أفكار وآراء

لجان عمل مجموعة «مينا فاتف»

29 نوفمبر 2017
29 نوفمبر 2017

د. عبد القادر ورسمه غالب -

الأدوار التي تقوم بها مجموعة «مينا فاتف» لا تخفي على أحد، خاصة المتعلقة بمكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب وتنفيذ أحكام اتفاقيات الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (اتفاقية باليرمو) واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (اتفاقية ميريدا) وكل التوجهات الدولية الإضافية الصادرة في هذه المجالات. ولتتمكن مجموعة «مينا فاتف» من تنفيذ الأدوار المنوطة بها قامت بتكوين لجان متخصصة لضمان تنفيذ الأدوار بصورة سلسة سليمة تعود بالفائدة علي الدول الأعضاء.

ومن الأعمال المهمة، في هذا الخصوص، يجب أن نشير إلى «لجنة الأشخاص السياسيين ممثلي المخاطر» حيث تم إعداد توصيات للاسترشاد بها ومن أهمها تعريف «الأشخاص السياسيين» وتعريف المخاطر المرتبطة بهم وكيفية التعامل مع هؤلاء الأشخاص وتحديد المخاطر (هل مرتفعة أو متوسطة أو منخفضة) مع كيفية التعامل مع كل حالة على حدة وتحديد مجال الالتزامات المفروضة والاستفادة من تجارب الدول الأعضاء بالمجموعة في التعامل مع الأشخاص السياسيين..

وأيضًا التعامل مع المتغيرات المرتبطة بالشخص السياسي من حيث جنسيته ووضعه الوظيفي الدستوري ومدى تأثيره المباشر أو البعيد ونوع الخدمات التي ستقدم له أو لشركاته أو أقربائه، والجهات الخارجية المرتبط بها الشخص السياسي وكذلك الأطراف المرتبطة به أو الأقارب. وهذه الفئة من المفترض أن تكون قدوة للآخرين وتتنزه عن الصغائر والمصالح ولكن قد نجدهم في الطريق الخطأ. ولذا لا بد من الحذر كل الحذر.

وهناك أيضًا لجنة «الأعمال والمهن غير المالية المحددة» وهذه اللجنة تهتم بتعريف الأعمال والمهن المحددة غير المالية مثل المحاماة والتوثيق والمحاسبة ووكلاء العقارات ومسجلي الشركات والصناديق وتجار الذهب والمعادن النفيسة والأحجار الكريمة وتجار السيارات واليخوت والأناتيك القيمة الغالية...

ومن واقع تجربتنا، لا بد من القول إن اللجوء إلى هذه الأعمال والمهن يتم بعد أن قامت البنوك بتشديد الرقابة علي غسل الأموال ومحاربتها بضراوة للقضاء عليها عبر عدة توجيهات من أهمها «أعرف عميلك» و«أعرف عميل عميلك» و«أعرف عميل عميل عميلك» ... وهكذا تم تشديد الرقابة وسد المنافذ في البنوك. ولكن نظرًا لأن الجريمة بدأت مع بداية الخليقة ولن تتوقف حتى يرث الله الأرض، لجأ المجرمون إلى وسائل بديلة من ضمنها استخدام هذه الأعمال الحرة والمهن الشريفة في تنفيذ عمليات تمويهية باستخدام أموال قذرة يطلبها بعض العملاء كالإيداع المالي والسحب أو عمليات الصرف الأجنبي أو استلام وإرسال التحويلات الدولية للأموال أو شراء وبيع الأسهم أو العقارات أو السيارات أو الرسومات الفنية الغالية أو شراء الذهب والمعادن النفيسة..

وهناك حالات أخطر، حدثت في بعض الدول، مثل رفع الدعاوى الوهمية الصورية بغرض الحصول على أحكام قضائية لإعطاء صبغة شرعية للأموال أو التلاعب في الحسابات وفبركتها... ولا بد من أن نبين أن بعض أصحاب الأعمال والمهن قد يتم استغلالهم دون علمهم ومن دون أن يكون لهم أدنى فكرة في نية الطرف الآخر الإجرامية... ومرت علينا حالات عديدة تم فيها استخدام بعض مكاتب المحاماة ومسجلي الشركات ووكلاء العقارات بل بعض أصحاب المكاتب التجارية ووكلاء الشركات الأجنبية وغيرهم من الأبرياء..

ولهذا تم وضع ضوابط استرشادية وفقًا للتوصيات الأربعين الصادرة من فاتف، وتنادي الضوابط بالحرص على وضع الأنظمة للحيلولة دون استغلال هذه المهن في غسل الأموال أو تمويل الإرهاب لأن هذا الأمر وارد لحد كبير مما يتطلب وضع التشريعات لتقنين ممارسات هذه المهن والأعمال والإشراف عليها بل مراقبتها لمنع اختراقها لتحقيق المقاصد الإجرامية، مع وضع كل البدائل الضرورية لتمكين العاملين فيها من معرفة و «شم» الجرائم وكيفية تجنبها والتبليغ عنها للجهات الرسمية. وعلى كل دولة اتخاذ الإجراءات الضرورية والقانونية لإصدار التوجيهات المناسبة حيال العمل المهني لكل هذه الجهات لضمان عدم استغلالها في هذه الجرائم البشعة.

هذا وما زال المشوار طويلًا، في طريق محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومنافذ الفساد، وما زال محفوفًا بالصعاب العملية والإجرائية.. ولذا، ما زالت «مينا فاتف» تنظر في تطوير توصيات اللجان الفنية المتخصصة والقيام بتقديم الدراسات وأوراق العمل من أجل توفير أفضل الخدمات لتنفيذ الممارسات السليمة «المنضبطة» في ربوع الدول الأعضاء وبما يحول دون ارتكاب جرائم غسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو الجرائم المنظمة أو الفساد في منطقة «المينا»..

والتي نأمل تنظيفها من جميع الممارسات القذرة غير القانونية، ولتستمر همة «مينا فاتف» العالية في تحقيق هذا الأمل الذي ينشده الجميع..

Email: [email protected]