صحافة

موسم زيتون أم استيطان؟

17 نوفمبر 2017
17 نوفمبر 2017

في زاوية آراء كتب خالد معالي مقالاً بعنوان: موسم زيتون أم استيطان؟ جاء فيه: يحار المرء في توصيف الموسم الحالي، أموسم قطف ثمار الزيتون هو أم موسم التمدد والتغول الاستيطاني؟، فكل من يقطف ثمار الزيتون يتوجع ويتحسر من كثرة ما يرى من على قمم الجبال والتلال في الضفة الغربية عمليات البناء الاستيطاني، التي لا تتوقف على مدار الساعة وفي سباق مع الزمن.

الاستيطان الآن نجح بتمزيق الوحدة الجغرافية والإقليمية والسكانية، لمختلف مناطق الضفة الغربية، وحولها إلى «كانتونات» معزولة، ونجح بتدمير أي إمكانية لوجود عمق تنموي وأمني وسكاني فلسطيني.منذ 24 عامًا قبل «أوسلو» كان عدد المستوطنين 100 ألف مستوطن، والآن صاروا قرابة 800 ألف مستوطن، إذن النتيجة المنطقية أن أكبر رابح من «أوسلو» هو الاستيطان، لأن الدولة الفلسطينية لم تقم كما وعدونا خلال خمس سنوات من عمر «أوسلو»، ولم تتحول الضفة إلى سنغافورة، وضحكوا علينا.

موضوع الـ(غيتو) والعزل والجدار والاستيطان هو من صميم الثقافة الصهيونية، يدرك ذلك الدارس لأدبيات الحركة الصهيونية، وهذا يفسر إصرار المستوطنين على عزل أنفسهم خلف جدران وآلات تصوير وكلاب حراسة وأبراج للجيش.

المستهدف من الاستيطان هو المزارع الفقير والبسيط، وهو مستهدف بالاقتلاع كشجرة زيتونه التي يرويها بدمه وعرقه، وهذا كله بسبب الاستيطان، الذي يكتفى بتحديه ومواجهته منذ 24 عامًا بالمسيرات والمقاومة الشعبية السلمية، «وكفى الله المؤمنين شر القتال». المستوطنون صعدوا من اعتداءاتهم على مزارعي الضفة الغربية مع بداية الموسم الحالي لقطف ثمار الزيتون، وهم لا يتوانون عن المجاهرة بـ«بلطجتهم وزعرنتهم»، وتوسعة مستوطناتهم، بتجريف ونهب المزيد من الأراضي، وحرق وتقطيع أشجار الزيتون بعد سرقة ثمارها، وكل ذلك تحت سمع وبصر جيش الاحتلال، الذي يتدخل فقط في حالة تصدي المزارعين الفلسطينيين للمستوطنين، ليعاقب الفلسطينيين.

المستوطنون المستجلبون من مختلف أصقاع الأرض يشكلون شوكة في حلق الدولة الفلسطينية المنشودة، ويحولون حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق في كل الأوقات، فالاحتلال ومواصلة الاستيطان - خاصة في مناطق «ج» (C)- بنظرهم مريح وغير مكلف ما دام لا يوجد رد عليه، وما دامت حالة الاسترخاء في الضفة مرضية لهم، ويدعون أن تطول وتطول حتى تكتمل مخططاتهم.

من أراد أن يجد ويجتهد ويعمل ويتحدى الاستيطان؛ توجد طرق ووسائل كثيرة للضغط على المستوطنين، من بينها إعادة قراءة وتقويم التجربة السابقة من المقاومة الشعبية السلمية التي استمرت كثيرًا دون جدوى، ولم تنجح بمنع أو طرد، ولو مستوطن واحد من أي بقعة في الضفة الغربية.

المنطق يقول إنه يجب عدم ترك أية وسيلة ضغط على الاحتلال، على أن نجيد استخدامها في الوقت والزمان المناسبين، وحولها توافق وطني، ولا يصح أن يغني كل على ليلاه، فيد واحدة لا تصفق.

ما يقصر عمر الكيان الإسرائيلي هو جعله يدفع غاليًا فاتورة مواصلة احتلاله واستيطانه، وهو ما يستدعي العمل فلسطينيًّا كالجسد الواحد، ضمن برنامج وطني موحد، يراعي الظروف الإقليمية المحيطة ويطوعها لمصلحته بجعل القضية الفلسطينية مركزية لا ثانوية.

ومن أراد العمل بجدية واحتراف؛ فله من دروس التاريخ في مواجهة الشعوب للاحتلال والاستعمار والظلم ما يجعله يختار الأنسب منها ضمن خصوصية الحالة الفلسطينية، فشتان ما بين من يرضى الخنوع والاستسلام، ومن يعد ويتجهز ويعزز قواه الحية، وينطلق باقتدار للبحث عن مكان له في القمة.

الحياة الجديدة في زاوية مقالات وآراء كتب باسم برهوم، مقالاً بعنوان: مرحلة خطيرة تحتاج حسابات دقيقة،جاء فيه:المنطقة التي تقع من شرق البحر المتوسط وحتى أفغانستان، هي اما على أبواب لحظة رسم الخرائط السياسية والجغرافية، أو انها على أبواب مرحلة أشد ضراوة من الحروب والصراعات، مرحلة تحتاج إلى تحالفات وإعلان أحلاف تختلف عما شهدناه حتى الآن.

في كلتا الحالتين، فإن الأشهر القليلة القادمة هي أشهر غاية في الخطورة، والحساسية بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين ولقضيتنا الوطنية.

الخطورة تكمن في أن يتم مرة أخرى شطب الشعب الفلسطيني وفلسطين عن الخارطة الجديدة للمنطقة.

هذا الشطب سيكون أشد خطراً من ذلك الذي تم عام 1948، السبب هو أن الأمة العربية في أزمات متتالية، والنظام الدولي الآخذ بالتشكل هو نظام لا يرحم وبدون أي بُعد أخلاقي.

لذلك علينا قيادة وشعباً وفصائل، أن نتحلى بأقصى درجات اليقظة، وأعلى درجات التحلي بالمسؤولية الوطنية، وأن نحسب بدقة كل كلمة وموقف وخطوة، فأي خطأ قد يكلفنا مصيرنا ووجودنا.

للوهلة الأولى قد نبدو أننا أضعف الحلقات، لكن هذا الانطباع ليس دقيقاً، فإلى جانب إرادتنا الكفاحية التي لم تلين، فإن قوتنا تنبع من حاجة كافة الأطراف والمحاور المتصارعة للورقة الفلسطينية، وأن صراعاً مريراً بين الأطراف يدور بشأنها، لذلك نحن بحاجة للحسابات الدقيقة، لكي لا نكون إما مع الطرف الخاسر، أو مع الطرف الذي يمكن أن يتخلى عنا لحظة إنجاز الصفقات الكبيرة.

بالنسبة لنا، هناك مبدآن أو أساسان ضروريان للعمل ضمنهما في إطار الواقع المشار إليه . المبدأ الأول: أن نعمل من منطلق الغاية تبرر الوسيلة عندما يتعلق الأمر بتلبية المصالح وأهدافنا الوطنية، فالصراع الدائر بين الأطراف لا يدور حول أفكار ومبادئ وأما حول المصالح والثروات.

المبدأ الثاني: ان نأخذ سلفاً ثمن وقوفنا مع هذا الطرف أو ذاك، وألا نعتمد على الوعود المبهمة الشفهية والكتابية منها، والثمن الذي يجب ألا نرضى بأقل منه هو اعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من ‏يونيو وعاصمتها القدس الشرقية، وأن يكون هذا الاعتراف كاملاً بالأمم المتحدة ومن جميع الأطراف وفي مقدمتها إسرائيل، وبعدها يمكن الحديث عن الجداول الزمنية للتنفيذ.

نقول ذلك لأننا نسمع أحاديث متزايدة عن الحل الإقليمي، أو مبادرة أمريكية قريبة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في كلا المسألتين فإنهما تعنيان أننا أمام استراتيجية أمريكية جديدة في الشرق الأوسط تتضمن بناء تحالفات وأحلاف جديدة في المنطقة لحاجات الصراع الدائر، وبهدف حماية المصالح الأمريكية فيها.

واضعو هذه الاستراتيجية من الأمريكيين وغيرهم، يدركون ان لا فرصة لتحالفهم واستراتيجيتهم من النجاح بدون أخذ الشرعية الفلسطينية، والأمر ذاته بالنسبة لمحاور الصراع الأخرى، فهم أيضاً بحاجة للورقة الفلسطينية لتبرير سياساتهم على صعيد الشعبي العربي. لدينا واقع في الساحة الفلسطينية، قد يكون مفيداً، اذا ما تم استثماره من جميع الأطراف من منطلق المصلحة الوطنية أولاً.

فهناك من جهة فصائل فلسطينية ترتبط بالمحور الايراني أو المحور التركي – القطري، ولدينا الرئيس محمود عباس الذي يتصرف بحكمة وذكاء حين نأى بالشعب الفلسطيني وقضيته عن الصراعات والأزمات وعن المحاور، فهو يتحرك بهدوء وروية من أجل تأمين حماية للشعب الفلسطيني ومكتسباته من جهة، ومن أجل تثبيت فلسطين والدولة الفلسطينية على الخارطة الجديدة للشرق الأوسط من جهة أخرى.

كما أن الرئيس الذي ينتظر ما يأتيه من عروض، قد حدد العرض الذي يمكن أن يقبل به الشعب الفلسطيني سلفاً، هو دولة على حدود الرابع من ‏يونيو وعاصمتها القدس، وإيجاد حل عاجل للاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 194، والمبادرة العربية.

إن أهم العناصر في حساباتنا الدقيقة، هي وحدتنا الوطنية الفلسطينية، وأن نكون فلسطينيين، ومصلحتنا الوطنية أولاً، وأن نعرف بدقة أين نكون في لحظة رسم الخرائط .