1152634
1152634
المنوعات

«الشارقة الدولي للكتاب» يبحث الموروث وتفاوت الاهتمام بالثقافة بين الماضي والحاضر

03 نوفمبر 2017
03 نوفمبر 2017

الجمهور يتعرف على مصادر الثقافة في التراث العربي -

الشارقة: خلود الفزارية -

أقيم عدد من المحاضرات والندوات والجلسات الحوارية ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض الشارقة الدولي للكتاب للدورة الـ 36 في الشارقة حيث استهلت الجلسة الحوارية «الثقافة والتنمية» التي شارك فيها كل من الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة المصري الأسبق، والدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية، وأدارها الإعلامي حسن يعقوب المنصوري أمين عام مجلس الشارقة للإعلام بالإنابة بتعريف الثقافة والتنمية، حيث عرف الدكتور محمد صابر عرب الثقافة بأنها كل أنماط الحياة الإيجابية والمعنية بكافة أنماط الحياة. وحدد الدكتور مصطفى الفقي التنمية بأنها حشد الموارد الطبيعية والبشرية  للارتقاء باقتصاد الدول وزيادة الدخل القومي ودخل الفرد.

وأشار عرب إلى أهمية الثقافة في عملية التنمية بمختلف مجالاتها، حيث إن الدول التي تهتم بالثقافة هي التي لها القدرة على مواكبة  التطور والتقدم وخدمة مجتمعها.

وبين الفقي أن مقومات التنمية الصحيحة للدول ترتكز على عدة عناصر وهي: الخيال واستشراف المستقبل والرؤية الشاملة، موضحاً أن التنمية تحتاج إلى توازن يشمل كافة الأمور، ولا يكفي تطوير الجانب الاقتصادي وإغفال الجوانب الأخرى للتطور والتقدم، وأخذ مثالاً على الدول الدكتاتورية التي وضعت جل همها في تنمية الاقتصاد وأهملت الإنسان، فكانت النتيجة فشل في مشروع التنمية.

وتطرق عرب إلى حادثة حرق المجمع العلمي في جمهورية مصر العربية، وما تركه من أثر كبير على الثقافة في مصر والعالم العربي، كونه يضم كنوزا علمية وثقافية في مختلف المجالات العلوم.

وأكد عرب أهمية الثقافة في مواجهة أفكار الظلام والكراهية، معتبراً الثقافة صمام الأمان لدحر الكراهية والتشدد، داعياً إلى جعل الثقافة والفنون ضمن المنهاج الدراسية، لما لها من أثر بالغ في مواجهة الأفكار الدخيلة.

استعراض سبعين مصدراً تراثياً منوعاً

وشهدت قاعة ملتقى الأدب، محاضرة (مصادر الثقافة العامة في التراث العربي)، بالتعاون مع دائرة الشؤون الإسلامية بدبي ألقاها الدكتور عبد الحكيم الأنيس كبير الباحثين الأول وعضو هيئة كبار العلماء في الدائرة بحضور عدد من المتخصصين والمهتمين في شؤون الفقه والشريعة والتراث العربي والإسلامي وجمهور المعرض.

استهل الأنيس حديثه بتعريف الثقافة منطلقاً من القرآن الكريم، وبكلام بعض كبار العلماء المعروفين في الأوساط التراثية الإسلامية كجلال الدين السيوطي وبدر الدين لزركشي وأبي بكر بن أبي الدنيا، ثم بين مصادر الثقافة العامة، مقسماً إياها إلى ثمانية أنواع تضمنت كتب: المحاضرات، والتذكرات، والموسوعات، وحصاد المجالس، والرحلات، والتعريفات، وما كُتِبَ على ظهور المخطوطات، والمذكرات.

وقد أوجز المحاضر في استعراضه لأمثلة الأنواع المذكورة للكتب بالإشارة إلى ما يزيد عن سبعين كتاباً، مبتدئاً بعناوين المحاضرات منذ القرن الثالث الهجري إلى اليوم، مروراً بكتب «التذكرات»، في القرن السادس والسابع والثامن الهجرية، فالكتب التي اهتمتْ بتقييد الفوائد والمعلومات المتنوعة على ظهور المخطوطات، من القرن السابع، والرابع والخامس عشر، وفي ختام المحاضرة أهدى للحاضرين نُسخاً من كتاب (روضة الناقل ونزهة العاقل) للعلامة أبي الفرج بن الجوزي البغدادي، وهو من تحقيقه، وذلك كأحد كتب الثقافة العامة التي أشار لها في محاضرته.

الموروث الثقافي والصحافة العربية

اتفق الأدباء والكتاب المحاورون في ندوة (المؤلف بين استكشاف الموروث الثقافي واستلهام الصحافة الراهنة) التي عقدت في قاعة ملتقى الكتاب بمعرض الشارقة الدولي للكتاب على أن كل إنسان هو مشروع كتاب في داخله، وأن إخراجه إلى العلن يتوقف على مدى الاستعداد الفطري الذي يلعبه الموروث المحلي والخبرات المتراكمة التي يتقلب فيها الإنسان خلال مختلف أطوار الحياة التي يعيشها، ومنها يتشكل كتابه وبصمته التي لا تتكرر.

وشارك في الندوة كل من الكتّاب عبده خال الفائز بجائزة البوكر للرواية العربية، ومحمد حنيف، وسرفراز منصور، وبيّن خال في مستهل حديثه أن الرواية هي الوعاء الحقيقي لما يدور من تشابكات في المجتمع، وهي وإن كانت لا تبرز إلى السطح بمفهومها الحقيقي، إلا أنها واضحة تمام الوضوح في رؤية الكاتب والروائي، موجهاً نصيحته للكتّاب بعدم الكتابة في حال الرغبة في الشهرة، وإنما عند بلوغها مرحلة (العشق) الذاتي الذي يجتذب القراء بمختلف أنواع الوعي الذي يمتلكونه.

وبين محمد حنيف أن لحياته العسكرية السابقة في القوات الجوية دوراً كبيراً في صقل ثقافته، ودفعه لتسجيل خبراته وتوثيقها في كتاب، مؤكداً أن المهنة لا تقف حاجزاً أمام تحقيق الأمنيات، وأنها ربما كانت عند البعض من علامات الإلهام، في حين يجد آخرون ذلك في البيت، أو في الهوايات، أو حتى في مختلف المواقف الحياتية التي يمرون فيها، «المسألة فقط، متى سأنطلق في تدوين هذه الخبرة، وأنقلها إلى القارئ؟».

وكان للكاتب محمد سرفاز وجهة نظر مشابهة لحنيف، حيث انشغل كثيراً بالتعرف إلى أبيه الميت!، وأقام من أجل ذلك سلسلة من الحوارات الافتراضية معه، ورآها تستحق أن تظهر إلى العلن في كتاب، كما رأى في الحروب والكوارث التي تصيب البشر في هذا العالم من الأسباب الوجيهة في تأليف الكتب، مبيناً أن ذلك متوقف على ما إذا كانت تلك الكتب تتحلى بالأمل، وأن تكون جزءاً من الحقيقة وليست أمراً آخر.

على صعيد متصل، وضمن فعاليات المقهى الثقافي، وضع د. محمد المسعودي خلال الحوار الذي أداره زكريا أحمد عن (ماذا تقدم الصحافة الثقافية العربية؟) العديد من التساؤلات، أبرزها: ما الذي يمنع المجلات الثقافية الحالية من منافسة المجلات الثقافية الماضي برغم ما فيها من تنوع وإبداع؟، مشيراً إلى تأثير اختلاف الوعي بين القراء، وعدم قدرة المثقف العربي في التواصل مع القراء، وشيوع اللغة البصرية، والاختصارات النصية التي فرضتها طبيعة التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي. كيف يمكن للكاتب أن يذهب بعيداً في مقامات التفرّد ويُمعن في تحقيق مراده دون الاصطدام بواقع التكرار وتجاوز السائد، وهل يستطيع الكتّاب الفكاك من هذه الفخاخ وعدم الانجرار وراءها ليصعد بخفّة إلى مرتبة متقدمة من الإبداع تخوّله لأن يترك بصمة استثنائية على جدار الأدب الإنساني؟ وما هي ضرورة المكان للاستجابة الفورية لعامل الحنين وترجمته إلى فرادة أدبية شاسعة؟

هذا ما أرادت ندوة «مقامات التفرد الإبداعي» الإجابة عنه، في ملتقى الأدب، ضمن فعاليات الدورة الـ 36 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث استضافت كلاً من الروائي والشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله، والروائي المصري يوسف رخا، والدكتور الشاعر محمد أبو الفضل بدران، وأدارها الصحفي محمد أبو عرب.

وتطرق الروائي المصري يوسف رخا، في مستهلّ حديثه إلى بداياته الأدبية، حيث وصف الحالة التي عاشها بالتمرّد الأدبي على الواقع الثقافي العام الذي كان يفرض فرضاً على جموع الأدباء والمثقفين معتبراً أن مجمل الإنتاجات الأدبية بأشكالها المختلفة آنذاك كانت توصف بالرواية.

وقال رخا: «سعيت في أعمالي الأدبية لأن أذهب نحو النصوص المفتوحة وبشكل أدقّ أدب المكان، كوني كنت أقوم برحلات قصيرة لكل من بيروت وتونس وغيرها من العواصم العربية، وكنت اكتب نصوصاً عن تلك المدن، حتى اكتشفت أنني في الحقيقة أحوم حول مدينة القاهرة، وأن تلك الرحلات والمقاربات لم تكن سوى تقريباً طفيفاً للمكان وخطوة للأمام تقودني نحو مدينتي». وتابع: «عندما وصلت لهذه المواجهة، اتخذ نسق العمل الأدبي الذي أقوم به شكل الرواية، حيث تسرّب الخيال إلى الكلمات، وبدأت أسرد سيرة المكان، أو على وجه الدقة سيرتي في المكان، وبتصوّري أن ما حصل معي هو أن الشكل الأدبي الذي نبع كان نتيجة التجربة المكانية».

ومن جانبه، أشار الأديب الفلسطيني، صاحب مشروع الملهاة الفلسطينية، إبراهيم نصر الله، إلى أن التفرّد الإبداعي مسألة مركّبة، ويمكن دعوتها بالمعقدة، لافتاً إلى أنها لا تمتلك قاعدة تستطيع أن تحكم من خلالها على أن تلك النصوص أو غيرها بأنها متفرّدة.