العرب والعالم

انتعاش النزعات القومية في البلقان بعد استفتاء كاتالونيا

10 أكتوبر 2017
10 أكتوبر 2017

بلغراد - (أ ف ب): أنعشت التطلعات الاستقلالية في كاتالونيا القوى القومية في البلقان التي وجدت في هذه النزعة دروسا بناءة لهذه المنطقة الهشة والمقسمة من اوروبا. ومنذ استفتاء الاول من اكتوبر في كاتالونيا، بدأ الجميع من البان جنوب صربيا الى صرب او كروات البوسنة إلى منطقة فويفودين ذات الحكم الحكم الذاتي في صربيا، يطرح سؤال «لماذا لا نفعل نحن ايضا ذلك؟»،.

وفي نوفي ساد كبرى مدن فويفودين شمال صربيا كتب على الجدران «فوفودين = كاتالونيا». وقرب كاتدرائية موستار (جنوب البوسنة) التي يتقاسمها كروات وبوسنيون طلي علم «هرسك بوسنة» (كيان اعلنه من جانب واحد كروات البوسنة أثناء الحرب)، بألوان علم كاتالونيا مع عبارة «حظا سعيدا، سنكون اللاحقين»، بحسب وسائل إعلام محلية. وفي بلغراد نددت السلطات الصربية بسياسة «الكيل بمكيالين» التي ترى ان الاتحاد الاوروبي يعتمدها برفضه استقلال كاتالونيا لكنه في المقابل يعترف باستقلال كوسوفو الذي اعلن في 2008.

ولا تزال صربيا تعتبر كوسوفو اقليمها السابق الذي يشكل الالبان 90 بالمئة من سكانه، تابعا لها. وقال رئيس صربيا الكسندر فوسيتش «كيف صادقتم على استقلال كوسوفو بدون استفتاء حتى؟ كيف شرعت 22 دولة عضو (التي اعترفت باستقلال كوسوفو) انفصالا ينتهك القانون الاوروبي الذي هو اساس سياسة الاتحاد الاوروبي؟». وكان الكسندر فوسيتش اثناء الحرب في كوسوفو بين جيش بلغراد واستقلاليي كوسوفو الالبان في 1998-1999 (13 الف قتيل)، وزيرا للإعلام في عهد الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش رافع راية «صربيا الكبرى». ثم اتجه الى الوسط وهو يفاوض لانضمام بلاده الى الاتحاد الاوروبي. وساندت حكومته بلا لبس مدريد احدى العواصم الاوروبية الخمس التي لا تعترف باستقلال كوسوفو. لكن ما يشغل بلغراد خصوصا هو جغرافيتها السياسية. ففي الجنوب لديها البان بريسيفو وبوسنيو منطقو السنجق وفويفودين وبلدياتها العشرين. وزار رئيس رابطة الاشتراكيين الديموقراطيين في فويفودين نيناد كاناك الذي يطالب بحكم ذاتي اكبر، برشلونة في اكتوبر. لكن فويفودين ليست ما يثير قلق فلوريان بيبر الخبير في البلقان بجامعة غراز في النمسا الذي يرى ان هذه المنطقة لديها «بالتاكيد هوية لكنها لا تملك حركة استقلال قوية» و»لا تميز ثقافي» كاف. لكن الامر مختلف في وادي بريسيفو المحاذي لكوسوفو حيث السكان الـ 75 الفا جميعهم تقريبا من الالبان. فـ»التميز الثقافي» فيها يتحول إلى عداء مفتوحا. في 2001 وقعت مواجهات بين جيش صربيا ومتمردين البان. ثم عاد الهدوء لكن حلم الانضمام الى كوسوفو لم يتلاشى. وايد زعيم الحركة من اجل التقدم الديموقراطي في هذه المنطقة يونس مسلم علنا استفتاء كاتالونيا.

وقال ان مثل هذا الاقتراع الذي كان نظم في 1992 «في وادي بريسيفو هو ايضا شرعي».

والبوسنة منطقة حساسة ايضا. فالصرب فيها (اقل بقليل من ثلث ال 3,5 ملايين بوسني) مجتمعون في كيانهم «الجمهورية الصربية». وبعد عشرين عاما على حرب اتنية طائفية اوقعت نحو مئة الف قتيل، يبقى ولاؤهم لبلغراد وليس لسراييفو. ولوح قائد صرب البوسنة ميلوراد دوديك مرارا بتنظيم استفتاء انفصال. وقال بعد استفتاء كاتالونيا «لعله آن اوان بدء الحديث بعقلانية عن انفصال سلمي عن البوسنة». واعتبر فلوريان بيبر انه «من البديهي انه في حال نجحوا (دعاة استقلال كاتالونيا)، فان ذلك سيشجع .. ميلوراد دوديك على المضي في هدفه». ويمكن ان يمنح ذلك دفعا ل 120 الف صربي في شمال كوسوفو. ففي شوارع ميتروفيتسا الشمالية يرفرف علم صربيا وترفع صور الكسندر فوسيتش في كل مكان.

وتحدث وزير الخارجية الصربي صيف 2017 علنا عن «انفصال او اي اسم يطلق على ذلك» لهذه المنطقة التي يقطنها صرب. لكن بيبر ذكر بان المجتمع الدولي لا يعترف بدول جديدة الا في «ظروف استثنائية»، من «قمع مكثف» و»حركة استقلال قوية وعنيفة»، والامر كان كذلك في يوغوسلافيا السابق في تسعينات القرن الماضي.

واضاف ان «كاتالونيا لا تندرج ضمن اي من هذه الحالات، ومثلها جمهورية صرب البوسنة وشمال كوسوفو».