المنوعات

السينما العربية تشيع جثمان «شادية».. والعــزاء ذاكـــرة فــنية حــافـلة

29 نوفمبر 2017
29 نوفمبر 2017

بعد غيابها عن الأضواء لأكثر من 30 عاما -

كتبت- شذى البلوشية -

غيب الموت مساء أمس الأول الفنانة المصرية شادية عن عمر يناهز 86 عامًا، بعد أزمة صحية نقلت على إثرها إلى المستشفى، تاركة خلفها سجلًا حافلًا من الإنجازات الفنية على الصعيد السينمائي والإذاعي والمسرحي، رحلت بعد أن تركت حزنا عميقا في نفوس جمهورها الذي كان متابعًا لأعمالها رغم اعتزالها منذ فترة طويلة، إلا أنها كانت حاضرة بأجمل أعمالها التي بلغت أكثر من 100 عمل سينمائي، وما يقارب 650 أغنية منها وطنية، وأخرى عاطفية تضمنتها أفلامها السينمائية.

لامست الفنانة الراحلة قلوب الجماهير من خلال أدائها الاحترافي في التمثيل والغناء، بالإضافة إلى جمالها الفتان الذي خطف أنظار الجميع، ليتنافس أغلب النجوم ليشاركها بطولة في أحد الأفلام، وهي التي قال عنها نجيب محفوظ: «شادية هي فتاة الأحلام لأي شاب وهي نموذج للنجمة الدلوعة وخفيفة الظل».

ولدت فاطمة كمال شاكر، التي عرفت في السينما باسم شادية في الثامن من فبراير عام 1931، ونشأت في كنف والدها المحب للموسيقى والفن، وهو الذي ساعد على تشجيعها للالتحاق مبكرا في سفينة الفن، فكانت البداية الأولى لها في دور صغير أثبتت فيه قدراتها ومهاراتها التي جذبت صناع السينما لاختيارها في بطولة فيلم «العقل في إجازة»، وحظي الفيلم بنجاح واسع، مما سلط الأضواء على الجميلة شادية، وأدت بطولة عدة أفلام في وقت متقارب وهي: «الروح والجسد، صاحبة الملاليم، الزوجة السابعة، بنات حواء، ليلة العيد، ليلة الحنا، ظلموني الناس، ساعة لقلبك، عدل السماء، حمامة السلام»، وأعمال أخرى تنوعت فيها الفنانة في اختيار الأدوار، برفقة كبار المخرجين والممثلين في البطولة، وأصبحت بذلك نجمة الشباك الأولى في السينما المصرية لمدة قد تصل إلى ربع قرن.

تنوعت الأعمال الفنية التي اختارت الفنانة الراحلة المشاركة فيها، حيث اشتهرت كثيرا بالأعمال السينمائية الرومنسية، وهي الأدوار التي برعت فيها، وقدمت الراحلة بعض الأدوار الكوميدية أيضا ونجحت في ذلك أيضا، وشاركت في بطولة بعض الأعمال التي أخذت قصتها من روايات الكاتب نجيب محفوظ، فبرعت في بطولة فيلم اللص والكلاب، والطريق، وشيء من الخوف، ونحن لا نزرع الشوك، إلى أن ختمت أعمالها السينمائية في 1984 بفيلم «لا تسألني من أنا».

اختارت شادية أن تكون بطلة أيضا على خشبة المسرح، فاختارت المشاركة إلى جانب نجوم المسرح: سهير البابلي، وعبدالمنعم مدبولي، وحسين كمال، وبهجت قمر، واستقطبت العديد من جماهيرها المحب لفنها لمتابعة أحداث المسرحية، والتي استمرت في العرض في مختلف خشبات المسرح في مصر لمدة 3 سنوات.

واشتهرت الفنانة شادية بتمثيلها إلى جانب الراحل عبدالحليم حافظ في بعض الأعمال السينمائية المميزة، «معبودة الجماهير، و«لحن الوفاء»، وكانت لها برفقته أعمال غنائية مشتركة: «حاجة غريبة»، و«تعالي أقول لك».

اعتزلت الراحلة عندما بلغت الخمسين من عمرها، وفي فترة كانت فيها الفنانة في قمة نجاحها، وقد اختارت الفنانة تلك الفترة بالذات للاعتزال لتبقى الأضواء مسلطة على جمال أعمالها الفنية، حيث كانت الفنانة قد قالت حول ذلك: «لأنني في عز مجدي أفكر في الاعتزال لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويدًا رويدًا...لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتي في خيال الناس».

رحيل شادية لم يكن رحيلا لفنها الجميل، بل هو رحيل روح تركت لنا أجمل العطاءات الفنية، وسيظل اسم شادية مرتبطا بذاكرة مميزة لأكثر الأعمال المصرية السينمائية والدرامية والغنائية حضورا لدى جمهورها في الوطن العربي، وستبقى كلمات الأغنيات تتردد في ألسنة محبي صوتها العذب، الذي يتردد كالصدى حاملا ماضيها البهيج بكل حزن على الرحيل:

إن راح منك يا عين ... هيروح من قلبي فين

ده القلب يحب مرة ... ميحبش مرتين