كلمة عمان

حرصا على حل الدولتين واستقرار المنطقة

22 ديسمبر 2017
22 ديسمبر 2017

بغض النظر عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، الخاص باعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل مقر السفارة الأمريكية في إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس، وما ترتب عليه من ردود أفعال ونتائج مدوية، على امتداد المنطقة والعالم من حولها، وفي العديد من المؤسسات الدولية، ومنها بالطبع مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنه من المؤكد أن لهذا القرار ، الذي تجاوز القرارات والشرعية الدولية فيما يتصل بمستقبل القدس، وجه آخر ، من المهم والضروري التوقف أمامه واستثماره إلى أبعد حد ممكن، سواء من جانب الفلسطينيين والدول العربية والإسلامية ، أو من جانب كل القوى والأطراف الدولية المعنية والحريصة بشكل حقيقي بعملية السلام في الشرق الأوسط وبالتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية ، على أساس حل الدولتين، والدفع بالمنطقة إلى مرحلة من الاستقرار ، تطلعت وتتطلع إليها كل شعوبها على امتداد السنوات والعقود الماضية. ومن منطلق أن «رب ضارة نافعة» فإن قرار الرئيس الأمريكي، الذي استنكره العالم والمجتمع الدولي على أوسع نطاق، سواء في مجلس الأمن الدولي، أو في الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها غير العادي أمس الأول، قد دفع بالقضية الفلسطينية إلى سطح الأحداث والتطورات في المنطقة والعالم ، بعد أن كادت تنزوي بفعل تطورات ومؤثرات متعددة على امتداد السنوات الأخيرة، فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا أيضا.

ومن المؤكد أن عودة الاهتمام والزخم الدولي والإقليمي، والشعور الواسع والواضح بأنه آن الأوان، للتوصل إلى حل عادل وشامل، يتم من خلاله تفعيل القرارات الدولية ، خاصة بالعمل على تحقيق حل الدولتين، عبر مدى زمني محدد، ويتم الالتزام به من جانب كل الأطراف، بما فيها إسرائيل والفلسطينيون وكل الأطراف المعنية الأخرى، يشكل فرصة ينبغي الاستفادة بها وعدم تفويتها. وإذا كانت الولايات المتحدة قد ألقت بحجر كبير في بحيرة القضية الفلسطينية، التي توقف تدفق المياه فيها منذ سنوات بفعل التعنت والانتهاكات الإسرائيلية البشعة والدائمة، لكل المواثيق والأعراف والقرارات الدولية، فإن الولايات المتحدة، باعتبارها الدولة الأعظم في عالم اليوم تقع عليها مسؤوليات كبيرة، خاصة حيال عملية السلام في الشرق الأوسط، وحيال الحل العادل للقضية الفلسطينية، وحتى حيال مصالحها الكبيرة والمعروفة في هذه المنطقة الحيوية من العالم ، وجميعها تفرض عليها الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ، وبمبادئ القانون الدولي، ومع أن المصالح الأمريكية قد تفرض – من وجهة نظر المسؤولين الأمريكيين – السير في درب أو نحو خيار ما، إلا أن مسؤولية الولايات المتحدة حيال السلام والأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، يفرض عليها التريث، واستخدام بدائل أخرى، وهو ما اتبعته الإدارات الأمريكية السابقة منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي بالنسبة لمستقبل مدينة القدس، انتظارا لتحديد مستقبلها حسب مفاوضات الوضع النهائي في إطار عملية السلام وحل الدولتين، وعندها فإن قرار واشنطن بشأن مقر سفارتها، لن يثير اعتراض أحد، لأن مستقبل القدس يكون قد تحدد عبر التفاوض، وبقبول دولي عام. أما الآن فإن القرار الأمريكي يستبق ذلك كله، ويؤثر بالضرورة على مستقبل الأوضاع في القدس ومستقبلها، بغض النظر عن القناعات، أو الادعاءات على هذا الجانب أو ذاك. ومن المأمول أن يكون ما حدث في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة فرصة لدفع عملية السلام، وهو ما يحتاج بالضرورة إلى تفهم وتجاوب واشنطن، لكي تقوم بدورها ولتفي بمسؤوليتها حيال قضية السلام في المنطقة والتي هي أوسع بالتأكيد من العلاقات الثنائية الأمريكية الإسرائيلية .