إشراقات

الكرم يقرّب من الجنة

04 يناير 2018
04 يناير 2018

سلوك طفل مسلم (11) -

القاهرة: أماني أحمد -

الكرم يطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والجود والعطاء والإنفاق؛ ولذا لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم لله). قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: (فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله) البخاري.

يقول عيد صلاح في كتاب قصص الأخلاق للأطفال والناشئين: الكرم أنواع منها الكرم مع النفس ومع الأهل والأقارب ومع الناس بحسن المعاملة والإنفاق وقد حثنا الإسلام على الكرم والبذل، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» وقال على بن أبى طالب رضى الله عنه: لا تستح من عطاء القليل، فالحرمان أقل منه، ولا تجبن عن الكثير، فإنك أكثر منه.

للكرم فضل عند الله تعالى كبير، قال تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} سورة البقرة الآية 261. كما أن الكريم من أهل الجنة قال صلى الله عليه وسلم: «السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس» الترمذي. وفي المقابل نهى الإسلام أتباعه عن البخل، فقال صلى الله عليه وسلم: «خصلتان لا تجتمعان في مؤمن: البخل، وسوء الخلق». الترمذي.

وهناك من القصص الكثير عن غرس حب خلق الكرم في نفوس الأطفال فكان رسول- الله صلى الله عليه وسلم- أكرم الناس، يعطي الجميع في سخاء ولا يرد أحدا، يحكى أنه كان لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- قطيع من الأغنام، فجاء رجل غريب فرأى الأغنام فأعجبته، فذهب إلى رسول الله وطلب منه أن يعطيه من الأغنام، فأعطاه الرسول- صلى الله عليه وسلم- كل الأغنام التي معه، فلم يصدق الرجل نفسه، وأخذ الأغنام وذهب إلى قومه مسرورا، وقال لهم: يا قوم أسلموا، فوالله إن محمدا ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر.

الكرم يقرّب من الجنة ويبعد عن النار، قال صلى الله عليه وسلم: «السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار». ولذا كان عثمان بن عفان رضي الله عنه دائم البذل والعطاء، ففي المدينة كان الناس يشربون من بئر تسمى «رومة»، وكانت ملك لرجل من اليهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يشترى بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منه في الجنة؟» فسارع عثمان واشترى البئر، ثم تصدق بها على الفقير والغني وابن السبيل يشربون منها بلا مقابل.

الكرم بركة للمال، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا»، ولذا أمر رسول الله ذات يوم أصحابه أن يتصدقوا، فأحضر عمر بن الخطاب نصف ماله وقال في نفسه: اليوم أسبق أبا بكر، فلما أعطى المال للرسول صلى الله عليه وسلم قال له: ما أبقيت لأهلك؟ (فقال عمر: مثله. وبعد قليل جاء أبو بكر وهو يحمل كل أمواله وأعطاها للرسول، فقال صلى الله عليه وسلم له: يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك) فقال: أبقيت لهم الله ورسوله.

من صفات الله سبحانه وتعالى أنه الكريم، وهو الكثير الخير، الجواد المعطى الذي لا ينفد عطاؤه.

على المسلم أن يكثر من الجود والكرم في جميع أوقات العام، وخاصة في شهر رمضان، وفى الأعياد والمناسبات. ولذا كان الفضل بن يحيى الوزير العباسي يخرج كل ليلة إلى شوارع مدينة بغداد، ثم يضع أمام بيوت الفقراء والمساكين أكياس النقود، وفى الصباح يخرج أصحاب البيوت ليجدوا على أعتاب بيوتهم أكياسا مملوءة بالدنانير، فأخذوها وهم لا يعلمون من الذي وضعها أمام البيت، كما كان الفضل يتصدق في الشتاء بجميع ما في خزانته من كسوة الصيف، ويتصدق في الصيف بجميع ما في خزانته من كسوة الشتاء.

ومن جهة أخرى يقول الدكتور رمضان المحلاوي في كتابه «من أخلاق الإسلام»: دعوة الإسلام إلى الجود والإنفاق مستفيضة مستمرة وحرب على الشح والبخل موصولة مستمرة وفي الحديث: «السخي قريب من الله قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد عن النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل» رواه الترمذي. فلاستتباب السكينة وضمان السعادة لابد من أن يعطف القوي على الضعيف، وأن يرفق المكثر بالمقل. وفي الإسلام شرائع محكمة لتحقيق هذه الأهداف النبيلة، من بينها تنشئة النفوس على فعل الخير، وإسداء العون وصنائع المعروف، ونتائج هذه التنشئة السمحة لا يسعد بها الضعاف وحدهم، بل يرتد أمانها واطمئنانها إلى الباذلين أنفسهم فيقيهم زلازل الأحقاد، وعواقب الأثرة العمياء، قال تعالى: {ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} سورة محمد الآية 38.

وأخيرا الإسلام دين يقوم على البذل والإنفاق وينهى عن الشح والإمساك، ولذلك حبب إلى بنيه أن تكون نفوسهم سخية، وأكفهم ندية، ووصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر، وأن يجعلوا تقديم الخير إلى الناس شغلهم الدائم لا ينفكون عنه في صباح أو مساء، قال تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} سورة البقرة الآية 274.