المنوعات

الفنانون والشعراء بظفار يودعون سفير الأغنية العمانية

22 نوفمبر 2017
22 نوفمبر 2017

مكتب صلالة: بخيت كيرداس الشحري -

حينما ترحل النجوم المضيئة وتغيب عن سماء الحب والوطن تخيم على القلوب وحشة الفراق فتتصاعد زفرات الأين والدموع من أعماق القلوب وتقف الكلمات عاجزة ما بين الحناجر وتختنق العبرات هذا هو الحال بعبارات موجزة برحيل فقيد الفن والوطن وسفير الأغنية العمانية الفنان سالم بن علي سعيد وهذا هو حال الفنانين والشعراء من أبناء محافظة ظفار الذين تلقوا نبأ وفاة الفنان سالم بن علي سعيد في تايلاند حيث كان في رحلة علاجية هناك والذي غيبه الموت عن محبيه ووطنه ومات غريباً في ارض غير ارضه، فقد رحل بعد أن روى تربة وطنه بأغانيه الوطنية وأشجى محبيه بأغانيه العاطفية وحمل تراث وطنه وأنغامه سفيراً لفنهم و مشاعرهم لينثرها شوقاً ونغماً عذباً.

لقد تواصلت (عمان) مع عدد ممن عاصروا سالم بن علي الفنان والإنسان فكانت عبراتهم تخنق أصواتهم فتحدثت دموعهم قبل ألسنتهم وهم يترحمون عليه ويدعون له بالرحمة والمغفرة، ذكريات جمعتهم وهموم مشتركة ومناسبات مختلفة وأفراح أنغامهم التي كانت حديث شجونهم.

وحول هذا الفقيد الرمز الوطني والفني في السلطنة يترحم الفنان أحمد مبارك غدير على رفيق دربه ويقول أن خبر وفاته أحدث زلزالاً قوياً في أحاسيسي ومشاعري ولكن هذا قدر حتمي علينا جميعاً وكلنا لنفس المآل وقد بدأ صوته متأثراً جداً وهو يسرد لنا علاقته بالفنان الراحل حيث قال أحمد مبارك غدير: تربطني بالفنان سالم بن علي علاقة قديمة تمتد لما يقارب أربعين عاماً فهو صديق وأخ وزميل درب نتشارك الفن والنغم ونغني للوطن والسلطان وللحب وللإنسان، وهو سفير الأغنية العمانية بلا شك وصوت عمان الوطني والعاطفي.

وأضاف غدير قائلاً: سالم بن علي إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى متواضع وخلوق ويحب الخير للناس دائماً وكريماً جداً ولم تكن المادة وجمع المال تشغل شيئاً من تفكيره أبداً حيث كان دائماً معطاءً مع كل من حوله وكان قريباً من الناس ولم تشغله حياته الفنية عن مجتمعه وأصدقائه ولم تبهره الشهرة بأضوائها فظل سالم بن علي كما هو الإنسان البسيط المتواضع، ونحن فجعنا ب وفاته كثيراً فالوطن برحيله فقد رمزاً من رموزه الثقافية والفنية الذي قدم في مسيرته الفنية أعمال جليلة سواء الوطنية او الاجتماعية أو العاطفية وقد رفد مكتبة الأغنية العمانية بأعمال كثيرة سوف تبقى في ذاكرة الوطن وجمهوره ما بقي الفن العماني.

وقال الفنان بخيت احمد محاش الشحري: تربطني بالفنان سالم بن علي علاقة أخوية منذ بداية النهضة المباركة فكنا دائما نتواصل ونلتقي في مناسبات مختلفة أغلبها في مسقط ويعتبر رحمه الله من أنشط الفنانين اجتهادا في توصيل الأغنية العمانية إلى الوطن العربي وأعماله ثرية بالألحان وغنى لكثير من كبار الشعراء والشباب حيث أن عطاه الفني لم يتوقف منذ أن بزغ نجمه وكان جمهوره دائماً يتابع كل جديد يقدمه المرحوم فهو سفير الأغنية العمانية ومكتبة الإذاعة والتلفزيون تزخر بأرشيف فني سيبقى للأجيال القادمة لينهل منه كل محبي الفنان سالم بن علي هذا الفنان الكبير الذي قدم وأعطى كل جهده من حياته في إبراز الأغنية والحن والكلمة العمانية والنهوض بها عبر صوته العذب من أجل الوطن هذا هو سالم بن علي سعيد الله يرحمه ويغفر له.

وقال الشاعر سالم بن بخيت المعشني (أبوقيس) وهو من أبرز الشعراء الذين تعاون معهم الفنان سالم بن علي سعيد في مشواره الفني: يعتبر الفنان الراحل سالم بن علي معجزة فنية عصرية عمانية فهو من طور الأغنية العمانية وتجاوز بها الحدود الجغرافية والإقليمية حيث بدأ بالتعاون الشعري في منتصف السبعينيات مع الشاعر الراحل سالم بن ناصر الحبشي والراحل سالم بن فنخور مسن ومن ثم مع الشاعر علي عبدالله الصومالي والشيخ عوض بن بخيت العمري وكذلك الشاعر عبدالله بن صخر العامري.

وأضاف أبو قيس: جمعتنا علاقة صداقة وفنية وأخوية وكنا دائماً نجلس لساعات طويلة ونحن نبحث عن جملة لحنية جميلة لأحد الأغاني وكانت هناك نقل نوعية للأغنية العمانية بصوت سالم بن علي وألحانه مع شركة سابكو الفنية وقد قدمت لسالم بن علي الكثير من الأعمال الغنائية التي نجحت وكان لها صدى كبير في الوطن وخارجه مثل أغنية صباح الخير التي كتب عنها الطيب الصالح وأعجب بها وكما كان لنا تعاون مشترك مع العديد من الملحنين الكبار من خارج السلطنة والتي غناها سالم بن علي مثل الدكتور عبدالرب إدريس والفنان أحمد فتحي ومن الكويت الملحن أنور عبدالله وعبدالله الرميثان.

وقال الشاعر أحمد بن سالم الجحفلي مخاطباً رحيل الفنان سالم بن علي سعيد بلغة حزينة: هل رحلت أنت أم نحن؟ لا أدري. في الوعي أنت من غادر. لكن في اللاوعي أظننا نحن من رحلنا عن الوطن وبقيت أنت بجانبه فلا تستطيعان مفارقة بعضكما. لم تكن يوما غريبا فينا بل وطنا بحجم الحب بحجم الجمال والسلام والتاريخ والأصالة، لقد عشت جبلا رابعا شقيقا لسمحان والأخضر والقمر فاتزن بعطائك وطنا ممتدا واستقر في كنف أغانيك مكللا بالأنفة والعزة والمجد مترعا بالقيم والنبل والخير، لم تغادر إلا وقد غرست ورويت فينا الانتماء والولاء والوفاء لعمان وان رحلت جسدا فحتما لن ترحل روحا، ستبقى للتاريخ صفحة مضيئة في سماء عمان تضيء أرضها وتمخر عباب بحارها كسفائن أجدادك العمانيين.

وبعد هذه الكلمات قال الشاعر أحمد الجحفلي: أعلم يقيناً انه لا بد من الرحيل يوماً وخاصة أن كانت المؤشرات قد بدت على أمر الرحيل ورغم تواصلي مع ابنه أمير أحيانا ومعه نادرا كنت أكفكف دموعي بعد مكالمته رغم معرفتي أنه لا يستسلم ومؤمن بالقضاء والقدر بدرجة كبيرة. فالفنان سالم بن علي خلق ليكون محبوبا بهذا القدر فهو خسارة عظيمة للفن العماني الذي حمل لوائه طيلة مشواره الفني.

وقال الفنان مدين بن مسلم: إن لقد فقدت أخا عزيزا وصديقا كريما وأستاذا عظيما وتأثرت كثيراً بنبأ وفاته وليس لنا إلا أن نتصبر ونؤمن بالقضاء والقدر فرحيله أحزن عمان كلها فهو سفير أغانينا وتراثنا وهمومنا فالفنان سالم بن علي أحد أعمدة الفن في السلطنة وهو سفير للأغنية العمانية ومثلها خير تمثيل في مختلف المهرجانات والمناسبات، وهو من قدمني للتلفزيون في سنة 1983 فهو من اكتشف موهبة الغناء فيني ودفع بي للأمام وأخذ بيدي وشجعني للدخول في بحر الفن حيث قدم لي أغنية من ألحانه وكلمات الراحل علي الصومالي بعنوان «مجروح قلبي» وكانت بمثابة جواز سفر لي إلى عالم الغناء ومن ثم توالت الأعمال الغنائية التي قدمها لي سالم بن علي وكنا دائماً نشترك في حفلات فنية ومناسبات وطنية ورحلات وجلسات خاصة وكان دائماً محباً بشوشاً كريماً وأنا تأثرت كثيراً برحيله ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته.

وببالغ الأسى والحزن تحدث إلينا الفنان محمد بركات والذي بكى كثيراً ونحن نستذكر معه علاقته بالفنان الراحل سالم بن علي قائلاً: لقد تأثرت كثيراً بخبر وفاته فكنا قريبين من بعض ونتسامر كثيراً سواء في منزله أو في منزلي وجمعتنا مواقف كثيرة وذكريات جميلة والحديث عن علاقتي به يطول فكان لي نعم الأخ والصديق فهو رحمه الله كان طيب القلب ومحب للناس فهو خسارة للفن عموماً ولجمهوره وهو فنان مرهف الحس وكما قال عن نفسه أنا ولدت فناناً، وقد قدم لي ثلاثة أعمال في أول إنتاج فني لي وهو من شجعني بعد أن استمع لي وأنا اعزف واردد معه بعض الأغاني في الجلسات الخاصة. وقال بركات: إن لقاءه الأخير في تلفزيون السلطنة على مسرح المروج بصلالة كان كأنه لقاء وداعي حيث بعد ذلك اللقاء عاد مرة أخرى لاستكمال العلاج في الخارج فكان رحيله مقدراً ليكون مع موعد رحيله خارج وطنه الذي غنى له الكثير من الأعمال الخالدة ومن محاسن الصدف والأقدار أنه قبل مرضه بأيام كان قد عاد من رحلة العمرة مع كافة أفراد أسرته فنسأل الله تعالى أن يتقبل منه تلك العمرة وان يرحمه ويصبر أهله ومحبيه.

وكما أبدى الفنان عمر جبران حزنه وتأثره برحيل الفنان سالم بن علي حيث يعاني هو كذلك من مضاعفات عملية كان قد أجراها لعدد من الفقرات وهو طريح الفراش الآن متأثراً بعدم قدرته على المشاركة في واجب العزاء وقال جبران: إن الفقيد عزيز على قلوبنا جميعاً وسوف نفتقده ونفتقد جلساته وطيبة أخلاقه وحسه الفني الراقي فقد كان من الفنانين العمانيين المهتمين بتطوير الموروث الشعبي وكان خير سفير للأغنية العمانية.