صحافة

القدس: 100 عام على وعد بلفور

27 أكتوبر 2017
27 أكتوبر 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب الدكتور محمود أبو عين مقالاً بعنوان: 100 عام على وعد بلفور .. ، جاء فيه:

يتميز صراعنا مع الاحتلال الإسرائيلي بأنه صراع معقد ويطغى عليه شريعة القوة والعدوان ويتسارع مع قوة الحق والقانون. ولا ينبغي علينا أن نغفل صراع الماضي أو نحيده عن صراعنا الحالي والمستقبلي. فها هو وعد بلفور الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور يدخل مائويته الأولى وهو الذي جاء في 2- نوفمبر عام 1917 يأتي هذا العام ليجسد كافة التناقضات، فهو صادر من دولة بريطانيا الانتدابية في حينه لإقامة وطن قومي لليهود على أرضنا التاريخية فلسطين متجاهلين جميعهم الشعب الفلسطيني والحقائق التاريخية والشواهد الدينية والإرث الثقافي التي تؤكد أن الشعب الفلسطيني شعب أصيل يملك على الأرض مقومات الشعوب والدولة المستقلة ذات السيادة، في حين أن اليهود وحسب كل الشواهد التاريخية هم أقلية دينية كما هو حالهم في كل بقاع الأرض.

اليوم، وبعد مرور مائة عام على الوعد المشؤوم ينبغي علينا وعلى الهيئات الدولية والأممية أن تعيد قراءة هذا الوعد خاصة بعد أن حصلت دولة فلسطين على عضوية عضو مراقب في هيئة الأمم المتحدة.

سيدي الرئيس محمود عباس: إننا نؤيد ونثني على ما جاء في خطابك ودعوتك للحكومة البريطانية أن مسؤوليتها التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية لنتائج وعد بلفور، والاعتذار للشعب الفلسطيني لما حل به من نكبات وظلم، وتصحيح هذه الكارثة التاريخية ومعالجة نتائجها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

سيدي الرئيس: إن وعد بلفور لم يأت محض صدفة بل سبقه الكثير من الوعود التي منحت من لا يملك لمن لا يستحق، فقد سبق وعد بلفور وتلاه وعود كثيرة. هناك وعد نابليون لليهود بأن يقيم لهم دولتهم الموعودة في فلسطين إن ساعدوه في حملته العسكرية على الشرق عام 1798، وفي عام 1907 وفي مسعى محموم من بريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لتثبيت نفوذها العالمي صدر تقرير كامبل بنرمان وهو رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، حيث أوصى بتقسيم العالم العربي إلى مشرق ومغرب وإسكان اليهود في الجسر الرابط بينهما، هذا التقرير جاء بعد عشرة أعوام من المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا وقبل عشرة أعوام من وعد بلفور.

سيدي الرئيس: لا ينكر التاريخ ولا الكتب السماوية ومنها التوراة أن الشعب الفلسطيني شعب عريق ومن أقدم شعوب المنطقة، وأن فلسطين مر عليها أقوام متعددة بعضها اختلط في الشعب الفلسطيني الأصلي وأصبح جزءا منه وآخرون كانوا مجرد محتلين أو فاتحين، عمروا لفترات قد تطول أو تقصر: الرومانيون والصليبيون والأتراك والإنجليز، ولكنهم في النهاية تركوا البلاد لأهلها. إن وعد بلفور المشؤوم كان ولا يزال أكبر جريمة سياسية شهدها التاريخ المعاصر و«جريمة ضد الإنسانية» وظلم تاريخي أوقعته قوة استعمارية انتدبت على فلسطين ما شكل مأساة ونكبة وطردا وتهجيرا وهدم مدن وبلدات وقرى لشعب استشهد منه عشرات آلاف ولا زال يقدم التضحيات الجسام حتى يزول الظلم ويزول أطول وأكبر احتلال عرفته البشرية.

سيدي الرئيس، مع اقتراب الذكرى يحيي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات هذه الذكرى الأليمة، ولكن بأسلوب مختلف بعيدا عن البكائيات والمهرجانات. اليوم نحيي الذكرى من نقطة ارتكاز قوتنا بعدالة قضيتنا.

إن ما وصلت إليه المصالحة بتوجيهاتكم الرشيدة تضيف إلى دبلوماسيتكم نجاحا جديدا إذ بالوحدة الفلسطينية يتدفق الدم الفلسطيني الواحد في شرايين الضفة والقدس وقطاع غزة الأمر الذي سيخلق أفقا جديدا واحدا مبنيا على أساس موحد ومشترك سيعمل على دفع مشروعنا التحرري إلى الأمام وفي كل المحافل الدولية والأممية، وبالوحدة الشاملة ستنضوي كل فصائل العمل الوطني والإسلامي في برنامج سياسي واحد وعمل مقاوم مشترك وموحد تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني لأن في الاتحاد قوة. اليوم وفي ظل أجواء المصالحة الأمل يملأ كل نفس فلسطينية بإعادة الحق إلى أهله لأننا الفلسطينيون عرب أقحاح، ونحن من نملك الأرض والتاريخ ونحن من نؤمن بكل مقولة عربية، وقد قالت العرب (ما بضيع حق وراه مطالب) .. حقوقنا جلية وواضحة .. ورغم وعد بلفور ونتائجه الكارثية فإن حقنا في الحياة والعيش على أرضنا ثابت لن يتزحزح ولن يتغير مهما طال الزمن، ورغم سياسات الاحتلال ومخططاته التهويدية والاستيطانية في القدس والضفة الغربية وحصاره لقطاع غزة.