أفكار وآراء

سوق العقار الخليجي... بين الواقع والتطلعات

30 سبتمبر 2017
30 سبتمبر 2017

د. محمد رياض حمزة -

mrhamza1010@gmail .com -

كان ولا يزال وسيبقى سوق العقار في دول الخليج العربية، في نموه أو ركوده أو تراجعه، مرتبطا بالموارد المالية المتحققة لدول الخليج من صادرات النفط والغاز. فدول الخليج العربية جميعا دول ريعية المورد تعتمد في إنفاقها العام على صناعة النفط والغاز.

فانهيار أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 تسبب في تراجع الإنفاق العام لعدد من دول الخليج العربية.

وبما أن جملة أنشطة الاقتصاد الكلي لدول الخليج العربية وقعت في الركود وبعضها انكمشت فكان لابد أن يشمل الركود ثم الانكماش السوق العقارية.

كذلك فإن أنشطة السوق العقارية في دول الخليج العربية مرتبطة بسوق العمل الذي تمثل القوى العاملة الوافدة نسبة تتراوح بين 50% إلى 80% في بعضها. وإن القطاع الخاص الخليجي هو المشغل الأكبر للوافدين فإن حركة السوق العقارية تشييدا وبيعا وشراء وتأجيرا يتأثر كل منها بمتغير مختلف. إذ لم تتوقف حركة التشييد في الدول الخليجية كافة، وإن اختلفت نسبة نمو هذا القطاع من دولة لأخرى. ففي كل من قطر والإمارات تواصل التشييد ينمو بنسب تصاعدية عالية. قد تصل إلى 10% تقديرا (لم أجد مصدرا يوثق نسبة نمو التشييد). وأقل من تلك النسبة في كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والكويت والبحرين.

نتج عن ذلك تكدس العقارات السكنية التجارية فطغى العرض على الطلب. ولم تتراجع أسعار العقارات بيعا وشراء وتأجيرا إلاّ قليلا. وذلك يؤشر ضعف الخبرة في تجارة العقار. فملاك العقارات السكنية يفضلون الانتظار وتحسن السوق على بيعها بربح أقل أو ببدل تأجير أقل.

ـــــــ ففي المملكة العربية السعودية قدر عقاريون حجم التراجع في أسعار العقارات خلال 2016 إلى منتصف 2017 بنحو 15% - 30% مع إمكانية حدوث تراجع إضافي خلال الفترة المقبلة. وأن الهبوط الحاصل في الأسعار بمثابة حركة تصحيحية لإعادة الأمور لوضعها الطبيعي. وتسعى وزارة الإسكان في المملكة لخفض القيمة السوقية للمنتجات العقارية بهدف توازن العرض والطلب. وتوقع العديد من المتابعين بتواصل حركة التصحيح حتى نهاية العام الحالي، وأن التحول الإيجابي في القطاع العقاري سيبدأ مع بداية 2018 كما توقعوا استمرار الانخفاض مع نهاية العام الحالي ليصل إلى حدود 600 - 700 ريال للمتر الواحد. وتؤكد حالة الاختلال التي تشهدها سوق العقار في المملكة إنه لا يزال المعروض العقاري يفوق الطلب.

ففي شهر أغسطس 2017 أغلقت تداولات سوق العقار بانخفاض سنوي قياسي في إجمالي قيمة صفقاتها تجاوزت نسبته 40%، لتتراجع قيمة الصفقات لأدنى من مستوى 14.8 مليار ريال، بحسب ما أظهره تقرير صادر عن صحيفة الاقتصادية السعودية. وشمل الانخفاض السنوي للصفقات كلا من القطاعين السكني والتجاري، حيث انخفض القطاع السكني بأكثر من 34% ليستقر عند نحو 10 مليارات ريال، فيما اقتربت نسبة انخفاض القطاع التجاري من 50% أدنى من مستوى 4.8 مليار ريال. وأظهر التقرير تراجع إجمالي صفقات السوق العقارية خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري على أساس سنوي بأكثر من 29%، لتستقر عند 137 مليار ريال.

ــــــ وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تباين أداء سوق العقار من إمارة لأخرى. إذ كشفت تقرير لـ «بيوت. كوم» أن سوق العقار في الإمارات حققت نوعاً من التوازن، على رغم أن أسعار البيع والتأجير في كلّ من دبي وأبو ظبي شهدت انخفاضاً طفيفا ومع ذلك فإن السوق ما زالت تجتذب المستثمرين. ويلاحظ أنه في نهاية النصف الأول من 2017، تراجع متوسط أسعار الإيجار في جميع أنواع العقارات. وفي سوق المبيعات، سجل معدّل متوسط أسعار العقارات في النصف الأول من 2017 تراجعاً بنسبة 7% بالمقارنة مع النصف الثاني 2016. وتتفق البيانات التي جمعها موقع «بيوت.كوم» مع التوقعات العامة والاتجاهات التي توقعت انخفاض الأسعار في أبوظبي 2017.

ويشير تقرير «بيوت.كوم» إلى أن متوسط أسعار العقارات في أبوظبي شهد تراجعات محدودة بنسب مئوية متفاوتة. ورغم الانخفاض في أسعار العقارات، حافظ التراجع في أسعار الإيجارات على استقرار دائم فيما يتعلق بالعائد على الاستثمار.

ـــــــ وفي دولة الكويت تأكد أن سوق العقار في حالة ركود، إذ قال متخصصون إن من المتوقع أن يشهد السوق العقاري الكويتي تحسنا، إن تم اعتماد معايير تقييم عالمية. غير أن معايير التقييم العالمية لا تأخذ بنظر الاعتبار خصوصية دولة الكويت محدودية الأرض والواقع الديموغرافي. فطالب عدد من مقيّمي العقار بضرورة البدء في انتهاج أسلوب التقييم العقاري الذي يقوم على أسس علمية وواقعية.

ولعل تقرير بنك الكويت الدولي عن أداء السوق العقارية في الكويت بالربع الثاني من عام 2017.، والذي رصد ارتفاع مبيعات السوق العقاري خلال الربع الثاني من عام 2017 بنسبة 3.5% مقارنة بمبيعات الربع السابق، حيث بلغت مبيعات العقار الإجمالية (عقود ووكالات) نحو 695 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 672 مليون دينار في الربع الثاني من عام 2016، كما جاءت المبيعات أعلى بنحو 5% من مستوياتها خلال الربع المقابل من العام الماضي. فيما استمر مؤشر عدد الصفقات الكلية المسجلة بالسوق في الارتفاع للربع الثالث على التوالي ليبلغ 1533 صفقة، ليسجل هذا المؤشر ارتفاعا بنسبة 10% على أساس ربعي وبأكثر من 20% مقارنة بعدد الصفقات المنفذة خلال الربع المقابل من العام الماضي.

وأوضح عقاريون أن المشهد العام في السوق يشير إلى تحقيق قفزات محدودة مصحوبة بنتائج إيجابية متوسطة شبه ملموسة، بعكس التوقعات والتقديرات التي تنبأت بأن يتم تسجيل مزيد من انهيارات أو فقاعات في السوق في ظل التحديات التي يشهدها القطاع العقاري في الآونة الأخيرة .

وقال عقاريون إن القطاع العقاري الكويتي مر بالكثير من التحديات المتسارعة، في مقدمتها: تذبذب قيم السيولة المتداولة ، وعدم استقرار الطلب العقاري على المشاريع التجارية والاستثمارية. وتراجع إيرادات العقار الاستثماري مع انخفاض نسبة الإشغال. والمخاوف المتزايدة من فرض المزيد من الرسوم على قطاع الخدمات.

والتمويل العقاري واجه العديد من التحديات المتعلقة بالضمانات وليس بأسعار الفائدة.

وتباين في حجم العجوزات المسجلة على الموازنة العامة وخطط الإنفاق القادمة وأولوياتها.

ــــــ وفي دولة قطر أكدت مؤسسة «ريسيرش آند ماركتس» العالمية للأبحاث، أن سوق العقارات في قطر سينتعش ويشهد نمواً كبيراً خلال السنوات الخمس المقبلة بفضل جهود التسويق الإلكتروني.

جاء ذلك في البحث الذي أجرته مؤسسة «ريسيرش آند ماركتس» وحمل عنوان: «توقعات سوق العقارات في قطر 2021. وتوقعت المؤسسة استمرار النمو القوي لقطاع العقار. وأضافت إن الجهود التي تبذلها الدوحة لتنويع الاقتصاد؛ عبر دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومشاريع تطوير البنية الأساسية ، سيكون لها مردود إيجابي جداً على نمو الاقتصاد، وبصفة خاصة على سوق العقار. وإن سوق قطر العقاري سيشهد انتعاشاً في التأجير والمبيعات على حدٍّ سواء، وسيتوسّع في قطاع العقارات السكنية والتجارية والتجزئة والفنادق. وعن أنواع العقارات الأكثر توفراً في قطر، أكد البحث أن هناك فللاً وشققاً ومجمعات سكنية وأبراجاً وقصوراً، وغيرها من أنواع العقار، التي تثري القطاع العقاري القطري، وتقدّم خيارات متنوّعة للمستثمرين الراغبين في ضخّ أموالهم واستثماراتهم في الدوحة.

ــــــ وفي مملكة البحرين لايزال سوق العقار في المملكة أقرب إلى الركود إذ أثرت الأسعار المتدنية للنفط على أنشطة العقار ، على الرغم من تحقيق بعض التعافي خلال 2016 . ومع الشروع بتنفيذ مشاريع جديدة ارتفع العرض وهبط الطلب بنسبة 20%. مما أجبر شركات الاستثمار العقاري على إعادة النظر في التوسع في سوق راكدة. وساهمت

صعوبة تطبيق القوانين العقارية بغبن بعض المستثمرين فقامت الحكومة بإصدار مجموعة من القوانين المنظمة للسوق لضمان حقوق المشترين والمستثمرين العقاريين ودفع ثقة المستثمرين في السوق البحريني.

وبقيت مشاريع التطوير العقاري المتعثرة تمثل عبئا كبيرا على الاقتصاد الوطني في المملكة، وعلى الرغم من ذلك، فإن الخطوات الجادة التي تواصل الحكومة اتخاذها سيكون له تأثير إيجابي وسيؤدي إلى تنشيط سوق العقار وجذب المستثمرين. .

ـــــ وفي السلطنة ومع بقاء أسعار النفط سببا مباشرا في ركود سوق العقار إلاّ أن حركة التشييد تواصلت خلال السنوات الثلاث الماضية . وتحديدا في الوحدات السكنية. وبالرغم اعتبار توالي ارتفاع عدد الوحدات السكنية المعروضة للبيع أو الإيجار أكبر بكثير من الطلب فإن أسعارها تراجعت قليلاث وبقي المستثمرون ينتظرون عودة أنشطة تداول العقارات كما كانت قبل عقد من الزمن.