلم الدروس والعبر.

الأزمة المالية الحالية هي بمثابة اختبار ودرس للجميع ينبغي التعلم منها والاستفادة من تبعاتها خلال الفترة القادمة وإن كنا لم نتعلم من دروس الماضي ومن الأزمات الاقتصادية السابقة التي مرت بها السلطنة في أواخر الثمانينات وتكررت في أواخر التسعينات من القرن الماضي إلا أن هذه الأزمة كفيلة بأن نقف عندها ونستفيد منها من أجل إعادة ترتيب أوراقنا فاعتمادنا على مصدر وحيد للدخل جعل اقتصادنا الوطني في وضع حرج للغاية.

صدر المرسوم السلطاني رقم (1/‏‏‏‏2018) بشأن التصديق على الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2018 في موعده وبدون تأخير كما هي العادة في كل عام وحسب بيان وزارة المالية فإن جملة الإيرادات المقدرة للموازنة العامة للدولة لعام 2018 بلغت نحو (9) مليارات و(500) مليون ريال عماني، وقد تم احتسابها على أساس سعر النفط (50) دولارًا أمريكيًا للبرميل بزيادة تبلغ (3) بالمائة عن الإيرادات الفعلية المتوقعة لعام 2017م.

وقدر إجمالي الإنفاق العام بنحو (12) مليارًا و(500) مليون ريال عماني بزيادة قدرها (800) مليون ريال عماني عن الإنفاق المقدر لعام 2017م وهنا ينبغي ان نتوقف قليلا عند هذه المعادلة والتي توازن بين الإيرادات والمصروفات حيث نجد ان كفة الميزان تميل نحو الانفاق مما يعني ان هذا العام أيضا سوف لن يكون سهلا فمن المتوقع أن يستمر ويتراكم العجز والذي يقدر بنحو (3) مليارات ريال عماني إضافة الى العجز المتراكم من مصروفات العام المنصرم وما قبله .

البيان أشار الى أنه سيتم تمويل نسبة 84% من العجز المقدر في موازنة عام 2018م أي بمبلغ 2.5 مليار ريال عُماني من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي بينما سيتم تمويل باقي العجز والمقدر بنحو 500 مليون ريال عُماني من خلال السحب من الاحتياطيات وهذا نفس ما تم اتخاذه من إجراء العام الماضي.

وطبعا كلا الأداتين فيهما خطورة على الاقتصاد الوطني خاصة على المدى الطويل فخدمة الدين العام تنهك الموازنات والاقتصاد فالدول التي اعتمدت على القروض أصبحت تحت رحمة المؤسسات والهيئات الدائنة تملي عليها شروطها وطلباتها كيفما تشاء ، أما السحب من الاحتياطي العام للدولة ففيه أيضا مخاطر كبيرة خاصة اذا ما تجاوز الصرف حدا معينا .

هناك وسائل وإجراءات اعتمدتها موازنة العام المنصرم من اجل معادلة الإيرادات بالمصروفات من أهمها تعديل قانون ضريبة الدخل والذي كان متوقعا صدوره العام المنصرم وتطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع كالتبغ والكحول وغيرها من السلع غير الأساسية والتي تم تأجيلها حتى منتصف هذا العام، كما تم تعديل رسوم بعض التراخيص وتطبيق الضريبة المعدلة لكبار مستهلكي الكهرباء للاستخدامات الصناعية والتجارية أما ضريبة القيمة المضافة والتي كان متوقعا ان تطبق هذا العام مع دول خليجية أخرى فإنه تم تأجيلها للعام القادم .

نحن نطمح الى المزيد من الاجراءات الكفيلة بتعديل كفة الموازنة العامة للدولة من الوضع السالب الى الوضع الموجب او على الأقل الوصول الى نقطة التعادل على أن لا يكون المواطن هو الوحيد المتضرر من هذه الإجراءات فهناك أدوات أقرتها موازنة هذا العام سوف نعرج عليها في مقالنا القادم مع الإشارة الى بعض الجوانب المهمة التي تحتاج الى جرأة و تضحية إذا ما تم تطبيقها و إقرارها.