أفكار وآراء

إفلاس الشركات والتمويل المصرفي

30 أغسطس 2017
30 أغسطس 2017

د.عبد القادر ورسمه غالب -

Email: [email protected] -

تقوم البنوك بتقديم القروض والتسهيلات المالية للشركات للتمكين من انسياب الأعمال بدون توقف. وهناك إجراءات عديدة تقوم بها البنوك لضمان استرداد الأموال والتسهيلات الممنوحة للشركات. ومعظم الشركات تستمر بنجاح، ولكن في ظل الظروف الاقتصادية الحالية تأثر أداء الشركات والأعمال التجارية المرتبطة. وهذا بدوره، أثر سلبا علي العلاقة التعاقدية بين البنوك والشركات التي تضعضعت أحوالها المالية لدرجة لا تمكنها من الوفاء بالتزاماتها مع البنوك.

وبسبب هذا توقفت بعض الشركات عن الوفاء بالتزاماتها عند حلول الوقت. وكقاعدة قانونية عامة، يتم إشهار إفلاس الشركات عند الفشل والتوقف عن سداد الديون التجارية، وبالنسبة لطلبات إشهار إفلاس الشركات، نلاحظ زيادتها كثيرا في الآونة الأخيرة. وفيما يتعلق بصلاحيات المحاكم وتعاملها مع الإفلاس فمن المستحسن أن نشير إلى أنه يجوز لها، في بعض الحالات، سواء من تلقاء نفسها أو بناء علي طلب الشركة أن تؤجل إشهار إفلاس الشركة لمدة معينة محددة خاصة إذا كان من المحتمل دعم المركز المالي للشركة أو إذا اقتضت ذلك مصلحة الاقتصاد القومي.

وفي مثل هذه الظروف فإن الفرصة قد تكون متوفرة للحكومات للتدخل من أجل دعم الشركات والعمل علي محاولة إنقاذها من الظروف الصعبة التي قد تحدث لأي سبب. في حالات عديدة، تدخلت الحكومات لدعم البنوك المتعثرة حتى لا يتم إشهار إفلاسها لأن في هذا أضرارا جسيمة علي الاقتصاد الوطني والمودعين وخلافهم.

ومن الجدير بالذكر أنه لمعالجة هذه الورطة قامت العديد من الدول باتخاذ خطوات جريئة وأصدرت تشريعات حديثة خاصة بتنظيم أوضاع وأمور إشهار إفلاس الشركات «التفليسة». ونرى ضرورة الاستفادة من هذه التشريعات وصياغة القوانين المحلية للإيفاء بنفس الغرض، وذلك للأهمية القصوى. ووفق هذه التشريعات فإنه يجوز للشركات التي تتعرض لظروف ضاغطة وخاصة بها، أن تتقدم بما يفيد ذلك للجهات المختصة لتمكينها من النظر في الموضوع من الناحية الموضوعية والعامة لتحقيق المصلحة العامة.

ووفق الضوابط هناك «لجنة» خاصة للنظر في الطلبات. وفور قبول اللجنة لطلب الشركة تقوم بتعيين ممثل مستقل، يتم اختياره من جدول خبراء معد لذلك الغرض، وذلك لتقديم المساعدة الفنية للشركة. وهذا الممثل يجب أن يكون خبيرا مستقلا يتمتع بالخبرة والكفاءة في مجال إعادة الهيكلة المالية والإفلاس ومهمته المساعدة في التوصل لاتفاق الشركة المدينة مع الدائنين لتسهيل استمرارية الأعمال بينهما. وإجراءات إعادة التنظيم المالي تبدأ من تاريخ تعيين الممثل المستقل مع العلم أن التعيين يكون لمدة محددة. ويجوز للشركة أن تطلب تغيير هذا الممثل إذا لم يبرهن مقدراته الفنية المستقلة، أو في حالة أن وجوده سيؤدي إلى الإضرار بمصلحتها.

يجب على الممثل أن يقوم بمساعدة الشركة في تحسن وضعها مع العمل الجاد للتوصل لاتفاق ودي بين المدين والدائنين الرئيسيين لتمكين الشركة من الخروج من أزماتها وتقديم اقتراحات للمحافظة على الأعمال القائمة بما في ذلك الإبقاء على الموظفين. ووفق القانون، فإن تعيين الممثل المستقل يجب ألا يؤثر على قدرة الشركة المدينة على متابعة إدارة أعمالها كما لا يجوز له التدخل في إدارة الشركة ما لم يحصل على موافقة مسبقة، ولا يجوز له إقالة أو منع المدين من مباشرة واجباته ومزاولة أعماله. وتستمر إجراءات إعادة التنظيم المالي لتحقيق أهدافها على أن يتم رفع تقارير دورية للجنة..

وقد يتم وقف الإجراءات في حالات معينة خاصة إذا توصل الممثل المستقل إلى أنه من المستبعد التوصل إلى اتفاق بين الأطراف، وفي هذه الحالة عليه أن يقدم تقريرا إلى اللجنة لإصدار قرار إنهاء الإجراءات، وتأمر اللجنة بذلك في حالة موافقتها على توصية الممثل. وكما يحق للمدين أن يطلب إنهاء الإجراءات في حالة تيقنه من زوال الصعوبات المالية الحالية أو المتوقعة. و تتوقف الإجراءات تلقائيا عند انتهاء مدة تعيين الممثل أو قبله إذا تم التوصل إلى اتفاق يتعلق بإعادة التنظيم المالي بين المدين ودائنيه، أو قد يكون انتهاء الإجراءات إلزاميا بشكل تلقائي خاصة إذا بدأ المدين في مباشرة إجراءات الصلح الواقي من الإفلاس أو إجراءات إشهار الإفلاس في أي وقت.

هذا البديل الذي يقدم حلا جديدا، ساعد الكثير من الشركات في تجاوز الصعوبات المالية بفضل المساعدة في المفاوضات والمعونات الفنية التي يوفرها القانون للشركات. ومن هذا تتمكن الشركة من تجاوز الكبوات والعثرات الطارئة لمعاودة السير في الطريق الصحيح مع حصول الجميع على حقوقهم، وهكذا تتواصل الأعمال التجارية ويتقدم اقتصاد الدول ويستفيد المجتمع. ولنعمل على تطوير تشريعاتنا المالية لسد الفجوات التي تعيق العمل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الجميع بدون فرز. إن هذا الإجراء، من دون شك، سيساعد البنوك في استرداد الديون من الشركات قبل اشهار الافلاس مما يتيح للبنوك الاستمرار في دعم الشركات وتقديم المساعدات. ووضع الأسس التشريعية المتينة لتقوية العلاقة واستمرارها بين البنوك والشركات، سيعود بفوائد عديدة تعم الجميع..