صحافة

القدس: المصالحة والمقاومة

13 أكتوبر 2017
13 أكتوبر 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب الدكتور ناجي شراب مقالا بعنوان: المصالحة والمقاومة جاء فيه:

لا تناقض بين المصالحة والمقاومة وسلاحها المحكوم بالشرعية السياسية والدولية. فالعلاقة بينهما علاقة تكاملية عضوية.

المقاومة أحد مكونات المصالحة السياسية الشاملة، والمصالحة الحاضن السياسي للمقاومة. ومحاولة إبراز أن هناك تعارضا وتناقضا بين ملف المقاومة أو سلاح المقاومة والمصالحة يعتبر قفزا على الواقع السياسي الفلسطيني. وهنا لا بد من التأكيد على بعض الملاحظات التي تحكم العلاقة بين المصالحة والمقاومة.

أولا: المصالحة خيار هدفه بناء منظومة سياسية شاملة توفر القوة المادية والدولية للمقاومة، وتوفر لها الحماية القانونية والشرعية، وأما المقاومة فهي مجرد وسيلة هدفها تحقيق نفس الأهداف السياسية للنظام السياسي، فلا تناقض بين الأمرين. ثانيا: حتمية خضوع المقاومة كوسيلة وآلية للقرار السياسي الداعم لها، وهذا يفترض ثالثا أن المقاومة تلتقي مع النظام السياسي كإطار للقرار السياسي وتحديد الخيارات السياسية في أن الهدف هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحرير الأرض، وقيام الدولة الفلسطينية.

وهذا هو أول المرتكزات التي ينبغي أن تقوم عليها العلاقة بين المصالحة والمقاومة أي الالتزام بالأهداف والخيارات وحتى الآليات التي تحددها المصالحة السياسية. ورابع هذه الملاحظات ألا تأتي المقاومة بأي عمل فيه نقيض للشرعية السياسية التي تفرضها المصالحة السياسية بمعنى تنظيم وخضوع سلاح المقاومة للقرار الشرعي. فسلاح المقاومة له أكثر من جانب في هذه العلاقة، فهو المدافع أو الدفاعي، أي الدفاع عن كل ما يهدد السلطة أو النظام السياسي الشرعي من مخاطر التهديد. أي أنه في حالة قيام إسرائيل بالاعتداء العسكري هنا لا يمكن استبعاد استخدام سلاح المقاومة حماية للشرعية السياسية القائمة. وهناك جانب سلمي أي أن تساهم بالحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي وخصوصا في غزة؛ لأن مشكلة العلاقة بين المقاومة والمصالحة السياسية غير قائمة في الضفة الغربية بالمطلق، وأما في غزة فبحكم غياب السلطة بسبب الانقسام نمت المقاومة العسكرية كمظهر من مظاهر قوة الفصائل.

ومن الملاحظات المهمة في تحديد العلاقة دعم المقاومة لخيارات الشرعية الدولية التي تعتمدها السلطة السياسية الواحدة، فليس من المقبول أن تحقق السلطة إنجازا أو تقدما في مجال الشرعية الدولية بأن يتم قبول فلسطين في المنظمات الدولية، ورفع مستوى التمثيل، وتأتي المقاومة بعمل عسكري مسلح يتناقض وهذه التوجهات، وهذا ما قد ساد في مرحلة الانقسام السياسي. فالحرب عندما تقوم في وجود سلطة حكم وحكومة واحدة تختلف تماما في حالة وجود حكومتين تتنازعان الشرعية، فهذا يفقد الحرب الدفاعية التي تقوم بها المقاومة شرعيتها الدولية، ويلحق بالمقامة خسائر كثيرة. وهنا أهمية التزام سلاح المقاومة بالقرار السياسي الذي ينفي عنه أي صفة أو شكل من أشكال الإرهاب. ولعل من المسائل المهمة في العلاقة بين المصالحة والمقاومة أن خيار الانقسام قد عمل على إجهاض أو إضعاف خيار المقاومة، وأنه كان ذريعة لإسرائيل لشن ثلاث حروب على غزة أدت إلى تدمير البنية الأساسية لغزة، وتدمير قدراتها المحدودة، وهو ما قد انعكس بفقدان المقاومة للبنية المجتمعية القوية. وهذه العلاقة بين المقاومة والحرب أفقدت المقاومة قدرا من ماهيتها كحركة مقاومة. ومحاولة إسرائيل لصق صفة الإرهاب عليها، ناهيك عن أن خيار الحرب له انعكاسات سلبية على المقاومة من حيث رفع تكلفة المقاومة من حيث التسلح، وامتلاك أدوات استراتيجية ترقى لمستوى الجيوش. ولذلك فإن خيار الانقسام نقيض للمقاومة، بل يعمل على استنفاد قدراتها المحدودة، وقد يعني من ناحية أخرى تحميل المسؤولية بالكامل لحركة حماس.

والعكس تماما في حالة المصالحة فالمسؤولية تتحول لحكومة لها صفة شرعية ومعترف بها، ومن مسؤولياتها الدفاع عن خيار المقاومة.

وقد يثير البعض تساؤلات حول ما تريده الحكومة من مقاومة، والطبيعة العسكرية للمقاومة، وأن الحكومة تؤيد خيار المقاومة السلمية وليس العسكرية.

وهذه الإشكالية حلها يكمن أولا في تبعية قرار المقاومة العسكري للقرار السياسي الشرعي الذي تتشارك فيه حركة حماس أيضا وبقية الفصائل من خلال نظام سياسي ومؤسسات سياسية تشاركية تساهم فيها كل القوى والفصائل عبر عملية انتخابات ديمقراطية.

ومن ناحية أخرى الحفاظ على سلاح المقاومة وتحديد وظيفته وآليات استخدامه بما يخدم القرار السياسي، والالتزام بأحكام وقرارات الشرعية الدولية التي تحكم العمل المسلح، والابتعاد عن كل الأشكال المناقضة لهذه الشرعية، وبهذه الآلية يمكن الحفاظ على سلاح المقاومة الذي يرتبط استمراره باستمرار الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية، وبعدها يمكن أن يتحول لنواة جيش وطني دفاعي.

وفي المرحلة الانتقالية يمكن تشكيل مجلس أمن أعلى تشارك فيه المقاومة للتنسيق والتوفيق بين قراراتها والقرارات السياسية.