1169244
1169244
عمان اليوم

محكمة القضاء الإداري تطور غير مسبوق لسرعة الفصل في الدعاوى

25 نوفمبر 2017
25 نوفمبر 2017

نظام قضائي مستقل ودور رقابي مميـز -

كتب – جمعة بن سعيد الرقيشي -

شكَّل العام القضائي الـ 17 من عمر إنشاء محكمة القضاء الإداري عاماً ذهبياً فيما تحقق من إنجازات سواء فيما يتعلق بدور المحكمة في سرعة الفصل في الدعاوى، أو بإنجازاتها الأخرى على صعيد تطوير البنى الأساسية لمرافق المحكمة، والآليات التقنية والفنية المدخلة في تقديم خدماتها الحديثة والتي انعكست إيجاباً على الدور الذي توليه المحكمة في سرعة البت في الدعاوى ومتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة عنها بما يحقق الغاية المستهدفة في تحقيق العدالة الناجزة. وقال فضيلة الشيخ ماجد بن عبدالله العلوي رئيس محكمة القضاء الإداري: إن المحكمة تشهد منذ بداية نشأتها تزايداً مستمراً في أعداد الدعاوى والطعون المقيدة بها عام بعد عام، وهذا يجري بشكل متسق مع تزايد حجم نشاط المرافق العامة، وتوسع الأنشطة الإدارية والاقتصادية والتنموية، مؤكدا أن السلطنة شهدت في السنوات الأخيرة حركة تنموية كبيرة ومتنوعة دفعت بتوظيف أعداد كبيرة من المواطنين في القطاع الحكومي، وقد استتبع ذلك توسعاً كبيراً في نشاطات وتصرفات الجهات الإدارية بمناسبة قيامها بواجباتها الإدارية وإدارتها للمرافق العامة، كما أن التوجيهات الرسمية بتنويع مصادر وتشجيع الاستثمارات أدى بدوره إلى زيادة كبيرة في النشاطات الاستثمارية والمالية، وزيادة في المشروعات التنموية، ومشروعات البنى الأساسية للخدمات في كافة محافظات وولايات السلطنة، وقد ترتب عن ذلك زيادة كبيرة وملحوظة في أعداد الدعاوى التي تصدت المحكمة للنظر فيها في الطورين الابتدائي والاستئناف، وهو ما استوجب من المحكمة مضاعفة جهودها في حجم الإنجاز والتعامل مع المستجد من الدعاوى وقد تمثل ذلك في الجهود المبذولة لمسايرة ذلك بالتطوير في النظم الإدارية والإجرائية. وأضاف أن المحكمة باشرت العمل على تحقيق سرعة الإنجاز في تلك الدعاوى من حيث الكم والنوع، وقللت بذلك من تراكم الدعاوى وتأخر الفصل فيها، وحققت تقدماً تظهر ثماره بجلاء من خلال العدد القليل للدعاوى المرحَّلة، ولم يقتصر تقدم المحكمة بشأن رفع القدرة الإنتاجية لها على الدوائر القضائية في مسقط مع اختلاف درجاتها، بل اتسع ليشمل دوائر المحكمة في ولايتي صلالة وصحار، حتى أصبح للأخيرة تقسيم داخلي إلى هيئتين قضائيتين للنظر في الدعاوى المنظورة، كتنظيم داخلي يعمل على حسن سير الفصل في الدعاوى، وبذلك تكون المحكمة قد عملت بطاقة إنتاجية تبلغ ضعف الطاقة التي عملت فيها في الأعوام السابقة.

قضاء إداري مستقل

وأوضح فضيلة الشيخ ماجد العلوي أن القضاء الإداري في السلطنة يتميز بأنه قضاء مستقل عن منظومة القضاء العادي، في ظل القسط الوافر من الاهتمام والرعاية السامية الذي حظيت به المحكمة من لدن جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه - واهتمام جلالته بالقضاء بوجه عام، باعتبار المحكمة جهة قضائية متخصصة وأحد المكونات الأساسية التي تقوم عليها المنظومة القضائية في السلطنة، وأريد لها أن تكون في منظومة قضاء مستقل عن القضاء العادي حرصاً من القيادة الحكيمة على وجود التخصص في الفصل في الخصومات الإدارية على وجه يكرس التخصص الفني الدقيق في الممارسة القضائية، ويكفل السرعة في الإجراءات القضائية، وتحقيق العدالة السريعة والناجزة، وذلك انعكس بجلاء في مساهمة المحكمة في الدور الرقابي الذي تباشره من خلال تصحيح بعض الممارسات الإدارية، مشيرا إلى أن المتأمل للدور الذي باشرته المحكمة منذ إنشائها يتبين له أهمية ما رسخه القضاء الإداري من مبادئ وقواعد قانونية في مجالات مختلفة كان لها الأثر العظيم في تصحيح بعض تلك الممارسات للجهات الحكومية، إذ ساهم دور الرقابة القضائية الذي باشرته المحكمة على تصرفات وقرارات الجهات الإدارية في إطار الدعاوى التي تنظرها، وما رصدته الأحكام الصادرة عنها، في الارتقاء بمستوى الممارسة الإدارية لهذه الجهات ومستويات الأداء التي تقدمها، إذ ساعدت الإدارة على الالتزام بمبدأ المشروعية في تصرفاتها. كما ارتقت المحكمة بدورها في الحفاظ على الحقوق والحريات العامة، إذ تعد المحكمة بمثابة المعين لجهة الإدارة في تطبيق أحكام القانون، والالتزام بمبدأ المشروعية وإعمال سيادة حكم القانون، إذ عملت على مدى السنوات المنصرمة ومن خلال ما تضمنته الأحكام التي تصدرها في الدعاوى المختلفة على بيان أحكام القانون، وتفسير نصوصه، وإقرار المبادئ القانونية التي تمكن الجهات الإدارية من الاستهداء بها في ممارساتها وأنشطتها اتجاه ذوي الشأن والعاملين لديها.

بنى أساسية متطورة

وحول تطور البنى الأساسية لمحكمة الشؤون الإدارية منذ تأسيسها وحتى اليوم يقول فضيلة الشيخ ماجد العلوي: إن تطور البنى الأساسية للمحكمة ودوائرها مع الأنظمة الحديثة المساعدة والداعمة لها، ووجود المرافق المناسبة لمباشرة العمل القضائي، تعد حاجة أساسية لصحة العمل وسلامة الأداء، وقد واصلت المحكمة إنجازاتها المتعلقة بتوفير مقار مناسبة وبنية أساسية لها، ومنذ نشأة المحكمة وهي تباشر أعمالها في مبان مستأجرة إلى أن أثمرت الجهود المباركة إلى إنشاء المبنى الدائم لرئاسة المحكمة بحي العرفان في محافظة مسقط، ليساير هذا المبنى التطور الموازي في اختصاص المحكمة بنظر الدعاوى، وكذلك ليلبي حاجة المحكمة لاستقبال عدد الدعاوى المتزايد عاماً بعد عام، وقد ضم المبنى الجديد عدداً من مكاتب أعضاء وموظفي المحكمة، يضاف إليه قاعة كبيرة للاجتماعات، وقاعات أخرى للمداولة والمشورة، وتضمن المبنى ثلاث قاعات رئيسية للمحاكمة، وقاعة رابعة متعددة الأغراض مؤهلة لاستضافة المؤتمرات والندوات المختلفة، وقد جهزت عموم تلك القاعات، بأحدث الأدوات والمعدات التقنية التي تعمــل بأنظمة حديثة، وزودت المنصات فيها بالحواسيب، والشاشات، وكافة التجهيزات الرقمية والمرتبطة مباشرة بمرافق المبنى، وتتوفر بتلك القاعات أجهزة الربط التلفزيوني والبث الخارجي، وإمكانية ربطها إلكترونياً في بث مباشر مع المعهد العالي للقضاء بنزوى، أو مع أي جهة أخرى ذات اختصاص قضائي تعليمي أو عملي، كما يحتوي المبنى على مكتبة متخصصة بالمحكمة، ومجلس خاص لاستقبال الضيوف وقاعات لانتظار المتقاضين،

نظام قضائي إلكتروني متكامل

وعن النظام القضائي الإلكتروني المتكامل للمحكمة يؤكد رئيس محكمة القضاء الإداري أن المحكمة عملت خلال العام القضائي الماضي على إيجاد نظام قضائي إلكتروني حقق قفزة نوعية نحو مفهوم الحكومة الإلكترونية التي تعمل على تطبيقها السلطنة، حيث أوجدت المحكمة نظاما آليا يتولى من خلاله أعضاء المحكمة والإداريون فيها إنجاز كافة إجراءات التقاضي منذ تسجيل الدعوى وحتى حفظها، ويتم تفعيل ذلك النظام بربط دوائر المحكمة بمسقط مع دوائر المحكمة في ولايتي صلالة وصحار، مما أسهم في توفير الوقت والجهد لإنهاء الدعاوى بأسرع وقت ممكن مع المحافظة على دقة وسرية البيانات والمعلومات، ضمن منظومة متكاملة، حيث تم الربط الآلي بأنظمة الأحوال المدنية، لتظهر البيانات الشخصية لمقدم الدعوى بشكل آلي تمهيداً لتقييدها لدى المحكمة. ويقوم «النظام القضائي الإلكتروني» على تحديد الصلاحيات لكل مستخدم حسب مسماه الوظيفي، ومن هذا المنطلق لا يسمح النظام لأي شخص بالدخول أو الاطلاع على البيانات أو اتخاذ القرارات، إلا في حدود الصلاحيات المخّولة له، ويتولى النظام توريد الدعاوى من جهة تسجيل وتقييد الدعاوى والطعون، ومن ثم ربط جميع ما يرد على الدعوى إلكترونياً بغض النظر عن مكان وجودها، مما يوفر خصائص عدة، أهمها: تحقيق التكامل والترابط بين كافة أعمال المحكمة بشكل آلي، من خلال إدارة سير الإجراءات الذي يضمن انسيابية حركة الدعوى، وبيان القرارات الصادرة بشأنها بشكل آمن وطريقة سهلة ومرنة، حيث يتحكم النظام بسير إجراءات الدعوى ومراقبتها، وتحديد من أين تبدأ، وأين يجب أن تنتهي، مما أسهم في تقليل حجم العمل اليدوي والاستخدام الورقي، إضافة إلى تعزيز الدقة والسرعة في تداول المعلومات واتخاذ القرارات. ويحتوي «النظام القضائي الإلكتروني» على كافة النماذج والقوالب الإلكترونية التي يتم استخدامها لنظر الدعوى قضائياً، واتخاذ القرارات بشأنها، كما أن النظام يوفر قاعدة للبيانات عن كافة الدعاوى التي تمت معالجتها على مر السنين، وفي كل ذلك ترجمة دقيقة لدواعي توظيف التقنيات الحديثة في العمل القضائي، وعملاً بالاستراتيجية الوطنية المتعلقة لإدخال التقنيات الحديثة في العمل الحكومي.

إصدارات

وتحدث فضيلة الشيخ ماجد العلوي عن المبادئ القانونية التي تقوم بإصدرها المحكمة الإدارية حيث قال إن المكتب الفني بالمحكمة عمل جاهداً على إصدار العديد من مجموعات المبادئ القانونية التي تقررها أحكام المحكمة عام بعد عام، وهذه المجموعات متاحة ومتوفرة بشكل دائم بمقر المحكمة، كما تتوفر للباحثين والمهتمين بمعرض مسقط الدولي للكتاب الذي تحرص المحكمة على المشاركة به سنوياً لعرض إصداراتها به. وقد عمل المكتب الفني ومنذ نشأة المحكمة على تنفيذ العديد من الإصدارات القانونية، وتبلورت إنجازاته على استخلاص المبادئ القانونية الصادرة عن المحكمة، وإصدار مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء الإداري منذ العام القضائي الأول (2003/‏‏2002م)، وشملت حتى مجموعة المبادئ القانونية للعام القضائي الخامس عشر (2015/‏‏2014م) والصادرة مؤخراً.

خطط تدريبية

وتناول الخطط التدريبية التي تقوم بها المحكمة الإدارية الخاصة بالكوادر القضائية والإدارية مشيرا في حديثه الى إن التخطيط السليم من خلال وضع استراتيجية ناجحة ذات أمد بعيد يساهم -بلا ريب -في تمكين مؤسسة القضاء من تحسين خدماتها، ورفع كفاءتها، بهدف توفير بيئة مناسبة للتقاضي وصولاً إلى العدالة الناجزة، تأسيساً لثوابت دولة المؤسسات والقانون، ومن هذا المنطلق فقد حرصت المحكمة على التطور المستمر من خلال زيادة كادرها القضائي والإداري في السنة المنصرمة بكوكبة جديدة من الأعضاء العمانيين، ومنهم عشرة قضاة في عام (2016م)، بالإضافة إلى عدد من الموظفين الإداريين في عدة تخصصات، وهي ماضية في هذا النهج الذي يجب أن يسايره تأهيل مستمر لتلك الكوادر بمختلف اختصاصاتها.