1137306
1137306
عمان اليوم

الخليلي: أسباب الإلحاد المكابرة وحب الظهور والاعتداد بالغرب والبعد عن ثقافة القرآن وتأمله

17 أكتوبر 2017
17 أكتوبر 2017

دعا إلى ضرورة الاستبصار بالقرآن والتسلح بالعلم -

أجابت محاضرة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة على ثلاثة أسئلة رئيسية مهمة وجاءت بعنوان «الشباب بين براهين الدين وشبهات الإلحاد» حيث استضافت جامعة السلطان قابوس ممثلة بجماعة الثقافة الإسلامية سماحة الشيخ الخليلي لإلقاء هذه المحاضرة مساء أمس الأول وذلك بالقاعة الكبرى لمركز الجامعة الثقافي.

ماهية الإلحاد

السؤال الأول ارتبط بماهية الإلحاد وعرّفه سماحة الشيخ بالميل والانحراف عن قصد السبيل وذكر أن الإلحاد يكون في المعتقدات والأفكار والأعمال والأخلاق، ثم عدد سماحته مواضع الإلحاد في القرآن الكريم، وهي في ٣ مواضع أولها في الأسماء الحسنى يقول الله تعالى: «وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» ففي ذلك تنقّص وتجاهل قدر الأسماء الحسنى وذكرها بغير إجلال ويُنسب لله ما هو بريء منه جل قدره، وثانيها الإلحاد في آيات الله «إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا» فيعرضون عنها ويغطون على هداها ويصرفون العقول عنها، وأخيرًا الإلحاد الدال على العمل «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» فهنا انتهاك لحرمة البيت كالقتل والشرك وبعضهم ذهب لأبعد من ذلك فكانوا يعتبرون الكلام والمحاورات من الإلحاد فيتجنبون الكلام في الحرم. ثم أردف سماحته بوصف جلال الكون وآيات الله فيه ودلل على وجود الله بالعلم حيث ذكر الجُزئية أو ما تسمى بالكروموسوم، التي هي أصغر نقطة في بحر الخلية فهي من أسرار الله وآياته وما يشد الإنسان إلى الانبهار بعظمة الله، طارحًا سؤالا استنكاريا بكيف يجحد هؤلاء وجود الله؟.ثم انتقل سماحته لبيان أنواع الإلحاد، وهي إنكار اليوم الآخر وأخبار الله والشك في الرسل والأنبياء وتحدي أمر الله بأي وجه كان.

سبب انتشار الإلحاد

وطرح المحاور سؤالا ثانيا، وهو توضيح سبب انتشار الإلحاد في الغرب والعالم الإسلامي وأجاب الشيخ الخليلي بان هذا الأمر بسبب المفاهيم التي لا تتفق مع العقل والعلم، فهناك تناقضات بين ما يعرضه الكتاب المقدس وبين الحقائق العلمية والعقلية، مثلا كتاب التوراة يصف الله بكل صفات النقص والخبل والعجز، وذكر سماحته حوارا دار بينه وبين قِس بريطاني وأُسقف، فكان يسألهما بأن كيف يكون عيسى الإنسان الخادم هو الله وابن الله، فالإنسان يريد ذكرًا من إهمال وحياة من موت، ويريد له خلفا وامتدادا لحياته وقوة لقوته فكيف يمكن أن يكون هو الله؟ فكان جوابهما الوحيد بأن هذا الأمر فوق مستوى العقل، فتفاجأ سماحته بإيمانهما بعقيدة فوق متصور عقولهما، فالعقل هو آلة التمييز بين الحقيقة والوهم. ثم يقارن سماحة الشيخ بين كتابهم وبين القرآن، فالقرآن جاء ليوثّق وحدانية الله، وأنّ الكون وحدة متكاملة فلا يمكن إلا أن يكون صادرًا لمكون وخالق واحد، فتعدد الخالقين ما هو إلا فساد. ثم ذكر سماحته حورًا آخر مع مجموعة من القساوسة يحاورهم بتساؤل يقول فيه إذا كان عيسى هو الله فحملته مريم وأرضعته وقتل وصلب ثم عاش، فعندما كان جنينا من الذي كان يدبّر ويحفظ هذا الكون؟ فكان الجواب: «هذا سؤال فوق مستوى العقول». مجيبًا بهذه الحوارات، عن سبب انتشار الإلحاد في الغرب، بأنه عندما يتأمل أحدهم هذا الكون ويدرس العلوم، لن يجد إجابات، فالدين متعارض مع العلم في منظورهم، فأول من قال بكروية الأرض أُعدم حرقًا بالنار لأنه عارض ما جاء في كتبهم الدينية فيكون لديه خياران إما أن يؤمن بهذا الكون أو ينسف هذا كله. وفي حديث المقارنة بين القرآن والكتب الأخرى، ذكر عالما يُدعى موريس بوكاي وهو طبيب وله صلة بعلم اللاهوت، يتتبع تاريخ التوراة والإنجيل والقرآن فيؤكد أن هذه الكتب متصادمة مع الواقع والكون والقرآن هو الكتاب الوحيد الذي لم تمتد له يد التبديل والتحريف. فهذه الكتب المحرّفة أبعدت الناس عن حقوقهم وعن الله، فهذا بدوره أدّى إلى الإلحاد في الغرب.

وأضاف سماحة الشيخ بأن أسباب الإلحاد في العالم الإسلامي، أولها المكابرة وحب الظهور والاعتداد بالغرب وهذا هو مركب النقص فالعالم الإسلامي انبهر وقلّد الغرب فبهذا سيصل إلى ما وصل إليه الغرب، وثانيا هو البعد عن ثقافة القرآن وتأمله وتدبره فسمح هذا البعد بدخول معتقدات انحرفت بالأمة وطوحت بهم إلى الضلال ومنها يُفرض على الناس أن يعتقد بأن الله يجب أن ينزل من العرش إلى الأرض في الثلث الأخير من الليل، وفي هذا إثبات تغير الله من حال إلى حال -تعالى الله عن ذلك- فكيف يُدرك العقل بنزول الله في السَحَر والليل والنهار يتغيران من قوم إلى قوم أُخَر! وهناك معتقد آخر يوضح تشبيه الخالق بالخلق فيقولون إن الإنسان هو صورة الله، وتشبيه الخلق بالله، فالإنسان لديه القدرة للحفظ والتدبير وتنفيس الكربات والفرح، وهذا باطل .وأكد سماحته بطلان ذلك بقوله تعالى عندما يُخاطب النبي محمدا «قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» فالنبي مُحمد ما خرج عن حدود البشرية ولا دخل في خصائص الألوهية. ويؤكد سماحته بأن لا يُلحد إلا المريض في النفس فقد عميت البصائر فلم تُفد الأبصار.

علاج الإلحاد

وأخيرًا ختم المُحاور الجلسة بطرق علاج مشكلة الإلحاد، حيث أكد سماحة الشيخ بضرورة الاستبصار بالقرآن بحيث يجمع ما بين نصوص القرآن والعلم، وبيّن ذلك بمثال قول الفلاسفة بأن العالم قديم، فهو تدرج وتقلّب إلى أن صار هكذا لوحده، ثم أتت العلوم لتوضّح أن الحرارة الديناميكية تتناقص باستمرار حتى تنتهي للصفر المطلق فينتهي الكون، فيقولون بأنّ الكون له بداية ولكنه من دون خالق فقد حصل تناسق بين ذراته فتكوّن هذا كله، فيدحض سماحته هذا الحديث بقوله إن الإنسان يدرك أن لكل شيء صانعا فلكل جهاز مصنوع صانع، لا يتكون تلقائيا، فكيف بهذا الكون الذي وُجد من لا شيء، بأن يخرج للوجود هكذا!

وكعادة سماحته يؤكد أقواله بحقائق علمية فقد ذكر أن عالم رياضيات اختبر مادة الذرّة، ليبين تكوّنها بذاتها وهي أبسط موجود في الكون، ولكنه تبيّن أنها تحتاج ٣ عناصر لتتكون، فكيف بهذا الكون الواسع جدًا. كما أكد بأهمية نور القرآن لاكتشاف الكون لضبط النفس من أمراض القلوب .

واختتم المحاضرة بمقولة: «عرفكَ المؤمن ولم يرك، وأنكركَ الجاحد ووجوده شاهدٌ على وجودك، كيف تَخفى والشّمسُ بعضُ آياتك ؟ أم كيف تُدرك والروحُ بعضُ أسرارك؟».