أعمدة

نوافـذ: في حلقة «التنمية» النقاشية

26 ديسمبر 2017
26 ديسمبر 2017

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

طرحت الحلقة النقاشية: «القضايا الاجتماعية والأسرية» التي أقامتها وزارة التنمية الاجتماعية يوم الاثنين الخامس والعشرين من الشهر الحالي، وهي التي أقيمت فعالياتها داخل قاعة المجلس الأعلى للقضاء، وحضرها وشارك فيها مجموعة كبيرة من المتخصصين في مجالات القانون والشؤون الاجتماعية، مجموعة من الصعوبات التي يواجهها العاملون في «التنمية الاجتماعية» على وجه الخصوص، وذلك من خلال ما يتعرض له المعنيون في هذا الجانب من قبل المجتمع من حالات تكاد تكون «صادمة» في بعض الأحيان، نظرا لعدم اتساقها مع النظم والقوانين المعمول بها في السلطنة؛ بالإضافة إلى حصولها على أحكام قضائية؛ هي الأخرى يجتهد فيها أصحاب الفضيلة للحيلولة دون القسوة على أصحابها؛ اتكاء على نصوص التشريع الموجودة حاليا، أو عدم نصوص تشريعية أصلا لبعض الحالات، وقد شاركهم في معايشة هذه الحالة أصحاب الفضيلة القضاة أنفسهم، من خلال المداخلات التي طرحت في هذه الحلقة، وهم المواجهون لمختلف القضايا التي تصلهم لذات الحالات، وأجمع الطرفان على أن الخروج من حالة الـ«لا توافق» هو ضرورة المراجعة الشاملة والآنية لمجمل التشريعات الخاصة بالقضايا الاجتماعية والأسرية، وذلك لحيوية وديناميكية قضايا المجتمع وديمومتها في ذات الوقت، وذلك لما يشهده المجتمع من متغيرات وتأثيرات، ولتشابكها مع الكثير من الاتفاقيات والقوانين والنظم الدولية المختلفة؛ وهي التي تكون السلطنة طرفا فيها من خلال التوقيع والموافقة على بنودها.

تأتي مجموعة المعوقات التي تحد من عمل الجهات المعنية في القضايا الاجتماعية والأسرية «التنمية الاجتماعية» (نموذجا)؛ لخدمة الفئات التي طرحتها الحلقة النقاشية، ومنها - على سبيل المثال؛ لا الحصر – الأطفال مجهولو الأب، الأطفال مجهولو الأبوين، الأطفال الذين يتم الاعتراف ببنوتهم من جانب الأب (حالات هروب الأم أو عدم وجود وثائق تختص بها) بالإضافة إلى زنا المحارم، حيث تقع هذه الفئات كلها في مأزق عدم تمتعها بالخدمات الأساسية؛ مثل: الرعاية الاجتماعية، والصحية، والتعليمية، والتجنيس «الجنسية».

تتبين هذه الإشكاليات في أوجهها المختلفة؛ من خلال استماعي لمختلف المداخلات التي طرحت في هذه الحلقة النقاشية؛ في جلستها الأولى في عدم وجود علاقات التكامل والتفاعل «الآني» بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية، والقضائية، وكل جهة وخاصة التنفيذية والتشريعية تقف عند النص المتوفر، وإن كان هذا النص قد «أكل عليه الدهر وشرب» وكل التفاعلات التي تعيش حراكا غير عادي بين أحضان المجتمع، على ما يبدو، أنها لم تحرك ساكن التشريع الذي يحتاج إلى «غربلة» مستمرة بين كل فترة وأخرى مجابهة واستيعابا وتوظيفا لمختلف هذه التفاعلات التي تحدث بين أحضان المجتمع، وبشكل خاص لـ«القضايا الاجتماعية والأسرية» موضوع هذه الحلقة التي لم تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية عبثا، وإنما تقدمها كما أفهمها «صرخة» في وجه السلطة التشريعية بأن تحرك ساكن مختلف التشريعات بما يتوافق والحراك المجتمعي غير العادي الذي يعيشه المجتمع العماني النابض بالحيوية والديناميكية.

تطرح هذه الحلقة – في تقديري – أسئلة جوهرية فيما يتعلق بحقيقة الدور الذي تقوم به السلطة التشريعية في السلطنة، وهو دور مقدر ومعروف ومجموع المداخلات التي طرحت فيها كان للتشريع نصيب الأسد فيها؛ نظرا لضبابية اتخاذ الإجراءات الحاسمة؛لعدم مواكبة التشريع لمستجدات الحراك المجتمعي ولمعرفتي الواعية للكفاءات المعرفية والفنية لدى السلطة التشريعية؛ فإن ذلك يحملها مسؤولية أشمل في تقصي مختلف القضايا، صحيح أن دور الانعقاد الواحد المحدود زمنيا، لن يتيح الفرصة الكاملة لهذا التقصي، ولكن الفترة المحددة بأربع سنوات برلمانية يمكن أن تنجز الكثير، وهي كذلك حتى هذه اللحظة، ولكن تحتاج أكثر إلى تعاون أكبر من قبل السلطة التنفيذية خاصة في توفير المعلومة التي لا يزال شحها أكبر عائق أمام الإنجاز السريع والمبكر.