mohammed
mohammed
أعمدة

شركــات مساهمــة عامــة أم شركــات فرديـــة؟

21 نوفمبر 2017
21 نوفمبر 2017

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

يبدو أن هناك خلطا من قبل مسؤولين بشركات المساهمة العامة بين دورهم في شركاتهم الخاصة ودورهم في شركات المساهمة العامة التي أصبحوا أعضاء في مجالس إداراتها أو مسؤولين تنفيذيين فيها، فهم الذين يقررون مستقبل هذه الشركات وما يجب عليها اتخاذه من خطوات في مسيرتها العملية خاصة إذا تعلق الأمر بإعادة هيكلة الشركة وضخ رأسمال إضافي فيها أو عقد صفقات كبيرة، ووصل الأمر لدى بعض الشركات إلى تقديم قروض للشركة ليقال في اجتماعات الجمعيات العمومية إن الشركة حصلت على قرض ميسر وبدون فوائد من قبل أعضاء بمجلس الإدارة لإنقاذ الشركة وتمكينها من العودة إلى الحياة الاقتصادية من جديد دون أن يكون هناك اهتمام جدي بالسياسات التي اتبعتها الشركة في السنوات الماضية والتي أدت إلى تكبدها تلك الخسائر.

إن هذه الممارسات تجعلنا ننظر إلى هذه الشركات على أنها شركات فردية خاصة وليست شركات مساهمة عامة تُبنى قراراتها على رؤى استراتيجية تستهدف تحقيق أعلى المكاسب لجميع المساهمين وتمكين الشركة من النمو المتواصل وتهيئة بيئة عمل محفّزة وداعمة للابتكار والمتابعة الدائمة لمختلف التحديات التي تواجهها الشركة والقطاع الذي تعمل فيه، مع الأخذ بعين الاعتبار رؤى المساهمين وأفكارهم لتطوير أداء الشركة خاصة إذا تعلق الأمر بإعادة الهيكلة أو الدخول في شراكات كبيرة، وفي نظرنا أن المساهمين هم الأساس الذي ينبغي أن تنطلق من خلاله رؤى مجالس إدارات الشركات لتطوير الشركة، وهذا لا يتحقق إلا من خلال اللقاءات المفتوحة بين الشركة ومساهميها، أما اجتماعات الجمعيات العمومية السنوية فلا تحقق - في الغالب - هذا الهدف وإنما هي إجراء قانوني لأخذ موافقة المساهمين على بنود محددة يتم في النهاية إقرارها والموافقة عليها بالأغلبية نظرا لتركز الملكية لدى مجموعة محدودة من المساهمين.

قد تكون مشكلة عدد لا بأس به من شركات المساهمة العامة أن ملكية أسهمها تتركز لدى أشخاص أو شركات خاصة تمتلك حصة مؤثرة في الشركة، ولذا فإن مجلس الإدارة الذي يتألف في غالبيته من هؤلاء المساهمين وأحيانا المؤسسين للشركة يكاد ينظر إلى الشركة على أنها شركة خاصة بهؤلاء المساهمين، وفي كثير من الأحيان تنطلق خطط تطوير الشركة من قناعات شخصية لهؤلاء المساهمين، وهكذا يمكننا تفسير الأسباب التي جعلت بعض الشركات تتحول من شركات مساهمة عامة إلى شركات مقفلة والأسباب التي تجعل بعض الشركات تعيد هيكلة رأسمالها مع الاحتفاظ بنفس الأشخاص في مجالس إدارات الشركة أو إداراتها التنفيذية والأسباب التي تدفع بعض الشركات لتوقيع صفقات ضخمة قد تؤثر مستقبلا على مركزها المالي.

ورغم أن الهيئة العامة لسوق المال سعت خلال السنوات الماضية إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والإفصاح والعدالة بين المساهمين وتنظيم اختصاصات مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية من خلال مجموعة من التشريعات المنظمة لقطاع سوق رأس المال إلا أن الممارسات التي نراها من حين لآخر تؤكد أن الطريق لا يزال طويلا باتجاه تأسيس شركات مساهمة عامة قوية ومنافسة على الصعيدين المحلي والعالمي، إلا أنه رغم هذا يحدونا الأمل في أن يغير “كبار المساهمين” بشركات المساهمة العامة طرق إدارتهم لهذه الشركات حتى تستطيع الوقوف على أساس صلب قائم على نظام واضح تسير عليه الشركة وليس على قناعات أشخاص معينين يعتبرون أنفسهم هم طوق النجاة للشركة ومساهميها.