أفكار وآراء

حسابات دمشق .. في مرحلة شديدة الخطورة

29 أغسطس 2017
29 أغسطس 2017

بشير عبد الفتاح -

,, أكد الأسد أن توقف التدخل الخارجي في الأزمة السورية سيكون كفيلا بإنهاء الحرب في غضون بضعة أشهر، خصوصا في ظل ما وصفه بـ «وحدة المجتمع السوري في مواجهة الإرهاب» على حد قوله ,,

على خلاف توقعات الخبراء الاستراتيجيين الدوليين التى تكاد تجمع على أن نهاية الحرب المستعرة فى سوريا منذ عام 2011، والتي أودت بحياة مئات الآلاف وشردت الملايين، وحولت غالبية أقاليم سوريا إلى أطلال ومدن أشباح ، ليست وشيكة أو قريبة في الأمد المنظور، فقد خرجت من العاصمة السورية دمشق وخاصة من جانب أركان ورموز الدولة السورية خلال الأيام القليلة المنقضية، مؤشرات متواترة عن التبشير بقرب نهاية تلك الحرب الضروس ، على نحو يبعث الآمال بتمهيد السبيل لانقشاع واحدة من أبشع المآسي التي عرفتها الإنسانية منذ أفول الحرب العالمية الثانية .

فمن جهتها، رصدت بثينة شعبان، المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية، مؤشرات ثلاثة اعتبرتها إرهاصات، لا تخطئها العين لقرب انتهاء ما أسمته «الحرب على سوريا» والتى ارتأت - شعبان - أنها غيرت المنطقة والإقليم برمته توطئة لتقويض وحدة سوريا وإهدار الحق الفلسطيني، كما ستحدد - من وجهة نظرها - مصير العالم بعدما أظهرت تراجع قوة الغرب وهيمنته من جهة، مقابل صعود نفوذ روسيا والصين والهند والبرازيل وإيران من جهة أخرى،على حد قولها.

أما أول هذه المؤشرات،فتمثل في استئناف دمشق تنظيم واستضافة المعارض الدولية بعد انقطاع، حيث اعتبرت « بثينة شعبان» أن عودة معرض دمشق الدولي ومعرض دمشق للكتاب للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل ست سنوات خلت، وما شهدته تلك المعارض من إقبال دولي لافت ، إنما يدل على أن الحرب المستمرة على سوريا قد انتهت ، أو بسبيلها إلى ذلك ،كما يبعث برسالة بليغة وموحية إلى القاصي والداني، مفادها أن مرحلة إعادة إعمار سوريا قد بدأت، وأن «الانعطافة تحققت»، لتمهد بدورها السبيل نحو «مشروع تنموي اقتصادي سياسي إقليمي نفخر به وتفخر به أجيال المستقبل»، فلقد رأت «شعبان» في رفع أعلام 43 دولة بمعرض دمشق الدولي، فضلا عن المشاركة المصرية اللافتة فيه، علاوة على زيارات الوزراء اللبنانيين ومشاركتهم في معرض دمشق الدولي، رغم العقوبات، لهي بمثابة نقلة نوعية تؤشر لأفول حقبة الحرب على سوريا . ونقلت وكالة «سانا»السورية الرسمية للأنباء عن شعبان قولها «إن عودة معرض دمشق الدولي ومعرض الكتاب تشكل هزيمة ساحقة للمشروع الغربي التآمري ضد سوريا» .

وأما ثاني المؤشرات، فتجلى في توقف الدعم الخارجي للمعارضة السورية المسلحة، حيث ترى « شعبان» في وقف الدول الأجنبية دعمها لقوات المعارضة السورية المسلحة ، في الوقت الذي تعهدت الحكومة السورية بمواجهة أي قوات غير شرعية على الأراضي السورية ، إيذانا بأفول المواجهات العسكرية التي تشهدها البلاد منذ سنوات، إذ سيتسنى لجيش الأسد وداعميه المتمثلين في إيران وروسيا وحزب الله وغيرها من الميليشيات الأخرى ، حسم المعارك لمصلحتهم بعدما يفقد المعارضون المسلحون إمدادات الدعم بالمال والسلاح والمقاتلين. وشددت مستشارة الأسد على أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة بنيويا على خوض المعركة التي كانت تخوضها سابقا في سوريا، وأن قرارها إيقاف ضخ المال للمعارضة السورية ،علاوة على التنسيق مع روسيا بشأن مناطق خفض التوتر ،إنما يعكس رغبة واشنطن في إيجاد نهاية للحرب في سوريا.

وفي تصريحات المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، وضعت «بثينة شعبان» يدها على المؤشر الثالث، فقد لمست - شعبان- في تصريحات المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا «ستيفان دي ميستورا» ،والتي تحدث فيها عما اعتبره «بداية تحولات نوعية» في مسار الأزمة السورية قريبا، بشارات لاقتراب نهاية المعارك، حيث أكدت - شعبان - أن هذه التحولات ،التي أشار إليها - دي ميستورا - «حاصلة فعلا»، منذ أن نجح جيش الأسد وحلفاؤه في استرداد مدينة حلب نهاية العام الماضي، على حد قولها. وفيما يخص التسويات السياسية التي ستعقب انتهاء العمليات العسكرية خلال الشهرين القادمين، فقد اعتبرت «شعبان» أنها ترمى إلى إعادة الحسابات بعد أن تأكد للجميع صمود جيش الأسد ونجاحه في دحر الإرهاب ، حسب وصفها، مشددة على أنه لن يكون هناك أي اتفاق بشأن مستقبل سوريا إلا بموافقة الحكومة السورية، ملوحة بأن خصوم الحرب اليوم قد يصبحون حلفاء سياسيين غدا».

وبدوره،مضى الرئيس السوري بشار الأسد هو الآخر على درب التبشير بأفول الحرب المستعرة في سوريا، مستندا إلى نظرية الأداء العسكري وتوازن القوى على الأرض بين الأطراف المتنازعة. فإبان حفل إفطار أقامه في دمشق ودعا إليه مجموعة من رجال الدين ورجال الأعمال والفنانين السوريين، توقع الأسد أن تنتهي تلك الحرب في غضون أشهر. وفي حوار له مع محطة «فينيكس» الصينية مؤخرا، أكد الأسد أن توقف التدخل الخارجي في الأزمة السورية سيكون كفيلا بإنهاء الحرب في غضون بضعة أشهر، خصوصا في ظل ما وصفه «وحدة المجتمع السوري في مواجهة الإرهاب» على حد قوله.

وفي السياق ذاته، وبعدما أعلن وزير الخارجية المصري أن الحل السلمي في سوريا بات قريباً وأن كافة الدول أضحت مقتنعة بهذا الأمر، ومنها أمريكا وروسيا وأوروبا وتركيا ودول الخليج العربية ، أكد مصدر دبلوماسي مصري أن الأسد أبلغ أطرافا دولية بأن نهاية الحرب السورية باتت وشيكة ،إذ لم يعد أمام جيشه سوى معركتين فاصلتين، هما معركة الرقة ودير الزور، ومعركة إدلب ، وبعدها تكون الحرب شبه منتهية لأن داعش ستكون قد انهارت كلياً في سوريا، وكذا جبهة النصرة في إدلب.

وبعدما وصف « فهد الفريج» وزير الدفاع السوري ونائب القائد العام لجيش الأسد، في تصريح للتلفزيون الرسمي السوري، المكاسب التي حققها الجيش بالقرب من الحدود اللبنانية مؤخرا ، بأنها «معجزة عسكرية ضخمة»،لم يتردد الأسد في الإشادة بأداء جيشه، مشيرا إلى أنه في دمشق من الفرقة الرابعة الى الحرس الجمهوري إلى قوات النخبة اكتشفت الأنفاق بمسافة كيلومتر ونصف حول دمشق، وأن الفرقة الرابعة تتقدم يوميا في ريف دمشق ، وقد نظفت وادي بردى، وهي على وشك إنهاء موضوع الغوطة الشرقية سلميا أو عسكريا، كما تسنى للجيش السيطرة على منطقتي الغابون ودرعا،على حد زعمه.

وفي مسعى منه لتحدي معارضيه واستفزاز رافضيه داخل بلاده وخارجها، أكد أنه سيمضي في طريقين متوازيين عقب انتهاء الحرب مباشرة، أولهما طريق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وثانيهما طريق إعادة إعمار البلاد، معلنا أن مؤتمرا دوليا برعاية روسيا ومشاركة دول أوروبية والولايات المتحدة وغيرها، سينعقد لحشد التمويل المطلوب لعملية إعادة الإعمار، كما سيشارك البنك الدولي في جهود التمويل، وستكون هناك منح مالية ستقدمها دول العالم في هذا المجال، إضافة الى رأس المال السوري القادر على ضخ أموال في عملية إعادة إعمار سوريا، واعتبر الأسد أن عدم وجود أية ديون خارجية على سوريا لأية دولة في العالم، يعزز من قدرتها على إعادة إعمار مدنها وقراها التي خربتها الحرب بعد الانتهاء من ضرب داعش وجبهة النصرة وجيش الشام. لكن الأسد استبعد أن تشارك الدول الأعضاء بالتحالف الدولي في عملية إعادة إعمار سوريا.

ولم يستبعد الأسد استمرار بعض الأحداث الإرهابية العابرة لمدة أشهر أو سنوات، من تفجيرات أو عمليات انتحارية ،عقب انتهاء الحرب في سوريا،لكنه يرى أن هذه الأحداث ستكون محدودة وسيكون بمقدور الأمن السوري السيطرة عليها بشدة وبأس، لافتا إلى أن الجيش الروسي سيرفع عدده وعتاده في سوريا وسيكون منتشرا في قاعدة حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس، كما في ريف حمص وحماه ودير الزور حتى الحدود التركية، وان القوات التركية ستنسحب عاجلا أم آجلا من سوريا.