1205272
1205272
إشراقات

د. الخروصي: الأوقاف سلكت في سبيل معالجة التطرف مسلكا فريدا

28 ديسمبر 2017
28 ديسمبر 2017

التعددية الدينية سنة الله في البشر -

متابعة: سيف بن سالم الفضيلي -

أكد الدكتور سالم بن هلال الخروصي مستشار الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الجزء الثاني من بحثه «دور السلطنة في مواجهة التطرف.. وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أنموذجا» الذي قدمه في ندوة نظمتها جامعة الدول العربية بالقاهرة بعنوان «التطرف وأثره السلبي على مستقبل التراث الثقافي العربي» أن الوزارة سلكت في سبيل معالجة التطرف مسلكا فريدا اتصل بالداخل الإسلامي والخارج العالمي كما أنها وهي تعيش واقع المجتمع الإنساني وتلمس ما يعانيه وتشاطره أفراحه وأتراحه وهمومه وتطلعاته أبت إلا أن تساهم في معالجة هذه الظاهرة وتوعية المجتمع بخطورتها وإيجاد الحلول لها، فعناصر «الأخلاق الفاضلة والتعاون المشترك لخير الإنسانية والمصالح المتبادلة» ثالوث تحرص الوزارة على بقائه من خلال «المعرفة والتعارف والاعتراف».. وإلى ما جاء في البحث...

من بين مساهمة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في معالجة ظاهرة التطرف في الداخل «تنقية التراث الفكري وتبسيطه وتطوير مناهج التعليم الديني ونشره» ويذكر الخروصي أن التراث الفكري للأمة يعتبر هو المرجعية التي ينهل منها الجيل الحاضر والمستقبل ومورده الثقافي وتراثه الفكري مبني على اجتهاد في أحداث أفرزتها الحياة الاجتماعية والدينية والثقافية قد تصلح فتاواها لواقع وقد لا تصلح لذلك استدعى جمع هذا التراث وتصنيفه وتقويمه بما يلائم ثوابت الدين ومرونة تشريعه وطموح المجتمع المسلم وتطلعاته، وهذا جهد جبار ينبغي أن يجتمع عليه جهود العلماء والمؤسسات المعنية معا.وإن تنقية التراث الفكري يحرك في المجتمع بواعث الاجتهاد ويرسم معالم الدين للأجيال وينظم سلوك المجتمع وفق فهمه لتعاليم الإسلام وتفسير مصطلحاته ومفاهيمه بعيدا عن المزايدات ودون تدخل المصالح المختلفة ليرسل نقيا مجردا كما أنزل من لدن الحكيم الخبير.

وقال: كما أن مناهج التعليم التي هي أس المدارس محضن الشباب الأول وهي علاج جهل الفئات المتطرفة ولذلك وجب تنقيتها وتبسيطها وتطويرها والبحث عن المتفق والنأي عن المختلف وإدراج التعايش والتسامح والسلام العالمي ضمن مناهجها والاهتمام بالأوليات ومنها الجوانب الأخلاقية لتضمينها موادها.

وإن الكثير من المفاهيم المغلوطة التي كانت سببا في ظهور الفكر المتطرف مصدرها كتب التراث ومناهج التعليم الديني فيقع الطالب بين مطرقة الفكر الديني المتشدد وبين سندان المعلم الجامد فيولد ذلك لديه قناعات ما أنزل الله بها من سلطان.

وإن السعي الحثيث للاهتمام بالتراث والتعليم يساعد كثيرا في تقليص الجهل وتنقيته وينشئ أجيالا وسطية لا تحمل فكرا متشددا ولا تنهج سلوكا منحرفا.

ويضيف: ويأتي إنشاء معاهد تدرس بعمق العلوم الفقهية والعقيدة والتاريخ الإسلامي والأدب واللغة تساهم في محاربة الجهل الديني الذي يستشري في المجتمع ويستلزم ذلك، إعداد المناهج التي تبسط التراث العلمي وتزيل اللبس عن قضاياه وتوجه المجتمع نحو المنهج الوسطي. وعقد شراكة علمية بين الحقول العلمية النظيرة والمعاهد المنشأة لتبادل الفكر الديني والإصدارات والزيارات والطلاب إكسابا للخبرة والمعرفة.

احترام التعددية

ومن المساهمات «احترام التعددية» فكما يشير الدكتور الخروصي : إن التعددية سنة الله في خلقه سواء في الإنسان أو النبات أو الحيوان وفي كل ما سخره الله على الأرض « ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور». (فاطر 27-28)

ويقول: التعددية الدينية سنة الله في البشر « لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» والاعتراف بها ضرورة أخلاقية مرتبط باستقامة الفكر وعدالة الحكم وحسن المعاملة والإقصائية البغيضة ينبذها القرآن الكريم « وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون» البقرة (113).

ويضيف: التعددية تشكل ملمحا تاريخيا واجتماعيا وحضاريا في المجتمع المسلم فببزوغ فجر الإسلام انقسم الناس إلى موحد ومشرك وملحد وبتداخل الحضارة الإسلامية مع حضارات الإنسانية المختلفة بسبب الفتوحات وغيرها برزت تعددية فكرية وثقافية بل واجتماعية فرضتها سنة التداخل والتدافع بين البشر وبانقسام المسلمين إلى مذاهب مختلفة ظهرت التعددية المذهبية التي تشكلت في بدايتها لاعتبارات سياسية وتطورت لتكون ضمن المشهد الديني.

وتعتبر المدارس الفقهية بين المذاهب الإسلامية المختلفة المرجع الديني الذي يشكل فكر الفرد والمجموعة ويأتمر له الجاهل والعالم وتستجيب له الأحزاب والقيادات المختلفة.

مبينا: أن الأصل في هذه المدارس رحمة توجه الأمة لصالحها وخيرها وتفقهها في دينها ولكن وللأسف أصبحت في وقتنا الراهن سببا في اندلاع الفتن وتأجيج الصراعات وتشكيل التحزبات وأدى إلى افتراق الأمة الواحدة.

يبقى في مشهد الحياة الدينية ما أقره الشرع الشريف ونادى به القرآن الكريم من ضوابط الاختلاف والتعددية فحقه مكفول «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم» وحرية الاعتقاد ضمن مبادئنا «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» والناس في أصلهم البشري واحد «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا» والإنسان عند الله مكرم «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» وخلق الإنسان لأهداف سامية ومنها التعارف والتفاضل « يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير» والعدل ميزان وحق للناس «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط» كل ذلك يعطي للتعددية ميدانا فسيحا وحرية كفلها ديننا الحنيف.

إن التعددية لا يخلو مجتمع مسلم منها سواء في ما يقصد به بين الذات أو الذات والآخر كما أنها مكفولة لكل مسلم أن يعبد الله وفق ما يعتقد ولذلك نجد من المجتمعات من يحترمون التعددية ومن لا يسلك هذا المسلك.

سبيل إصلاح منهج التعددية

ويشير الخروصي من خلال بحثه الى أن السبيل في إصلاح منهج التعددية يكمن في: وقفة اللكنة التخاصمية التي تستحضر بين الفينة والأخرى وفق منهج رقابي حسب نظام الدول. وإنشاء فقه مشترك يناقش قضايا العصر خلال الندوات والمؤتمرات المختلفة. وإطلاق الحوار التصالحي بين العلماء والتعليمي بين العلماء والمجتمع من منطلقات الكتاب والسنة. والالتفاف حول «الوطنية» كجماع لكل أطياف الشعب والمرجعية الوطنية الواحدة التي يستظل الجميع تحت مظلتها الآمنة ويستلهم منها الخطاب الوطني الديني المعتدل. وإشراك أطياف المجتمع في المناسبات الوطنية المختلفة. ومشاركة أطياف المجتمع في مناسباتهم الخاصة. والشورى التي تجمع الجميع في ما يهم الوطن الواحد في قضاياه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

عالمية الرسالة

ويتطرق الخروصي في بحثه الى «عالمية الرسالة» فالدين الإسلامي يعتبر فكرة خير وسلام للإنسانية لا يحده وطن ولا دولة بل هو ميدان تنافس شريف وطنه من يؤمن به أيا كان وميدانه من ينهج نهجه «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، « إني رسول الله إليكم جميعا» وهذه العالمية ليست شعارات بل مميزات فعمومه وشموله وربانيته تستدعي الفطرة في أي زمان ومكان كما أن المشتركات الإبراهيمية بين الرسالات تجعلنا في حراك دائم مع الأمم والشعوب نلتقي في قواسمنا المشتركة - الأخلاق- وما تعارفت عليه الفطرة السوية.

ويؤكد أن أي شذوذ في السلوك هو خروج عن الفطرة السليمة وانحراف عن العرف البشري يقبحه العقل قبل النقل وتكرهه الطباع قبل الديانات وما يصدر عن هؤلاء المتشددين والمتطرفين لا يمثل ديننا كما لا يمثل الحضارة الإنسانية السليمة فنحن والعالم كرة واحدة وفي سفينة واحدة فإما أن نقوم اعوجاجنا وننجو وإما أن نخرق هذه السفينة ونغرق. وان دعوى عولمة القطب الواحد أو الفوضى الخلاقة أو صراع الحضارات أو الإسلام فوبيا كلها لن تقدم للإنسانية شيئا كما أنها لن تصنع حضارة دائمة . مشيرا الى أن تجربة الأمم والشعوب أثبتت أن بقاء الحضارة الإنسانية مرهون بثالوث «الأخلاق الفاضلة (الجانب الاجتماعي) من خلال (العدل والعقل والأخلاق)، والتعاون المشترك لخير الإنسانية (الجانب الخيري)، والمصالح المتبادلة (الاقتصادية - السياسية). ولذلك نحرص غاية الحرص على بقاء هذا الثالوث مع تطور الأحداث وتسارعها من خلال «المعرفة: في بوتقة مكتسبات حضارتنا، والتعارف: فيما صار معروفا بالفطرة والتجارب، والاعتراف: بالحقوق والواجبات بعيدا عن القطب الواحد وفي إطار الشراكة الإنسانية».

ونعمل على التواصل مع كافة الشعوب لإزالة ما علق في أذهانهم حول الإسلام مما أتى به الفكر المتطرف من خلال مبادئ «الآدمية والعيش المشترك، وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام، وإعادة قراءة الحوار الحضاري العالمي من منطلق: (الإسلام فكرة لا جغرافيا، والعدل والعقل والأخلاق جماع الديانات الإبراهيمية ، ومواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان مظلة من مظلات التلاقي).

ونعمل على إعادة قراءة نظرية التصادم الحضاري بالإيجابية لا بالسلب «تصادم يولد ثقافات لا صراعات، وتصادم ينشئ (المعرفة والتعارف والاعتراف)، وتصادم يقود إلى عدم الإقصاء عن الحظيرة الإبراهيمية لمن كانوا شركاء بالفعل وترك الادعاء بالعمل خارج القيمة الدولية المشتركة، وتصادم يؤدي إلى احترام المقدسات وتقدير الأنبياء وصون الأخلاق ونبذ الكراهية والعنف والتعصب»

أما السبيل إلى نشر هذه المعرفة ومحو هذه المغالطات فهي كثيرة لا تستقص منها تبادل الزيارات وإقامة الندوات والمؤتمرات وترجمة المؤلفات وإصدار المجلات والدوريات وإطلاق الحوار العالمي إلى غير ذلك.

غرس القدوة

ومن مساهمات الوزارة «غرس القدوة» كما يقول الخروصي: فغياب القدوة يشكل خطرا وبيلا على المجتمع لينفلت إلى الإرهاب والتطرف وغرسها في البيت والمدرسة والمسجد والمجتمع مهمة للغاية فأبناؤنا لابد أن يكونوا تحت عين الرقيب في كل ذلك لنتمكن من توجيه سلوكهم وإصلاح اعوجاجهم ومراقبة صداقاتهم واستخداماتهم للتقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي.

إن معظم التوجهات المتطرفة كان سببها غياب القدوة الموجهة والنشأة الصالحة واستلام المجتمع هذه الفئات بعفويتها وتشكيلها وفق المصالح والأهواء واستخدامها في العنف والتطرف هو الذي جر المجتمع إلى هذه الفوضى الغير محسوبة ولكي نعيد الأمور إلى نصابها لابد من اعتماد القرآن الكريم الموجه إلى القدوة «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة»، «ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا». ومتابعة رقابة الأبناء في البيت والمدرسة والمجتمع. وشيوع القدوة من خلال حث المجتمع على التربية الإسلامية وحث المعلم على توجيه النشء وتعليمهم الصالح لوطنهم وأمتهم. وضرب الأمثلة من السيرة النبوية الشريفة واستغلال المناسبات للمقارنة بين الواقع والمثال. والتواصل مع الأبناء وإقامة ورش عمل لشغل فراغهم بالصالح المفيد وإقامة مراكز صيفية ورحلات تعريفية إلى غير ذلك. وإصدار سلسلة الشخصيات الوطنية والإسلامية المؤثرة في المجتمع والعالم ضمن القدوة.

تعزيز العمل الخيري

يعرف العمل الخيري بأنه العمل الذي لا يعتمد على تحقيق أي مردود مادي أو أرباح بل يعتمد على تقديم مجموعة من الخدمات الإنسانية للأفراد المحتاجين لها، كما يعرف أيضا بأنه قيام مجموعة من الأفراد والجمعيات والمؤسسات بتقديم الدعم والمساعدة للأشخاص ذوي الحاجات المختلفة من طعام ودواء ومأوى وغيرها.

والعمل الخيري يحقق عوائد اجتماعية كبيرة ويصحح مسار التوجه المجتمعي من خلال الزكاة والأوقاف والصدقات فتتقلص الهوة من خلالها بين الفقير والغني وتحقق الشراكة المجتمعية « خير الناس أنفعهم للناس» وتمثل الزكاة والأوقاف والصدقات شريانا اقتصاديا مهما لو استغلت في الطريق الصحيح، ويعتبر الفقر والعوز سببا من أسباب انتشار ظاهرة العنف والتطرف ولا سبيل لتجفيفه إلا من خلال المواءمة بين قدرات الغني وحاجات الفقير والسبيل إلى ذلك من خلال إيجاد نظام زكوي يعتمد على التقنية الحديثة بحيث تصل إلى كافة المحتاجين في المجتمع وفي وقت قياسي. ووضع ضوابط لتأطير عمل الزكاة والأوقاف وفق السياسة الشرعية ومخرجات العمل الإداري. واستثمار الأوقاف الاستثمار الأمثل الذي يحافظ على الوقف وينميه . وإيجاد شراكة بين البنوك الإسلامية وإدارة الأوقاف والزكاة لعمل دراسات مستمرة حول الحالة وتطويرها باعتبار البنوك الإسلامية وسيطا نزيها بين المستفيدين وإدارة الوقف والزكاة.

نشر مظلة التعليم القرآني

يأتي «نشر مظلة التعليم القرآني» ضمن المساهمات التي تقوم بها الوزارة، فالقرآن الكريم هو دستور الحياة والموجه الأول للمسلم ولقد اعتنى المسلمون بالقرآن الكريم عناية فائقة في كل العصور والأزمنة والحاجة إلى القرآن الكريم حاجة ملحة في السلم والحرب في المنشط والمكره وفي السفر والحضر ولذا فإن الجهل الذي أطبق على المتعنفين والمتشددين سببه البعد عن القرآن الكريم ولذلك تحرص على نشر مظلته بين فئة الشباب والكبار والذكور والإناث على حد سواء وفي سبيل ذلك، طباعة المصحف الشريف وتوزيعه بين الحين والآخر لكي يبقى القرآن في كل بيت ومسجد موجها ومرشدا. ونشر التعليم القرآني« الكتاتيب» ابتداء من ما قبل سن التعليم النظامي وحتى آخر الأعمار شيوعا. وإيجاد مواءمة بين النظام القديم لتعليم القرآن الكريم والتقنية الحديثة من خلال التعليم عن بعد. وإعداد المناهج التعليمية للقرآن الكريم لتعميق دراسته بعيدا عن الازدواجية بينه والتعليم النظامي. وتشجيع الطلاب على حفظ القرآن الكريم واستظهاره.

صقل الأطر الدينية معرفيا وإداريا

يقول الخروصي : الأطر الدينية هي التي يقع على عاتقها نشر الوعي الديني وهي التي يتم تعيينها من قبل المؤسسة الرسمية المعنية في بلدها فلابد أن تكون من الإتقان بمكان حتى تستطيع أن تؤدي رسالتها وتواجه التطرف والتشدد ويكون ذلك من خلال ابتعاث الأطر لإكمال الدراسات المتوسطة والعليا وفق منهج مرسوم. وتدريب الأطر على النواحي العلمية والعملية كإقامة دورات في فن الإلقاء والمعرفة القانونية والإدارية والنواحي الاجتماعية المختلفة. وإشراك الأطر الدينية في الأعمال الخيرية والمجتمعية المختلفة. والالتقاء بالأطر الدينية سنويا لمناقشة قضايا العمل المختلفة وتوجيههم والاستماع إلى مطالبهم ومقترحاتهم. ورفدهم بالتقنية الحديثة أو توجيههم إليها ليتمكنوا من أداء رسالتهم بسهولة ويسر وسرعة فائقة وكذلك بالبحوث والنشرات المختلفة. والربط بين الأطر وإداراتها الصغرى والإدارات العليا في تسلسل هرمي يحيطهم بكل مستجدات العمل ويطلع الإدارات العليا بمستوى عملهم وكميته.

قيد الفتوى

ومن المساهمات أيضا «قيد الفتوى وإغلاق أبواب الاجتهاد الفردي الغير مسؤول» فكما هو معلوم ان الفتوى من أخطر الأعمال التي أثرت في نفوس وعقول العامة وحين يتصدر لها من لا يعرف الإسلام ومن يجهل مبادئه وفقهه وتعاليمه فإن الإرهاب والتطرف سيسيطر على المجتمع ويتحول أفراده إلى العنف ولذلك وجب تقييد الفتوى وقصرها على الجهات الرسمية وتجفيف منابع الاجتهاد الفردي والرقابة على وسائل الإعلام الرسمية وغيرها بحيث تظل أمانة الدين على عاتق الثقات المؤتمنين عليها في دولهم وأوطانهم وإلجام العامة بلجام القانون الذي يجرم الفتوى الفردية الغير مسؤولة وإيجاد الطريقة المثلى للتواصل بين جهات الفتوى والجمهور من خلال تعدد اللغة مهم لدى الإفتاء الرسمي لطبيعة البنية السكانية في البلد الواحد. واستخدام التقنية الحديثة للتعامل في هذا الشأن. واللقاء الجماهيري المباشرة بين الإفتاء والمواطنين . وصدور الفتوى في قضايا المجتمع وظواهره الآنية بسرعة ودقة. وذكر الخروصي إن الفتوى في العالم الإسلامي أخذت منحى بعيدا عن المسؤولية استخدمت فيه اللكنة المذهبية وتجردت عن القيمية في أحيان وجنحت إلى المختلف الشاذ وتركت المتفق عليه لتعطي انطباعا بالتفرد على حساب الشرع والعقل وخاصة في قضايا العصر الحساسة ولذلك ظهرت تفسيرات على هامش المصطلحات الأكثر جدلا كمعنى التكفير والجهاد والشهادة بل خلط بعض أوراق التاريخ بين قديمه وحديثه كمصطلح الخوارج ليعلق على الأخير جرم الحادث ولذلك فإن ميزاني الإفتاء إما تشددا وإما تساهلا والوسطية بينهما قد تكون شبه مفقودة، كما لعبت الحزبية دورها البارز في تحريك بوصلة الفتوى في بعض بلدان العالم الإسلامي وفي استطلاع للفتوى في أحد البلدان العربية كانت نتيجتها إن المجتمع يثق ما نسبته 79% في فتاوى الطلاق والزواج و84%من فتاوى رؤية الهلال و29% في فتاوى السياسة والمجتمع . ولذلك جاءت التوصيات في غالب مؤتمرات الإفتاء بضرورة عمل ميثاق شرف عالمي للفتوى يشتمل على الأطر القانونية والإجرائية للتصدي لفوضى الفتوى . وعمل موسوعة للفتاوى الحادثة عبر الزمان لتكون مرجعا علميا وتاريخيا. والتعاون بين الإفتاء والمراكز الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لدراسة الأوضاع والخروج بفتاوى تعالج القضايا الآنية. وإحاطة الإفتاء الرسمي بسياج قانوني يجرم الفتوى غير المسؤولة. وإيجاد صف ثان من الفقهاء وتدريبهم على الاجتهاد عبر أدواته. وتدريب أطر الإفتاء حول الجوانب العلمية والإدارية والتقنية ليتمكنوا من أداء رسالتهم في مجتمع الطفرة التقنية. وتدريس الفقه للمجتمع والجاليات بأسلوب مبسط ومفهوم لمحو الأمية الفقهية.