صحافة

الحياة الجديدة : واقع دولي يمهد لعملية سلام أكثر عدلا

15 ديسمبر 2017
15 ديسمبر 2017

في زاوية مقالات وآراء كتب باسم برهوم، مقالاً بعنوان: واقع دولي يمهد لعملية سلام أكثر عدلا، جاء فيه:

تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو صفعة موجعة من أوروبا، هي بالأساس موجهة للرئيس الأمريكي ترامب. الغريب أن نتانياهو العارف بدهاليز السياسة الدولية هو وحركته الصهيونية قد وقع في هذا المطب. أوروبا كانت حازمة وصارمة عندما أبلغت رئيس الوزراء الإسرائيلي أنها ترفض قرار ترامب بشأن القدس، وأن لا بديل لحل الدولتين وأن تكون القدس عاصمة للدولتين.

نحن أمام أوروبا جديدة بدأت بإخراج نفسها من تحت العباءة الأمريكية، وتحديدا عباءة ترامب المثقوبة وغير المتزنة، وهي التي ترغب في رؤية الاتحاد الأوروبي وقد تفكك. أوروبا هذه لم تخف منذ البداية عدم رغبتها بأن ترى ترامب سيدا للبيت الأبيض كما سارعت بعد فوزه للإعراب عن مخاوفها منه ومن نواياه المعلنة وغير المعلنة بخصوص الاتحاد الأوروبي، خصوصا عندما سارع بتشجيع بريطانيا على الخروج من الاتحاد، وإقناع دول شرق أوروبا بالأمر ذاته.

كما رأت أوروبا في رفض ترامب لاتفاقية باريس للمناخ، التي وقعتها إدارة الرئيس أوباما مع الغالبية الساحقة من دول العالم عام 2016، رأت هذا الرفض وتهديد ترامب بالانسحاب منها، سياسة خارجية أمريكية جديدة لا تأبه للعالم ومصالحه مؤشر آخر أزعج أوروبا، هو موقف ترامب من حلف الأطلسي، ومطالبته الدول الأوروبية بدفع ثمن دور الولايات المتحدة الطويل في حفظ الأمن الأوروبي.

الولايات المتحدة برئاسة ترامب لم تعد حليفا ذا مصداقية بالنسبة للاتحاد الأوروبي وحسب وإنما تحولت إحدى المخاطر على القارة العجوز إلى جانب روسيا والصين والإرهاب. لذلك لم يكن مستغربا أن تنأى أوروبا بنفسها عن واشنطن وتتخذ مواقف مستقلة بل مناهضة لمواقف ترامب كما حصل بخصوص الملف النووي الإيراني، واليوم بخصوص إعلان ترامب الذي اعترف خلاله بالقدس عاصمة لإسرائيل.

أوروبا ترى في ترامب خطرا عليها وخطرا على العالم وعلى منظومة القانون الدولي والشرعية الدولية التي تمثلها الأمم المتحدة، باختصار لأوروبا اليوم سياسة كونية مستقلة عن سياسة أمريكا الترامبية.

وهذا التطور ليس تكتيكا إنما هو تطور أساسي وجوهري في السياسة الدولية يمكن البناء عليه فلسطينيا وعربيا. إن الموقف الأوروبي الرافض لإعلان ترامب بشأن القدس يدخل في هذا السياق، وهو ليس بسبب القدس وانتهاك ترامب للقانون الدولي فحسب وإنما لأنه خطر على أوروبا ووحدتها. هذا الواقع الدولي الجديد يمنحنا فرصة ثمينة للخلاص من استفراد واشنطن بعملية السلام وأن تكون هي الراعي الوحيد لها. اليوم لدينا الاتحاد الأوروبي، روسيا، الصين، والأمم المتحدة أن تعود إما للرباعية بمنطق جديد منطق يتساوى به الجميع بالدور والقرار أو نذهب لصيغة الملف النووي الإيراني خمسة زائد واحد والمقصود الدول الخمس زائد ألمانيا أو خمسة زائد اثنين بوجود الجامعة العربية.

هذه الاقتراحات كانت في السابق تبدو غير قابلة للتنفيذ، ولكن الواقع الجديد للعلاقات الدولية يمكن أن يمنحها هذه الفرصة، ومن أجل أن تصل الى هذا الهدف علينا أن نشكل جبهة عالمية تضع حدا للاستفراد الأمريكي بعملية السلام وفي القرار الدولي بشكل عام.