إشراقات

يجب المحافظة على الأموال العامة ولا يجوز التصرف فيها إلا وفقا لأحكام القانون

19 أكتوبر 2017
19 أكتوبر 2017

كل ما خصصته الدولة للمنفعة العامة هو مال عام -

شددت خطبة الجمعة للأسبوع الماضي على التعدي على حرمة المال العام مؤكدة أن للأموال العامة حرمتها، ويجب المحافظة عليها، ولا يجوز التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات إلا وفقا لأحكام القانون. وأوضح الخطباء أن التخلص من أخذ شيء من الأموال بغير حق يثقل ويتعاظم؛ لذلك وجب إبراء الذمـة بضمان ما أتـلف أو اختلس من المال العام، فإن جاروا في عملهم فالله تعالى حسيبهم، والقانون على خطى الشريعة جرم فعـلهم.

وأكد الخطباء أنه لا يصح بأي حال من الأحوال أن يعـتدي أي فرد بأي صورة من صور الاعتداء على المال العام، وليدركوا تماما أنهم إن أفـلتوا من رقابة البشر فأين مهربهم من رب البشر الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وهو السميع البصير، يقول الحق تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

وأكد الخطباء أنه ورد عن خير البرية صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن هذا المال خضرة حلوة، من أصابه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت به نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار»، وفي حديث آخر: «إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة»، وهو كاف في بيان حرمة الاعتداء على الأموال عامتها وخاصـتها على سواء، ووقع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا أهـدى إلى رسول الله غلاما يقال له: مدعم، فبيـنما مدعم يحط رحلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أصابه سهم عائر، فقتله، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلا، والذي نفسي بيده إن الشمـلة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارا»، وما ذلك إلا لأنه اعتدى على مال عام لم تقع به القسـمة، فكان من الخاسرين ولم ينفعه ما سلف له من عمل، وهذا العمل الذي ختم به ذلك الرجل حياته هو الغلول الذي حذر الله تعالى منه في قوله: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، ولما سمع بعض الناس ذلك البيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء رجل بشراك أو شراكين، والشراك سير النعل، فقال صلى الله عليه وسلم: «شراك أو شراكان من نار»، وأعـظم من هذا كله ذلكم البيان المجلجل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحـذير من الغلول عندما قال: «ردوا الخيط والمخيط وإياكم والغلول فإنه عار على أهـله يوم القيامة».

وأكد الخطباء أن التخلص من أخذ شيء من الأموال بغير حق يثقل ويتعاظم إذا كان المالك لذلك المال هو المجـتمع بأسره، ولذلك وجب إبراء الذمـة بضمان ما أتـلف أو اختلس من المال العام، فقد يتعلق ببعضه حق اليتامى والأوقاف ومن لا يملك أمره من الناس، ولا يبيح الواحد لنفسه بأن له حقا في المال العام أن يتناول منه مخـتلسا أو سارقا، فإنما يقدر لك حقك في ذلك المال الجهة الراعية لحفظ المال العام. والقائمون على حفظ المال العام هم المطالبون بوضعه في مواضعه، فإن جاروا في عملهم فالله تعالى حسيبهم، والقانون على خطى الشريعة جرم فعـلهم، وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يتبرأ من كل عامل استعمله فخان في عمله ولم ينصح لله تعالى فيه، فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم المدينة قال: «هذا لكم وهذا أهدي لي»، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وقال: «ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر»، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال: «اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت». وحسب كل مسؤول أو موظف هذا الحديث يضعه أمام ناظريه، ولقد ورد في قانون حماية المال العام: «إن للأموال العامة حرمتها، ويجب المحافظة عليها، ولا يجوز التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات إلا وفقا لأحكام القانون، ولا الحجز عليها ولا التعدي عليها، كما لا يجوز تملكها أو كسب أي حق عيـني عليها بالتقادم»، كما وردت العقوبات التي تلحق المسؤول الذي استغل المال العام في مصالحه الخاصة، بمصادرة ما اكتسبه وإعفائه من منصبه في جميع الأحوال.