Oman Daily K O
Oman Daily K O
كلمة عمان

العرب والحاجة إلى روح أكتوبر

10 أكتوبر 2017
10 أكتوبر 2017

بالرغم من مرور أربعة وأربعين عاما على حرب أكتوبر عام 1973 المجيدة ، التي كانت بمثابة نقطة تحول في أحداث المنطقة وتطوراتها، والتي وضعت نهاية لما صاحب هزيمة يونيو عام 1967 من مشاعر ونتائج واهتزاز للثقة في قدرات المواطن العربي ، فإن هذه الحرب المجيدة ، التي خاضها الجيشان المصري والسوري ، بمشاركة وحدات عسكرية من دول عربية أخرى ، وبدعم اقتصادي وسياسي من دول الخليج العربية والدول العربية بوجه عام ، تظل مبعث اعتزاز وفخر ، ومصدر إلهام على الصعيد العربي العام ، فضلا عما حملته ، وما ارتبط بها من دروس مستفادة ، كثيرة ومتنوعة ، ليس فقط على الصعيد العسكري ، بمفهومه المباشر ، ولكن أيضا على الأصعدة السياسية والاستراتيجية ، وعلى صعيد العلاقات العربية بشكل خاص كذلك .

وفي حين أثبتت حرب أكتوبر عام 1973 ، قدرة المواطن والمقاتل العربي، قائدا وضابطا وجنديا، ومخططا ومقاتلا صعب المراس ، وعلى نحو أحدث مفاجأة مذهلة لكل القيادات الإسرائيلية ، عسكرية وسياسية وعلى كل المستويات ، فإن هذه الحرب التي تم خلالها استعادة الكرامة العربية ، واستعادة الثقة في قدرة العرب على الفعل ، وعلى التخطيط والإعداد وصولا إلى النصر ، بل على عبور أوسع حاجز مائي ، وقهر أقوى مانع عسكري حصين منذ الحرب العالمية الثانية ، ونعني به خط بارليف ونقاطه الحصينة الممتدة بطول قناة السويس – نحو 180 كيلو مترا – وبحاجزه الترابي السميك والمرتفع عموديا على الشاطئ الشرقي لقناة السويس وبارتفاع عدة أمتار ، فإن هذه الحرب المجيدة أثبتت أيضا قدرة العرب على التعاون والتنسيق وتجاوز الخلافات ، وحشد الطاقات الجماعية المتنوعة ، عسكرية واقتصادية ونفطية وإعلامية وسياسية ، لتحقيق الهدف المشترك الذي تلتقي عليه كل الدول العربية ، والذي يحقق أيضا مصالحها جميعها. ومن هذا المنطلق ، وفي ظل ما يحمله شهر أكتوبر وذكرى عبور قناة السويس ، من مواقف وصور تبعث على اعتزاز كل العرب ، فإنه ليس من المبالغة في شيء القول إن الأوضاع العربية الراهنة ، وما تموج به المنطقة من خلافات ، ومشاحنات ومواجهات وحروب ، يتقاتل فيها الأشقاء ، هذه الأوضاع المأساوية تفرض بالفعل أهمية وضرورة استدعاء خبرة حرب أكتوبر عام 1973 ، وما صاحبها ، وتم خلالها من قدرة عربية على تحقيق الالتقاء والتوافق والتنسيق بين مختلف الدول الشقيقة ، ليس فقط للوقوف مع مصر وسوريا ، ومساندتهما عسكريا واقتصاديا ونفطيا ، ولكن أيضا للتوافق عربيا حول ما ينبغي عمله والقيام به لخدمة المصالح العربية الجماعية ، فما أحوجنا الآن إلى استعادة هذه الروح العربية الأصيلة ، والعمل وبذل الجهود الخيرة من أجل تجاوز الخلافات، والتمهيد لإيجاد الأجواء الملائمة لاستعادة التقارب والتضامن والالتقاء بين الأشقاء ، وذلك عبر الحوار الإيجابي ، الذي يستهدف مصلحة الدول والشعوب العربية ، اليوم وغدا ، وهذا هدف ومصلحة جماعية يستحقان، بل و يقتضيان تعاون وإسهام كل الأشقاء معا للعمل بحسن نية وبشكل جاد ، لاستعادة التضامن والوفاق العربي ، الذي دفعت وتدفع دول وشعوب المنطقة ثمنا فادحا لفشلها في تحقيقه ، ويكفي ما حدث حتى الآن ولنتجه نحو ما يعود علينا جميعا بالخير على الأسس والمبادئ المتفق عليها عربيا ودوليا أيضا .