العرب والعالم

تنظيم «داعش» يلفظ أنفاسه الأخيرة من موقع انطلاقه بالعراق

09 نوفمبر 2017
09 نوفمبر 2017

بعد اجتياحه لأراض واسعة منتصف يونيو 2014 -

بغداد ـ عمان:-

اقتربت القوات العراقية المشتركة التي دعمتها طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من حسم معاركها مع تنظيم «داعش» الإرهابي الذي اجتاح الأراضي العراقية في منتصف يونيو عام 2014، بعد أكثر من ثلاث سنوات من القتال الدموي الذي خلف آلاف الشهداء والأرامل والأيتام.

ولم يتبق الآن لتنظيم «داعش» الإرهابي سواء 2 -3 % من الأراضي التي كان يسيطر عليها في 2014، حيث من المتوقع قريبا انطلاق عمليات تحرير الرمانة شمال قضاء القائم غرب محافظة الأنبار النقطة التي انطلق منها التنظيم المتطرف في العراق نحو محافظات نينوى وكركوك وديالى وصولا إلى أطراف بغداد. وفي مطلع عام 2014 سيطرت عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي على أكثر من نصف مدينة الفلوجة العراقية وأجزاء من مدينة الرمادي التي يسكنها أبناء القبائل السنية بعد حركات احتجاجية معارضة لسياسة رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.

وحركات الاحتجاجات التي انطلقت في المناطق ذات الأغلبية السنية من العراق مثل الرمادي وصلاح الدين والموصل وكركوك وديالى وتبعتها مناطق متفرقة من العاصمة بغداد، حيث طالب المتظاهرون خلالها بإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات في السجون العراقية وإيقاف نهج الحكومة الذي وصفوه بالـ«طائفي» وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانون المساءلة والعدالة من الدستور العراقي وإنشاء إقليم «سني».

بينما تحولت لاحقا المطالب إلى إسقاط النظام الحاكم ذي الأغلبية الشيعية، حيث أعقبت هذه الاحتجاجات اشتباكات مسلحة في المناطق التي حدثت فيها التظاهرات بين قوات الجيش العراقي والشرطة من جهة ومسلحين سنة ينتمون إلى هذه المناطق من جهة أخرى.

تقدم بعدها التنظيم المتطرف في العراق وسوريا إلى المزيد من الأرض المكتسبة واستولوا على أراض واسعة.

وبعد سقوط الموصل التي استعادتها القوات العراقية العام الحالي في العاشر من يونيو 2014م دعت المرجعية الدينية في النجف الأشرف بزعامة الرجل الشيعي علي السيستاني في 13 يونيو من 2014 القادرين على حمل السلاح ومقاتلة «الإرهابيين» إلى التطوع للانخراط في صفوف القوات الأمنية، عقب سيطرة تنظيم «داعش» على مساحات واسعة ومن ضمنها صلاح الدين وديالى وكركوك.

ومنذ تسلم حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية في 9 سبتمبر 2014 خلفا لنوري المالكي عمل على بناء الجيش العراقي وإعادة هيكلته لمواجهة عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي.

وقبل أربعة أيام من تسلم العبادي رئاسة الحكومة أعلنت الولايات المتحدة تشكيل «تحالف أساسي» لمحاربة «داعش» في العراق وسوريا ووضع خطة عسكرية.

وضم التحالف كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا وألمانيا وتركيا بالإضافة إلى إيطاليا وبولندا والدنمارك.

حيث نجح التحالف الدولي في إسناد القوات المشتركة بضرباته الجوية باستعادة الكثير من المدن والمناطق التي سيطرت عليها عصابات داعش الإرهابية، ومن بينها المعاقل الرئيسية للتنظيم الفلوجة حيث تمكنت تلك القوات من استرجاعها بوقت قياسي في العام الماضي، وكذلك مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق، وفر الكثير من النازحين من المدن التي دمرت أثناء العمليات العسكرية لتطهيرها، إلى المناطق التي لم تدر اشتباكات فيها.

وشكلت العمليات العسكرية التي خاضتها القوات العراقية المشتركة حافزا كبيرا للقضاء على جميع عناصرهم المختبئين في الصحراء الغربية، حيث يعمل القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي في الوقت الحالي على القضاء على آخر معاقل عناصر داعش في محافظة الأنبار والوصول إلى مناطق لم تصلها القوات العراقية منذ تغيير النظام السابق في 2003.

وأكد اللواء المتقاعد والخبير الأمني عبدالكريم خلف أن تركيا منعت خلال الأشهر الستة الماضية دخول أكثر من 50 ألف إرهابي من داعش الى الأراضي السورية.

وقال خلف وهو مستشار المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط إن «إمدادات التنظيم من الأشخاص والأسلحة والأعتدة فضلا عن التمويل المالي تراجعت كثيرا خلال الأشهر الماضية من قبل بعض الدول الإقليمية».

مبينا أن «التنظيم انكسر من الناحية العسكرية لسببين مهمين الأول توقف تدفق الإمدادات بالعناصر والثاني قطع التمويل فضلا عن الضربات الجوية».

وبحسب الخبير الأمني فإن «داعش كان يمتلك آبارا نفطية يبيعها عن طريق التهريب وكذلك الآثار المهربة»، موضحا أن «تركيا منعت خلال الأشهر الستة الماضية دخول أكثر من 50 ألف إرهابي من داعش الى الأراضي السورية، وهذا ما جعل التنظيم يتراجع من جميع النواحي وخصوصا العسكرية»، ولفت إلى أن «داعش تراجع بنسبة 3%، وهذه النسبة لا تساعده على الاستمرار بالمعارك أبدا».

وكانت القوات العراقية المشتركة خاضت معارك مع داعش منذ استعادة الموصل، في مناطق أخرى بمدد قياسية نتيجة عمليات فرض الحصار وقطع الإمدادات من قبل تلك القوات، حيث لم تتجاوز معارك تحرير قضاء تلعفر وهو كان آخر معاقل التنظيم المتطرف في محافظة نينوى 10 أيام من إعلان انطلاقها من قبل القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي. وهو الأمر الذي لم يتغير في عمليات أخرى منها عمليات تحرير قضاء الحويجة، المعقل الرئيسي لداعش في محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين بغداد والإقليم، شمال العراق.

وبات التنظيم الإرهابي يلفظ أنفاسه الأخيرة في العراق بعد ثلاث سنوات من المعارك والوحشية التي مارسها بحق العراقيين من مختلف الأديان والمذاهب، حيث سيتم فتح صفحة جديدة تبدأ بإعادة النازحين وإعمار المناطق المحررة، بحسب مراقبين.